شكل الموقف المرن الذي أدلى به زعيم الحزب الجمهوري الأستاذ أحمد نجيب الشابي مساء الأربعاء 13 فيفري منعرجا جديدا وتطورا لافتا في سياق السجال الجاري حول طبيعة الحكومة الجديدة التي يعتزم رئيس الحكومة إعلانها، والذي جاء ساعات قليلة من تصريحات مهمة أدلى بها رئيس حزب نداء تونس الذي دافع عن حركة النهضة ونبه إلى مخاطر انقسامها مؤكدا أن اتهامها باغتيال شكري بلعيد باطل وغير مسؤول. الشابي دعا إلى ضرورة إيجاد "مخرج" لمبادرة حكومة التكنوقراط، مؤكدا أنّه لا بد من التعاطي الإيجابي مع موقف حركة النهضة والسعي لإيجاد توافق يراعي رفض هذه الحركة لحكومة الكفاءات وتمسكها بحكومة مختلطة بين هؤلاء والسياسيين. وأشاد الشابي بحركة النهضة مؤكدا موقعها المركزي في البلاد وفي العملية السياسية. موقف أحمد نجيب الشابي بحسب متابعين لم يأت من فراغ ويراه عديدون تفاعلا سياسيا ذكيا مع تطورات الوضع في البلاد والتي تدفع إلى انقسامات واستقطابات جديدة حزبية وسياسية ولا تحقق التوافق الوطني الذي أصبح العنوان الأبرز لمرحلة قادمة فيها تجاوز المأزق وإخراج الحياة السياسية من المطب الذي وقعت فيه. وعلى عكس ما يتبادر إلى البعض فإنّ مساعي رئيس الحكومة بالحصول على دعم خارجي لمبادرته في طريقها إلى الفشل نظرا إلى عدم تحمس عدة جهات داخلية وخارجية لإبعاد حركة النهضة من الحكم لما فيه ليس فقط من مظلومية للحزب الأغلبي في الانتخابات السابقة بل أيضاً لما ينطوي عليه من مخاطر تحجيم الدور السياسي والشعبي لأكبر القوى السياسية الموجودة اليوم في البلاد مصادر مطلعة على فحوى اللقاءات التي أجراها رئيس الحكومة وقادة سياسيون من الائتلاف الحاكم ومن المعارضة مع السفراء وممثلي الاتحاد الأوروبي والإدارة الأمريكية أكدوا لوكالة "بناء نيوز" أنّ الموقف الدولي بات موحدا إزاء عدم الترحيب بحل يقصي رؤية وتصور حركة النهضة وأساسا رئيسها الأستاذ راشد الغنوشي، بمعنى رفض حكومة التكنوقراط والدعوة إلى إيجاد توافق واسع يدعم العمل الحكومي مستقبلا في اتجاه إنهاء متطلبات المرحلة الانتقالية والوصول بالبلاد الى مرحلة الحكم الدائم والمستقر. وعلمت وكالة "بناء نيوز" أنّ السؤال المحوري في لقاءات رئيس الحكومة مع السفراء وممثلي الاتحاد الأوروبي والإدارة الأمريكية كان بالأساس الاستفسار عن موقف حركة النهضة ورئيسها الأستاذ راشد الغنوشي من مبادرة حكومة التكنوقراط إلى جانب التمسك بدعم المؤسسات الشرعية في البلاد والتعهد بمواصلة الوقوف المبدئي والواضح مع تجربة الانتقال الديمقراطي التي دخلتها تونس منذ انتخابات 23 أكتوبر 2011. كل المؤشرات بدأت تتجه إلى فشل مبادرة حكومة التكنوقراط في مقابل تعزز مواقف الداعين إلى حكومة كفاءات مدعومة بائتلاف سياسي واسع يضمن لها النجاح والقدرة على تجاوز صعوبات المرحلة السابقة، هذا إلى جانب مؤشرات أخرى لرؤية مشهد سياسي جديد خلال الساعات القليلة القادمة خاصة بعد البيان الصادر عن اجتماع حركة النهضة والمؤتمر وحركة وفاء وكتلة الحرية والكرامة والذي تقدم خطوات في اتجاه التوافق حول صيغة لحكومة مختلطة ورفض لحكومة التكنوقراط.