انطلقت أشغال الجلسة العامة بالمجلس الوطني التأسيسي والتي خصصت لدراسة الوضع العام بالبلاد والعنف السياسي بحضور 155 نائبا من جملة 217 نائبا، وذلك بعد تأخر في عقدها بحوالي ساعتين بسبب عدم اكتمال النصاب. وقد أعلن رئيس الجلسة مصطفى بن جعفر في بداية الجلسة عن انضمام النائبين شكري العرفاوي وسعد بوعيش إلى كتلة الحرية والكرامة. وقد طالب النائب صالح شعيب بحضور الحكومة ورئيسها ورئيس الجمهورية باعتبار أن هذه الجلسة وموضوعها خطير وليست حصة "فرغ قلبك"، من جانبه اقترح النائب هشام حسني جدول أعمال الجلسة التي يجب أن تخرج بتوصيات للحكومة للخروج من العنف السياسي. من جهته قال النائب محمد العلوش إنّه يجب أخذ قرارات وإلزام الحكومة والوزراء بها لأن المجلس هو السلطة الشرعية ويجب الخروج بسلطة تقريرية محملا رئيس المجلس مسؤولية ذلك. من ناحيته أكّد النائب عن حركة الوطنيين الديمقراطيين منجي الرحوي على ضرورة أن يتحمل المجلس مسؤوليته كاملة وجعل الجلسة العامّة جلسة تقريرية مفتوحة بجدول أعمال وفيها نقاط واضحة. واقترح الرحوي التطرق إلى ثلاث نقاط خلال الجلسة وهي الحديث في عملية اغتيال الشهيد شكري بلعيد وعلاقتها بالعنف واتخاذ موقف واضح حول ظاهرة العنف، ثانيا اعتبر الرحوي أنّ المجلس فقد الكثير من مصداقيته وشرعيته أصبحت ضعيفة لذلك يجب التحاور في مهمة المجلس وعلاقته في ما تبقى من المرحلة الانتقالية، و ثالثا التطرق إلى التحوير الحكومي ويجب أن يأخذ المجلس قرارات منها. وفي إطار الانطلاق في النقاش العام خلال الجلسة قال النائب رمضان دغمان إنّ "الأوضاع الحرجة التي تمر بها البلاد على جميع الأصعدة هي من صنع أعداء الثورة ومن أزلام النظام البائد الذين رفضهم الشعب في الانتخابات وهي محاولة لافتكاك شرعية الشعب والالتفاف على الثورة وإرباك هياكل الدولة والدعوة للتناحر والاقتتال وهناك أشخاص من داخل المجلس داسوا عليه وحاولوا افتكاك شرعيته"، وفق تقديره. واعتبر دغمان أنّ السلطة الوحيدة المخوّل لها النظر في مسألة تركيبة الحكومة وهو الذي نوبه الشعب للنظر في أمره، مشيرا أنّ ما قام به الجبالي يعدّ سابقة خطيرة تعود إلى عهد الدكتاتورية، مؤكدا أنّ التمسك بحكومة تكنوقراط دون الرجوع للمجلس هو أمر مرفوض. واستنكر النائب رمضان دغمان تجاوز السلطة الشرعية بتكوين مجلس حكماء دون الرجوع للمؤسسة الشرعية وهي المجلس التأسيسي، معتبرا أنّ هذا التصرف أحادي الجانب يمثل سابقة خطيرة وهو مرفوض تماما، واضار أنّ الشعب التونسي ناضج وسوف لن ينطلي عليه هذا الخداع. من ناحية أخرى قال النائب عن الكتلة الديمقراطية علي بالشريفة إنّه من الضروري ارجاع الشرعية وبعث رسالة طمأنة للشعب مؤكدا أنّ الشرعية الوحيدة هي المجلس وأنّ هذا التأكيد لا يجب أن يكون ضد مبادرة الجبالي لأنّ مصلحة تونس أهمّ من كل شيء وأنّ المطلوب هو حكومة كفاءات. وفي سياق متصل أكّد النائب عن كتلة المستقلين الأحرار حسني البدري أنّ اغتيال شكري بلعيد محاولة لاغتيال تونس والكلمة الحرة ومن حاولوا التطاول على الشرعية اخطأوا الهدف لأن الشعب اختار الشرعية. واعتبر بدري أنّ كل شرعية خارج القبة هي محاولة لإثارة الفتنة وهي من باب المزايدات، وأنّ أيّ مبادرات أحادية لن تنجح بأي حال من الأحوال، لذلك يجب تكوين حكومة توافق يتواجد فيها المستقل والسياسيين من داخل المجلس. وطالب حسني بدري الحكومة بالعمل على استتباب الأمن وتحسين صورة تونس في الخارج ودعم التنمية بالمناطق المحرومة التي انطلقت منها الثورة. واعتبر النائب محمد العلوش أنّ المهم أن توضع مقومات النجاح لهذه الحكومة المرتقبة ويجب أن يكون لها سند سياسي داخل المجلس وسند جماهيري من المجتمع المدني تضمنه المنظمات الفاعلة في المجتمع كالاتحاد العام التونسي للشغل الذي أصبح الآن غائبا عن الحكم ويجب أن يعود له الدور في الحكم وكل الجمعيات الحقوقية التي ناضلت وساهمت في الثورة. واقترح العلوش أن يتم تثمين مبادرة الاتحاد بالدعوة إلى حوار وطني ولابد من جمع كل الأحزاب الممثلة في هذا المجلس ولو بعضو واحد ودعوة الاتحاد والمنظمات الحقوقية واتحاد الصناعة والتجارة، ولابد أن ينتج عنه حكومة المهم أن يكون لها سياسية واضحة وبرنامج وخارطة طريق واضحة. من جانبه قال النائب المستقل صالح شعيب إنّ التحالف هو سبب الأزمة أي الترويكا التي لم تتحالف على برنامج اجتماعي واقتصادي بل تحالفت على توزيع الحقائب الوزارية على حدّ قوله، منتقدا عدم تنفيذ أي برنامج اج تماعي واقتصادي لا طويل المدى ولا قصير المدى، بل كان همها الوحيد افتكاك السلطة والبقاء فيها. واستنكر شعيب طريقة عمل الإعلاميين الذين يكتفون بتمرير تدخلات نواب معينين ولا يغطوا أشغال المجلس كما يجب، بل يكتفون بإعطاء صورة سيئة عن تدخلات النواب. وطالب شعيب بضبط رزنامة دقيقة للانتخابات التشريعية والرئاسية حتى لا نكون في حاجة لتغيير الوزراء، مقترحا تغيير بعضها على غرار وزارات الداخلية والعدل والخارجية لأنها لم تؤد واجبها، على حدّ قوله. من جهته أكّد النائب هشام حسني أنّ المجلس قصّر في أداء واجباته في مراقبة الحكومة، منتقدا عدم حل روابط حماية الثورة وفشل الحكومة الحزبية في إدارة شؤون البلاد، داعيا إلى عقد مؤتمر وطني للإنقاذ وتكوين حكومة كفاءات وطنية مستقلة بعيدا عن الشخصيات الحزبية التي أضرت بالبلاد. واعتبر حسني أنّ مبادرة الجبالي منقوصة ما لم تكن صادرة عن مؤتمر للحوار الوطني أو تفعيل مبادرة الاتحاد، مطالبا بالإسراع في إحداث هيئات الانتخابات والإعلام والقضاء في غضون هذين الشهرين والدعوة لانتخابات خلال شهر نوفمبر أو أكتوبر القادم على أقصى تقدير. وفي نفس السياق دعا رئيس كتلة حركة النهضة الصحبي عتيق إلى الوقوف وقفة حازمة من قبل كل الأحزاب والكتل حتى لا يقع العصف بالتجربة الديمقراطية والوحدة الوطنية، وإفشال خطة ضرب الأمن والشرعية واستدعاء الأطراف الأجنبية. واستنكر عتيق بعض التصريحات والاتهامات اللاّمسؤولة، معتبرا أن عملية اغتيال بلعيد لم تكن ضربة للجبهة الشعبية بل ضربة بدرجة أولى للحكومة والنهضة وتونس كلها. وقال عتيق إنّها ليست لحظة للمزايدة بالشرعية وبالدماء، وموضوع التمسك بالشرعية هو التمسّك بإرادة الشعب التي أثبتها في صناديق الاقتراع. وعبّر رئيس كتلة حركة النهضة عن رفضه مبادر الجبالي المتمثلة في تكوين حكومة تكنوقراط، معتبرا أنّ هذه الحكومة تأتي بعد انقلاب عسكري لإدارة شؤون البلاد أو بعد ثورة، مشيرا أنّ هذا الأمر حسم من خلال الانتخابات واختيرت الحكومة.