* بعد فشلها في فرض شروطها على الحوار الوطني: جبهة الإنقاذ تُعلن الحرب على الدولة
واصلت المعارضة المتجمّعة في ما سمّي بجبهة الانقاذ تحرّكها لتنفيذ مخطّطها الانقلابي ، هذا التحرّك الّذي بات موزّعا على أكثر من هدف ومرّ من هدف اخراج الخصم والغريم السياسي الاصعب أي حركة النهضة من الحكم إلى مرحلة أخطر باستهداف مؤسّسات الدولة وارباكها واحداث البلبلة وسطها. سعت جبهة الإنقاذ بكامل جهودها ومناوراتها وتهديداتها باغتيالات سياسيّة جديدة وحمامات دم (تصريحات حمة الهمامي وأحمد الصدّيق) وتجييشها للشارع إلى فرض شروطها وتقطيع أوصال المسار الانتقالي وتفكيك لبناته الرئيسيّة الممثلّة في الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي ولكن يبدو أنّها خابت في مسعاها هذا بعد قبول حركة النهضة مبادرة اتحاد الشغل كأرضيّة للحوار الوطني وعدم تحمّس عدد من السياسيّين المعارضين البارزين مع دعوات الفوضى وأحداث فراغ دستوري وقانوني في البلاد لمخاطر ذلك التوجّه على استقرار الاوضاع وعلى فرص إتمام ما بقي من مراحل الانتقال الديمقراطي. - التكنوقراط والمخطّط الانقلابي منذ حوالي شهر وتحديدا مباشرة اثر اغتيال الفقيد محمّد براهمي كشفت جبهة الإنقاذ عن مخطّطها السياسي الانقلابي الذي يروم تغيير المشهد السياسي وقلبه رأسا على عقب بطرد النهضة وشركائها من الحكم وتولية تكنوقراط ادارة شؤون البلاد ولجنة خبراء لإتمام مشروع الدستور الجديد ، وتحرّك "الانقاذيّون" في سبيل الضغط على المنظمات الوطنيّة وبالخصوص اتحاد الشغل ليكون كاسحة لفرض هذا الخيار الانقلابي لكن الاتحاد راجع مواقعه تدريجيّا في اتجاه أن يكون طرفا باحثا عن توافقات بين الفرقاء السياسيّين وشيئا فشئيا أصبحنا نرى بداية تصدّع للعلاقة بين اتحاد الشغل وجبهة الإنقاذ خاصة في ظلّ ما تمّ تسريبه من مناوشات كلاميّة بين الأمين العام لاتحاد الشغل الحسين العباسي وزعيم الانقلابيين حمّة الهمامي. ما سمّي زورا وبُهتانا بجبهة الإنقاذ بعد فشل خطّتها الاولى في الانقلاب والانقضاض على السلطة تُفصح اليوم عن شيء أخطر من طرد النهضة وشركائها من الحكم في حركة أشبه ما يكون بالانتقام والارتماء في أنفاق المجهول عبر الدعوات الصريحة لضرب مؤسّسات الدولة وتنشيط حركة إعلاميّة وسياسيّة على غاية من الخطورة تهدف إلى رفع نسق التشكيك في وحدة المؤسستين الامنيّة والعسكريّة وتسريب كمّ هائل من الإشاعات والأكاذيب في محاولة للمسّ من معنويات الجيش وقوات الأمن والشرطة في وقت يتصاعد فيه خطر الإرهاب وفي وقت يستلزمُ في الاثل تعميم الروح الوطنيّة والوقوف غير المشروط خلف هاتين المؤسستين المركزيتين. - حركات مماثلة وفشل ذريع لقد شاهدنا مباشرة اثر قيام الثورة حركات مماثلة لما يتمّ تفعيله اليوم من خطط ومؤامرات لإدخال الفوضى داخل مؤسستي الأمن والعسكر ، ورأينا جميعا كيف أنّ تلك الحركات حينها قد أضرّت كثيرا بالشأن الأمني والعسكري وأفقدت البلاد لا فقط العديد من الكفاءات والطاقات والكوادر الامنيّة بل أيضاً خسارة منظومات أمنيّة واستخباراتيّة كانت تقف حاجزا أمام انتهاك حرمة البلاد وإمام استفحال ظاهرة الإرهاب والتشدّد والتطرّف. الغريب أنّ نفس الأطراف التي كانت تقود مسيرات وتظاهرات ضرب أركان الدولة في الأشهر التي أعقبت قيام الثورة وحتّى خلال فترة الوزير الأوّل الباجي قائد السبسي هي نفسها التي تقود اليوم معركة الإطاحة بالدولة التونسيّة ومؤسّساتها عبر إشاعة الفوضى ونوايا التخريب وتعطيل المصالح العموميّة والاداريّة في وقت حسّاس جدّا وفي فترة تتطلّب مزيد تحفيز الأعوان العموميين وإطارات الدولة للعمل والاجتهاد وتوفير كلّ الظروف والمناخات الملائمة لهم للإنتاج والانتاجيّة. عبر حملة ارحل الّتي تُطلقها جبهة الإنقاذ بداية من اليوم ستتحرّك معاول الهدم والتخريب في مختلف جهات البلاد لطرد مسؤولي الدولة وممثليها واطاراتها وكوادرها العليا بتعلّة تطهيرها من التعيينات الحزبيّة والقائمة على الولاءات ، وعلى الرغم من أنّ العقلاء نبّهوا إلى خطورة هذه الحركة لما تنطوي عليه من خطر حقيقي وتأجيج للأوضاع في اتجاه العنف والفوضى في لحظة تاريخية صعبة وفاصلة تستدعي كأولويّة مطلقة الحكمة والتعقّل والتوجّه رأسا إلى طاولة الحوار الوطني على أرضيّة المبادرة التي تقدّم بها الاتحاد العام التونسي للشغل . خسارة سابقة وأخرى لاحقة !! لقد خسر دُعاة تفكيك الدولة معركتهم السابقة والتي امتدّت لأسابيع طويلة عقب الثورة إذ أكّدت مؤسسات الدولة الامنيّة والعسكريّة والاداريّة أيضاً صلابتها في وجه السهام والمؤمرات الدنيئة وأمكن لها أن تصل بالبلاد إلى برّ الأمان بتنظيم انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وفرض وحدة وتجانس داخلها أبعد شبح انهيار الدولة. وعلى الرغم من إفشال تلك المؤامرات التخريبيّة وتسليم السلطة بشكل مدني حضاري فإنّ نفس المجموعات واصلت عملها في إثارة الإشاعات والأكاذيب حول التعيينات والتسميات في الإدارة ، إذ لم تسلم حتّى الترقيات والنقل الاعتياديّة في مختلف مؤسسات الدولة من الانتقاد والتجريح ، وحمّل التخريبيّون إطارات عليا للدولة ما ليس فيهم ولاحقوهم بالاتهامات الباطلة والاراجيف في محاولة منهم لإحداث الفتنة وتفكيك أوصال الدولة وتسهيل مهمّة الانقضاض على السلطة. وها أنّ نفس أولئك التخريبيّون وبنفس الاليات والوسائل الاعلامية والتحريضيّة وتحت غطاء كاذب (الإنقاذ) يتحرّكون على الميدان ويُعاودون الكرّة علّهم يُحقّقون مبتغاهم في ضرب أركان الدولة وتفكيك مؤسّساتها بدعاو زائفة وكاذبة من المؤكّد أنّها ستلقى الصّد من العقلاء من سياسيين ونقابيين ومن عامّة الشعب الذي وعلى الرغم من ما يعيشه من ظروف صعبة فهو واع بمخاطر الفراغ والتخريب وتفكيك أوصال الدولة. لقد وجّه الباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس أمس صفعة قويّة لحركة الترحيل برفضه الحضور إلى باردو وتفصّيه ممّا أشاعته أوساط إعلاميّة قريبة من الجبهة الشعبيّة واليسار عموما عن مشاركة منتظرة له في إطلاق أسبوع طرد الولاة والمعتمدين ومسؤولي الدولة ، ومن المؤكّد أنّ الجميع ينتظر من كلّ القوى الحيّة والفاعلة والمؤمنة بهيبة الدولة ووحدتها حتى في حال ضعفها وعلى رأس هؤلاء الاتحاد العام التونسي للشغل المدعو أكثر من غير للخروج عن صمته وإعلان الانفكاك عن مؤامرة خسيسة تستهدف تفكيك الدولة وإحلال الفوضى في البلاد لتحقيق غايات سياسيّة وحزبيّة ضيّقة عجز الجهد السياسي والتفاوضي عن تحقيقها.