انعقد المجلس الوطني الثّاني لحزب التّيار الدّيمقراطي يومي 19 و20 أكتوبر 2013. وقد تمّ بمقتضى جدول أعماله تناول الوضع العام للبلاد وما تشهده السّاحة السّياسية من تجاذبات، كما تمّ تداول النّقاش في الشّأن الدّاخلي للحزب وفي المسائل المتعلّقة بتنظيمه وهيكلته وتوسيعه. وفي ختام الأشغال اعتبر المجلس الوطنيأن الصّراع يجب أن يكون داخل الوطن صراعا هدفه إرساء الدّيمقراطيّة وإعلاء قيمة المواطنة، بعيدا عن النّزوع الثّقافي الدّغمائي، مؤكدا أنّه من الضّروري تنزيل الفعل السّياسي الوطني في إطاره الصّحيح الذي يهتمّ بالإنسان ومحيطه وظروف عيشه ويرنو إلى رفاهته والدّفاع عن كرامته وحقوقه. وأكد المجلس الوطني أن المحافظة على المسار الانتقالي مسألة ذات أولويّة مطلقة بالنّظر إلى المخاطر التي يتعرّض لها هذا المسار بدوافع مختلفة ومن أطراف متعدّدة. ويمكن أن نعدّ الأحزاب الحاكمة مُساهمة في تعميق الأزمة بما ارتكبته من أخطاء وبتورّط بعض قياديّيها في تجاوزات وشبهات اعتمدها خصومها تعلّة لضرب الشّرعية وللتّشكيك في المسار الانتقالي ولتيئيس التّونسيّين وجعلهم يفقدون الأمل في الثّورة وتبرير حنين بعض الأطراف إلى نظام الاستبداد. وقد غذّى هذا التّوجّهَ عجزُ الحكومة عن فرض سلطة القانون على الخارجين عليه والمتآمرين ومن يحرّكهم من رموز النّظام الذي أسقطته الثّورة وحلفائهم. المسار الانتقالي ودعا المجلس الوطني إلى ضمان سلامة مسار الانتقال الدّيمقراطي عبر الوصول في أقرب وقت ممكن إلى انتخابات شفّافة حرّة نزيهة ترسّخ مبدأ التّداول السّلمي على السّلطة في ظلّ دولة ومجتمع حداثيّين وديمقراطيّين. وحمل المجلس الوطني طرفي النّزاع من سلطة ومعارضة مسؤوليّة ما تعيشه البلاد من أزمات انجرّ عنها الإضرار بمصالح المواطنين، مؤكّدا أنّ من يقف وراءها لا يهدف حقيقة إلى خدمة أيّ حقّ أو مصلحة للتّونسيّين، وأنّ مواقف الحكومة منها ناجمة عن تخوّف بقدر ما هي ناجمة عن تورّط في الأخطاء وعدم القدرة على الفعل. ودعا المجلس إلىفضح التّجاوزات المرتكبة من قِبل أحزاب الحكم والمعارضة على السّواء وتجنّب مجاملة أيّ طرف على حساب مصلحة الوطن والتّحري بشكل جدّي في كافّة المعلومات والعمل على توعية المواطنين بالمخاطر المحدقة بالبلاد. وطالب المجلس الوطني بتعويض النّواب المنسحبين عبر سنّ قانون في الغرض وإحداث الهيئة المستقلّة للإشراف على الانتخابات ووضع القانون الانتخابي والإعلان عن موعد الانتخابات بعد أخذ رأي الهيئة. تطبيق القانون ودعا الحكومة إلى تغيير مسؤوليها الذين ساءت إدارتهم للشّأن العام أو الذين تورّطوا في ارتكاب تجاوزات أو وضعوا أنفسهم محلّ شبهة والتّحقيق في هذه التّجاوزات ومحاكمة مرتكبيها فرضا لمبدأ التّساوي أمام القانون على الجميع. وطالب المجلس الوطني الحكومة بتغيير الولاة والمعتمدين المنتمين إلى حركة النّهضة وللأحزاب الحاكمة وتغيير رؤساء مؤسّسات الإعلام العمومي، وذلك درءا لكلّ الشّبهات، ومطالبتها بالتّراجع عن كلّ الامتيازات التي تمّ إسنادها إلى بعض المنتمين إلى هذه الأحزاب أو إلى المقرّبين منها بطرق غير قانونيّة أو تثير شبهات واضحة. كما دعا الحكومة إلى طمأنة جميع شركاء تونس على المسار الانتقالي وعلى التزام تونس بحماية حقوق الإنسان والتّصدي للإرهاب والجريمة المنظّمة ودعوتهم إلى شدّ أزر الاقتصاد التّونسي والتّوقف عن أيّ تدخّل بفرض أجندات سياسيّة لا تلتقي مع إرادة الشّعب التّونسي الذي استرجع سيادته بعد الثّورة. وطالب بتجاوز العراقيل المعطّلة للاستثمار ولتنفيذ الميزانيّة وتسريع الإنجاز والتّحكم في الأسعار ووضع الآليّات للرّقابة على التّجاوزات في مختلف إدارات الدّولة وعدم التّسامح مع خرق القوانين. ودعا الحكومة إلى التّعامل بالصّرامة اللاّزمة وفي حدود القانون مع ظاهرة الإرهاب ومع الجريمة المنظّمة والجرائم الماليّة ومع جميع أشكال انتهاك حقوق الإنسان. وطالب المجلس الوطني أحزاب السّلطة والمعارضة بدعم مشروع قانون الشّفافية والإثراء غير الشّرعي ووضع قواعد تضمن نزاهة الانتخابات المقبلة وعدم إفساد الحياة السّياسيّة بالمال غير النّزيه، إلى جانب دعوتهم جميعا إلى الكشف عن مصادر تمويلهم. حادثة العوينة وأدان المجلس الوطنيما أقدمت عليه السّلطة التّنفيذيّة من تعيين لقضاة بمقتضى مذكّرات عمل وتعيين بعض من أساء إلى القضاء وإلى سمعته في زمن الاستبداد.وكذلك ما أقدمت عليه قلّة من المنتمين إلى المؤسّسة الأمنيّة من تهجّم على الرّئاسات الثّلاث وتمرّد على قياداتها. وهذه سابقة تعدّ اعتداءً خطيرا على هيبة الدّولة وحرمة القانون ويسيء إلى صورة رجال الأمن التي تحسّنت إثر الثّورة بفضل رجال الأمن الشّرفاء الذين يضطلعون بمهامّهم النّبيلة والشّاقة في سبيل حماية أمن وطنهم ومواطنيهم في كنف الانضباط وروح الفداء. وأعلن المجلس الوطني أنّ الحزب غير معنيّ بأيّ تحالف حزبي أو انتخابي مع أيّ طرف في التّرويكا الحاكمة أو تحالف مع أيّ طرف تورّط في تجاوزات أو في الانقلاب على مسار الانتقال الدّيمقراطي. ودعا المجلس الوطني المكتب السّياسي إلى التّعريف بمواقفه ومقترحاته من القضايا الاجتماعيّة والاقتصاديّة لدى الرّأي العام التّونسي.