يوافق اليوم الحادي عشر من شهر سبتمبر الذكرى الثانية عشر لهجوم تنظيم القاعدة على برجي مركز التجارة العالمية بمنهاتن و(البنتاجون) مقر وزارة الدفاع الأمريكية يوم 11 سبتمبر 2011، الذي خلف 2973 قتيلا وسجّل 24 مفقودا، بالإضافة إلى آلاف الجرحى والمصابين بأمراض جراء استنشاق دخان الحرائق والأبخرة السامة. وحسب الرواية الأمريكيّة كانت العملية منظمة بدقة حيث تمّ تحويل اتجاه أربع طائرات نقل مدني تجارية لتصطدم بأهداف محددة نجحت في ذلك ثلاث منها. تمت أول هجمة في حوالي الساعة 8:46 صباحا بتوقيت نيويورك، حيث أصطدمت إحدى الطائرات المخطوفة بالبرج الشمالي من مركز التجارة العالمي. وبعدها بدقائق، في حوالي الساعة 9:03، اصطدمت طائرة أخرى بالبرج الجنوبي. وبعد ما يزيد عن نصف الساعة، أصطدمت طائرة ثالثة بمبنى البنتاغون. الطائرة الرابعة كان من المفترض أن تصطدم بهدف رابع، لكنها تحطمت قبل الوصول إلى الهدف. وقد نفذ هذه الهجمات 19 شخصا على صلة بتنظيم القاعدة يوم الثلاثاء 11 سبتمبر 2011. انقسم منفذو العملية إلى أربعة مجموعات ضمت كل منها شخصا تلقى دروسا في معاهد الملاحة الجوية الأمريكية، وتبعا لمكتب التحقيقات الفدرالي، وإن محمد عطا (واسمه الكامل محمد عطا السيد) هو الشخص المسؤول عن ارتطام الأولى ببناية الطائرة مركز برج التجارة العالمي. واعتبر عطا المخطط الرئيسي للعمليات الأخرى التي حدثت ضمن ما أصبح يعرف بأحداث 11 سبتمبر. وقد أحدثت هجمات الحادي عشر من سبتمبر تغييرات كبيرة في السياسة الأمريكية، حيث أعلنت أمريكا على إثرها الحرب على "الإرهاب"، بدأتها بحرب على أفغانستان وسقوط نظام حكم طالبان، ثمّ الحرب على العراق، وإسقاط نظام صدام حسين هناك أيضا. وبعد ساعات من الأحداث وجهت الولاياتالمتحدة أصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن. مستندة في ذلك إلى شريط مسجل عثرت عليه القوات الأمريكية في بيت مهدم جراء القصف في جلال آباد في نوفمبر 2001، يظهر بن لادن وهو يتحدث إلى خالد بن عودة بن محمد الحربي عن التخطيط للعملية. وقبل الانتخابات الأمريكية عام 2004، وفي أول فيديو يظهر فيه أسامة بن لادن بعد أحداث سبتمبر أعلن مسؤولية تنظيم القاعدة عن الهجوم في تسجيل مصور تم بثه يوم 29 أكتوبر 2004 على قناة الجزيرة، حيا فيها بن لادن ال 19 شابا الذين نجحوا في تغيير بوصلة أمريكا عن مسارها على الرغم من أنها أكبر قوة اقتصادية وتملك أحدث ترسانة عسكرية والدولة الكبرى المؤثرة في سياسات العالم، وتوجه زعيم تنظيم القاعدة في الفيديو المسجل قائلا "من أسامة إلى أوباما، سلام على من اتبع الهدى، لو أن رسائلنا إليكم تحملها الكلمات لما حملناها إليكم بالطائرات". وبرر أيمن الظواهري القيادي بتنظيم القاعدة في أول فيديو مصور له بعد أحداث 11 سبتمبر، أن الهجوم على أمريكا هو رد على كل الجرائم التي ارتكبتها أمريكا في حق الشعوب المستضعفة في كل البلاد الاسلامية قائلا "إن أمريكا ارتكبت جرائم ما لا يمكن تحمله وأنها زعيمة المجرمين". وتوجه الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، إلى الشعب الأمريكي قائلا "إن أمريكا تسوقكم إلى حرب جديدة خاسرة تفقدون فيها أموالكم وأولادكم"، في إشارة إلى إعلانها الحرب على الإرهاب بعد الأحداث مباشرة، مؤكدا "هزيمتها في حرب الفيتنام وفرارها مذعورة من لبنان وخروجها هاربة من الصومال كما تلقت صفعة في عدن، مضيفا ليعلم العالم أننا لن نسمح بإعادة مأساة الأندلس في فلسطين بهدم المسجد وتهويد القدس". وتوجه الظواهري إلى المسلمين داعيا إياهم إلى الاقتداء بصحابة رسول الله صل الله عليه وسلم، وأن يكونوا كما كان "لما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما". واعتبر الظواهري أن ملحمة جديدة من ملاحم الاسلام ومعركة جديدة من معارك الايمان تتطلب من العلماء الصادقين والشباب المجاهدين والمؤمنون المحبون إلى الله التجنّد لنيل عز الدنيا ونور الآخرة وشرف الجهاد، وفق تعبيره. ووصف أوباما أحداث 11 سبتمبر "بأسوأ هجوم شن على الشعب الأميركي في تاريخه". ما دفعه أول وصوله إلى سدة الحكم بإصدار توجيهاته إلى ليون بانيتا، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، لكي يجعل من قتل أو اعتقال بن لادن على رأس أولويات الحرب ضد تنظيم القاعدة، في إطار مواصلة الجهود لتعطيل وتفكيك وهزيمة شبكة بن لادن التي بدأ نظيره بوش الابن. وتلقت الشعوب الاسلامية يوم 2 ماي 2011 نبأ مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في باكستان، وقد كان بن لادن زعيما ورمزا لتنظيم القاعدة لأكثر من عقدين من الزمن. وقال أوباما في خطابه الذي أكد خلاله عملية مقتل زعيم تنظيم القاعدة، "بأن قتل بن لادن يمثل حتى الآن أهم إنجاز في جهودنا الرامية إلى قهر القاعدة ولكن مصرعه لا يمثل نهاية لجهودنا"، مؤكدا البقاء على استعداد بالداخل والخارج ضد كل الهجمات المنتظرة من القاعدة التي لم يشك بأنها ستواصل هجومها ضد أمريكا.