بقلم الأستاذ بولبابه سالم تشير آخر استطلاعات الرأي التي قامت بها مؤسسات أجنبية مؤخرا أن سليم الرياحي و حزبه الإتحاد الوطني الحر بصدد تحقيق امتداد اجتماعي لافت في تونس خلال الفترة الأخيرة . ما يؤكد هذا الأمر هو حملة التشويه الكبيرة التي يتعرض لها هذه الأيام السيد سليم الرياحي من صفحات الفيسبوك النهضوية و الندائية على السواء إضافة إلى تركيز وسائل الإعلام هذه الفترة على شخصية رئيس الإتحاد الوطني الحر و تحليل مواقفه و خطاباته بالدراسة و التحليل . عندما تشن صفحات الفيسبوك التابعة لحزبي النهضة و نداء تونس حملات لاستهداف طرف سياسي فهو دليل على أنه أصبح منافسا جديا , و هذه الصفحات لا تتصرف تلقائيا بل تأتيها الأوامر و التعليمات لذلك الصنيع . عندما نتأمّل الفئات الاجتماعية التي أصبحت منحازة إلى سليم الرياحي و حزبه نلاحظ تعاطفا واضحا صلب الأحياء الشعبية و المناطق الداخلية التي خاب أملها من الطبقة السياسية الحالية التي غرقت في الصراعات الإيديولوجية العبثية . يرى هؤلاء أن مشاغلهم الحقيقية في التنمية و التشغيل غابت في زحمة صراع نخب الأبراج العاجية و يرون في رجل الأعمال الشاب سليم الرياحي أملا في تحقيق تطلعاتهم . ما يلاحظ في الظهور الإعلامي للسيد سليم الرياحي هو حديثه عن المشاريع الضخمة التي يريد انجازها و عزمه على تحويل تونس إلى منطقة جذب للاستثمار العالمي عبر تعبئة آلاف المليارات من الداخل و الخارج بحكم تنوع علاقاته الاقتصادية , كما لم يسقط الرجل في حمى الصراعات الإيديولوجية . للشباب التونسي طموحات كبرى لأنه يحب الحياة و يريد رفاهية العيش و يرى في سليم الرياحي نموذجا للشاب الناجح الذي استطاع تكوين ثروة ضخمة و أصبح منافسا لكبار رؤوس الأموال في العالم , لن نتحدّث عن حملات التشويه المتعلقة بمصادر ثروته ممن لم يأتوا بدليل واحد لإدانته بل هي مجرد اتهامات لها خلفيات سياسية , و المصيبة أن هؤلاء بما فيهم من كانوا في السلطة أهملوا الأموال التي سرقها بن علي و الطرابلسية و بقوا يبحثون عن مصادر أموال سليم الرياحي , من المؤسف أننا في بلد يحسد فيه الناجح و يحتقر فيه الفقير , فتونس بلد التّنبير بامتياز . لقد أصبح التونسيون اليوم أكثر نضجا في الاختيار , و بعد انتخابات 23 أكتوبر التي طغت عليها الحماسة الثورية و التاريخ النضالي فقد اكتشف التونسيون أن الشعارات الرنانة و الوعود بالتنمية و التشغيل بقيت حبرا على ورق , لذلك سيكون الاختيار في الموعد الانتخابي القادم لمن يعتبروه قادرا على تنفيذ وعوده الانتخابية . التونسيون يرفضون الخطاب المتطرف و يرفضون منطق الاقصاء و الاستئصال الذي يذكّرهم بمحنة التسعينات الرهيبة و لا يساومون على الهوية العربية الإسلامية لتونس فكل من أراد التشكيك فيها لفظه الصندوق الانتخابي , و من الصعب أن يقبلوا أيضا بعودة النظام القديم الذين ثاروا عليه فمن تربى في حضن الدكتاتورية لا يمكن أن يحافظ على مكتسبات الحرية و الديمقراطية التي سالت من أجلها دماء الشهداء . لقد بدا الاتحاد الوطني الحر حزبا براغماتيا منحازا إلى هوية البلاد يتحدث بلغة الاقتصاد و القضاء على الفقر , و تونس تحتاج إلى قوة سياسية جديدة و خيار ثالث قوي لتحقيق التوازن المنشود . نرجو أن يكون التنافس بين الأحزاب على البرامج التي تخدم الشعب التونسي لا أن تكون برامج بعض الأحزاب بث التخويف و الاشاعات و تشويه المنافسين السياسيين لأن من يمارس هذا الخطاب لم يستوعب دروس انتخابات 23 أكتوبر 2011 . نحتاج إلى قدر من الأخلاق السياسية و احترام المنافسين السياسيين , فتونس تتسع للجميع .