إستعرض مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي في الحوار الذي أدارته القناة الوطنية مساء أمس الثلاثاء 22 أكتوبر 2013 بمناسبة حلول 23 أكتوبر الذكرى الثانية لانتخاب المجلس الوطني التأسيسي، أعمال المجلس خلال سنتان من انطلاقته عدم تمكن النواب من الإلتزام بمدة سنة واحدة لإنهاء أعماله، نظرا لتشعب مهامه التي لم تعد تقتصر على صياغة الدستور بل تولى المجلس المهام التشريعية وكذلك مهام مراقبة أعمال الحكومة وهذا ما ساهم بقسط كبير في تأخر أعمال المجلس في ما يتعلق بصياغة الدستور. كما أوضح بن جعفر في هذا الإطار أن إختيار المجلس التأسيسي كبداية للمسار الإنتقالي بعد الثورة كان إختيارا صعبا باعتبار أن الإنطلاقة كانت من الصفر وبإنعدام الخبرة البرلمانية لكل نواب المجلس الوطني التأسيسي. ولم ينكر بن جعفر بأن كل هذه العوامل لا تنفي إرتكاب المجلس التأسيسي لأخطاء كان من الممكن تفاديها لتحسين مردود العمل النيابي للمجلس.. وأضاف بن جعفر أن هذه الصعوبات التي اعترضت المجلس التأسيسي في إتمام هذا المسار الإنتقالي لم تجعله في عزلة عمّا يحدث خارج قبة المجلس، بل أكد المجلس تفاعله الدائم مع ما يحدث خارجه وخير دليل على ذلك ذكر بن جعفر إنطلاق الحوار الوطني اليوم الذي اعتبره إجابة واضحة لإرادة سياسية شعبية للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها تونس منذ تاريخ إغتيال الفقيد محمد البراهمي يوم 25 جويلية 2013. وعقب بن جعفر أن تاريخ 25 جويلية كان من المنتظر الإعلان خلاله عن تاريخ المصادقة على الدستور وإتمام تنصيب هيئة الإنتخابات إلا أنه إنقلب من إحتفال بذكري إعلان الجمهورية التونسية إلى نكبة وطنية. وأبرز بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي أنه منذ ذلك التاريخ دخلت البلاد في أزمة سياسية حادة كانت من الممكن أن تجر البلاد إلى إنزلاقات خطيرة حيث إنقسم الشعب إلى صفيين والنواب إلى قسميين وسادت أجواء من البغضاء بين كل الفرقاء السياسيين حيث فقدت كل بوادر الثقة بين كل الأطراف وكان قرار تعليق أشغال المجلس الحد الفاصل الذي إنطلق من خلاله عمل دؤوب لتقريب كل الفرقاء السياسيين ودعوتهم للجلوس حول طاولة الحوار قصد الخروج من هذه الأزمة، وأشار بن جعفر إلى أنه أول من تفاعل إيجابيا مع مبادرة الحوار الوطني للإتحاد العام التونسي للشغل التي تبلورت بعد ذلك لتمثل مبادرة الرباعي الراعي للحوار الوطني وكان يوم 5 أكتوبر تاريخ التوقيع على خارطة الطريق التي حددها هذا الحوار والتي ستنطلق اليوم. ودعا رئيس المجلس الوطني التأسيسي بهذه المناسبة كل النواب المنسحبين إلى العودة إلى أعمال المجلس حيث لم يعد هناك أي سبب سياسي يمنعهم من ذلك بعد أن تعهدت كل الأطراف بتطبيق خارطة الطريق التي استجابت إلى كل الطلبات. مؤكدا في هذا الإطار أنه الضامن لتعهد الأحزاب الحاكمة بتطبيق كل ما جاء في هذه الخارطة. وعرّج بن جعفر في الأثناء على أن الصعوبات الإقتصادية هي في إرتباط تام مع المحيط الإقليمي والوضع السياسي والأمني للبلاد. معتبرا أن المسؤولية ملقاة على عاتق كل الطبقة السياسية وعلى كل الأطراف أن تتحمل مسؤولياتها لأن الأمر اليوم لم يعد يهم شخصا أو حزبا بل يخص وحدة الوطن وأمنه خاصة بعد موجة الإرهاب التي عايشها الشعب في المدة الأخيرة والتي أصبحت خطرا يهدد الأمن الوطني وعلى الجميع الوقوف معا من أجل حماية البلاد والعباد. وأكد بن جعفر أنه على يقين بأن ما تحقق اليوم لا يصب لإنتظارات الشعب ومطالب الثورة وآمال الشباب الذي قدم هذه الثورة وهذه الحرية هدية، داعيا إلى السعي إلى رد الجميل الذي لن يكون إلا بإرادة جادة وقوية لإنجاح الحوار الوطني وتجاوز الخلافات والحرص على أن تكون تونس هي الأمانة التي يسعى الجميع للحفاظ عليها لأن مصلحة هذا الوطن وأمنه هما الهدف الأول والأخير لكل تونسي وتونسية. وتعهد بن جعفر في الأخير بأن يواصل العمل والنضال وأن يسعى بأن يكون الداعي للتوافق والتضامن بين كل الأطراف داخل وخارج المجلس الوطني التأسيسي.