ذبح الأضاحي وتخزين اللحوم: توصيات هامة من المصالح البيطرية    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    مجموعة السّبع تؤيد مقترح بايدن بوقف إطلاق النار في غزة    أخبار النجم الساحلي ..بن ساسي يلعب الهجوم والهيئة تعالج ملف المستحقات    أخبار النادي الصفاقسي: هل ينجح الكوكي في مباغتة النجم؟    فجر القطار يَعقد جلسته الانتخابية    لأداء ركن الحج الأعظم.. ضيوف الرحمن على عرفات    «لارتيستو»: الفنان محمد السياري ل«الشروق»: الممثل في تونس يعاني ماديا... !    رواق الفنون ببن عروس : «تونس الذاكرة»... في معرض الفنان الفوتوغرافي عمر عبادة حرزالله    المبدعة العربية والمواطنة في ملتقى المبدعات العربيات بسوسة    حجاج بيت الله يؤدون ركن الحج الأعظم على صعيد عرفات    حالة الطقس اليوم السبت    بديل أقل ألمًا لمرضى السكري.. قطرات إنسولين فموية بديلا للحقن    رئيس منظمة إرشاد المستهلك ل«الشروق» «لوبي» وراء الترفيع في أسعار لحم الضأن واختفاؤه من «الجزارة» مدبّر    يحذر منها الأطباء: عادات غذائية سيئة في العيد!    رئيس الحكومة يلقي كلمة في الجلسة المخصّصة لموضوع ''افريقيا والمتوسط''    رئيس الحكومة يجري محادثات جانبية مع عدد من الزعماء والقادة    مستودعات للتهريب و تلاعب في الموانئ ...أباطرة «الفريب» يعربدون    مع تأجيل التنفيذ... 6 أشهر سجنا لوزير أملاك الدولة الأسبق حاتم العشي    مع تواصل المجازر الصهيونية .. وتعثر المفاوضات ... غزّة تذبح... في العيد    المواجهة تتوسّع شمالا ومخاوف الصهاينة تتزايد...صواريخ حزب الله قد تحسم الحرب    يوميات المقاومة...قصف صاروخي وتصدي ميداني ...المقاومة الفلسطينية تدكّ مستوطنات غلاف غزّة    مذكّرات سياسي في «الشروق» (54) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... سفارة تونس بواشنطن واجهة للاتفاقيات المتعدّدة والمتنوّعة    الحشّاني يلتقي تبون خلال أشغال قمّة مجموعة السبع    حصيلة منتدى تونس للاستثمار TIF 2024 ...أكثر من 500 مليون أورو لمشاريع البنية التحتية والتربية والمؤسسات الصغرى والمتوسّطة    الصحة السعودية تدعو الحجاج لاستخدام المظلات للوقاية من ضربات الشمس    غدا: درجات الحرارة في إرتفاع    وزير الفلاحة يدعو إلى نشر التكنولوجيا ونتائج البحث في المجال الفلاحي    فتح 76 مكتب بريد بصفة استثنائية يوم السبت 15 جوان 2024    منوبة: اقبال على نقطة بيع الأضاحي بالميزان    الرابطة 1 : نجم المتلوي ينتزع التعادل من مستقبل سليمان ويضمن بقاءه    الرابطة 1 : التعادل يحسم الدربي الصغير بين الملعب التونسي والنادي الافريقي    الدورة الخامسة من مهرجان عمان السينمائي الدولي : مشاركة أربعة أفلام تونسية منها ثلاثة في المسابقة الرسمية    "عالم العجائب" للفنان التشكيلي حمدة السعيدي : غوص في عالم يمزج بين الواقع والخيال    قفصة : تواصل أشغال تهيئة وتجديد قاعة السينما والعروض بالمركب الثقافي ابن منظور    جامعة تونس المنار ضمن المراتب من 101 الى 200 لأفضل الجامعات في العالم    رئيس الحكومة يسافر الى إيطاليا لتمثيل تونس في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع    يوم عرفة .. فضائله وأعماله    الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه في أريانة    وزارة الخارجية تعلن الغاء تأشيرة الدخول الي تونس لحاملي جوزارات السفر العراقية والايرانية    سوسة: شركة النقل بالساحل تطلق برنامجا استثنائيا لضمان نقل المواطنين خلال فترة عيد الاضحى    جلسة عمل على هامش منتدى الاستثمار تبحث سبل تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص في مجال الأدوية    أنس جابر تتأهّل إلى ربع نهائي بطولة برمينغهام    قرارات المكتب الجامعي البنزرتي مدرّبا للمنتخب الوطني وبن يونس مساعدا له    تونس : عقود عمل وهمية للسفر نحو دول أجنبية    المصادقة على الدراسات الأولية لمشروع إعادة تهيئة المسبح الأولمبي بالمنزه    عاجل/ وزيرة العدل تصدر قرارات هامة..    تسليم مفاتيح 178 مسكنا اجتماعيا بهذه الجهة    ميلوني في قمة السّبع: "إفريقيا قارة أسيء فهمها وتم استغلالها طويلا"    وزيرة التربية…هذا ما ينتظر المتلبسين بالغش في امتحان الباكلوريا    الحجاج يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية    عيد الاضحى : هؤلاء ممنوعون من أكل اللحوم    وكالة النهوض بالصناعة : تطور ب31،8 بالمئة في الإستثمارات الأجنبية المباشرة    استثمارات ب 1.6 مليار دينار.. الطريق تفتح أمام مشروع طاقي تاريخي    يوم التروية.. حجاج بيت الله يتوافدون على مشعر منى    الجزائر: مُسنّة تسعينية تجتاز البكالوريا    تعيين ربيعة بالفقيرة مكلّفة بتسيير وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية    مفتي الجمهورية: "هكذا تنقسم الاضحية في العيد"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدي حسين : العلمانيون في مصر مستعدون لحرق الوطن لمنع إقرار المرجعية الإسلامية

العلمانيون مستعدون لحرق الوطن لمنع إقرار المرجعية الإسلامية لم يهتموا بالعدوان على غزة وتفرغوا للكيد لمرسى يريدون حل الجمعية التأسيسية المنتخبة بدون طرح بديل لها لتظل البلاد فى فوضى ويتصرفون على طريقة جمهور الفريق المهزوم الذى يفسد مباراة الكرة!! بداية غير موفقة للبابا الجديد تكرس الطابع الحزبى للكنيسة هذه الجمعية التأسيسية منتخبة ولابد أن تكمل عملها والشعب هو الذى سيصوت على الدستور تعريض قرارات الثورة لمحاكم النظام البائد نكتة لا مثيل لها فى التاريخ لدينا ملاحظات أساسية على أداء الإخوان والرئيس مرسى, وقد أشرت إليها فى مقالات سابقة وهى تتعلق أساسا بالسياسة الخارجية والسياسات الاقتصادية، ولكننا أيدنا بشدة موقف الرئيس مرسى الداعم لغزة سياسيا وإعلاميا وإداريا فى العدوان الأخير، وقد كان الأداء متميزا فى حدود أزمة الأيام الثمانية حتى وقف إطلاق النار، وإن كان لا يكفى للتعامل مع ملف الصراع العربى الصهيونى وملف العلاقات مع أمريكا والغرب. ولكن لابد أن نقبل بأى تحسن تدريجى فى هذا الملف، رغم أننا نرى أنه لابد من مواجهة صريحة وشاملة مع مسألة التبعية الموروثة من النظام السابق، والتى لا يمكن الخلاص منها بمنطق التدرج البطيىء فحسب. ورغم وقف إطلاق النار فى غزة وما تبعه من هدوء مؤقت على هذه الجبهة، إلا أن الأزمة الغزوية تقاطعت مع الأزمة الداخلية خاصة تلك المتعلقة بالجمعية التأسيسية. ولأول مرة فى تاريخ مصر المعاصر لا يتوقف المعارضون عن تصعيد القضايا الداخلية أثناء اندلاع حرب على حدود البلاد، وحرب فى فلسطين. فحتى فى حرب 2008 لم نكن فى المعارضة نثير أى موضوع أساسى عدا العدوان على غزة. ولكن فى هذه المرة ورغم أن الحرب اتسمت بملامح استراتيجية بالغة الخطر، أثرت بصورة فورية على الموازين فى المنطقة، إلا أن المعارضة لمرسى حتى من قبل القوميين واليساريين المعروفين بمواقفهم ضد الامبريالية والصهيونية، كانوا حريصين على عدم التركيز على هذا الموضوع الثانوى من وجهة نظرهم (حرب غزة) بل على معركة الانسحاب من الجمعية التأسيسية، ثم فرحوا بشدة بكارثة قطار منفلوط ليهمشوا موضوع غزة الذى بدا فيه مرسى يحقق موقفا مشرفا له ولمصر، ورأوا أن يغرقوه فى دماء أطفال القطار باعتباره هو قاتلهم بشكل شخصى، واتحدت كل القوى العلمانية المستندة لوسائل الإعلام الفلولية: صحف وفضائيات فى ذات التوجه: إعلاء مشكلات مصر على موضوع غزة إلى حد مريب للغاية، ولذلك جاءت رواية عبد البارى عطوان عن لقاء عمرو موسى بليفنى سرا خلال زيارته للضفة الغربية من خلال تنسيق مباشر مع المخابرات الإسرائيلية والأردنية وحيث وصل إلى رام الله بطائرة مروحية من الأردن. وتم كشف أنه التقى مع إسرائيليين فى نابلس وأنه بحث معهم العلاقات التطبيعية مع إسرائيل. ولكن يقول عبد البارى عطوان أنه التقى بحسناء الموساد سرا (ليفنى وزير الخارجية السابقة) وأنها طلبت منه إغراق مرسى فى المشكلات الداخلية أثناء العدوان المرتقب على غزة. وقد كشف ذلك موقع الكترونى صهيونى له علاقة بالموساد، وعمرو موسى مطالب بالرد، وإلا فإنه يستحق التحقيق معه بتهمة الخيانة العظمى. ولكن سيبقى السؤال: لماذا ذهبت يا سيد عمرو لنابلس عبر المخابرات الإسرائيلية؟! ولكننى أقول دائما إن الحقائق الظاهرة على السطح أخطر من الأسرار التى لا نعرفها، وهى كافية فى حد ذاتها لكشف مواقف وسياسات الأطراف. والحقيقة الظاهرة على السطح أن تحالف العلمانيين والفلول همش مسألة العدوان على غزة، لإضعاف مرسى وتشتيته، ولعدم الوقوف معه فى موقف ظهر أنه يحقق نجاحا فيه لمصر وللأمة وللمقاومة، أى للأمن القومى المصرى والعربى. المعركة المفتعلة فى الجمعية التأسيسية: هناك ملاحظات عدة على أسلوب الإخوان المسلمين فى إدارة العمل فى الجمعية التأسيسية وليس كل ما يقوله العلمانيون افتراء. ولكن فى مثل هذا النوع من العمل فإن الهدوء هو المناخ المناسب لحل المشكلات والخلافات، وليس التهديد اليومى بالانسحاب، ورفع القضايا لحل الجمعية، وحشد المظاهرات والوقفات حولها، وضرب مبنى الشورى أثناء إنعقاد الجمعية بالحجارة والمولوتوف، بل والمطالبة المستمرة بتعديل تشكيلها، ثم المطالبة المستمرة بحلها دون تحديد كيفية تشكيل الجمعية البديلة. وأزعم رغم أخطاء الإخوان فى التعاملات، إلا أن المسألة كلها ظلت تتوقف على المادة الثانية والمتعلقة بالمرجعية الإسلامية. وكل المشكلات الأخرى المثارة مجرد قنابل دخان ويمكن حلها بسهولة ويسر. فالعلمانيون يتصورون أن المرجعية الإسلامية ستؤدى إلى استقرار دولة إسلامية، والقوى الغربية معهم فى ذلك من وراء ستار، ومن الطبيعى أن يكون الفلول فى نفس الخندق. ومن المؤسف أن الكنيسة تصرفت كحزب سياسى وانسحبت بدورها من الجمعية التأسيسية وأكدت فى عهد البابا الجديد أنها ستسير على نفس الخط السابق الذى حول الكنيسة إلى حزب سياسى للمسيحيين. وكان هذا موقفا مفاجئا بعد موافقة الكنيسة المبكرة على المادة الثانية، طالما هناك نص صريح على احتكام غير المسلمين إلى شرائعهم فى الأحوال الشخصية. ومن ناحية أخرى فإن تحالف الإخوان والسلفيين الذى يشكل أغلبية طفيفة فى الجمعية التأسيسية لديهم مشكلة مصداقية مع الجماهير التى انتخبتهم على أساس التمسك بالشريعة الإسلامية. وفى تقديرنا أن العلمانيين يعطلون وقت الأمة بلا مبرر وبلا داع وبدون فرصة حقيقية لتحقيق هدفهم. فهم فى حالة من التناقض غير القابل للحل: يدعون أنهم يمثلون الديمقراطية ويرفضون نتيجة الانتخابات! فالجمعية التأسيسية نتيجة انتخابات حرة على درجتين (بالمناسبة فإن انتخاب الرئيس الأمريكى يتم على درجتين أيضا!!). وأعتقد إن طرح إمكانية مراجعة الدستور بعد 5 سنوات مثلا قد تريح البعض الذى يراهن على تغيير موقف الشعب من التيارات السياسية. الجمعيات التأسيسية فى التاريخ المعاصر لا تتشكل إلا بطريقين لا ثالث لهما: إما بالتعيين من الحاكم كما حدث فى مصر دوما، وإما بالانتخاب، ولا يوجد طريق ثالث. فى الحالة الأولى يكون التصديق النهائى من الحاكم وقد لا يجرى استفتاء على الدستور. وفى الحالة الثانية فإن الدستور يخرج بالأغلبية لا بالإجماع, وقد كتبت عن السوابق التاريخية فى العالم من قبل. وإخواننا العلمانيون يرعدون ويهددون ويتوعدون بضرورة حل الجمعية دون أن يقولوا كيف ستشكل الجمعية البديلة؟! فلا يوجد إلا طريقين لا ثالث لهما: أن يتولى الحاكم تعيين الجمعية وهو فى هذه الحالة: مرسى! أو انتخاب جمعية جديدة من الشعب غالبا ستأتى بأغلبية إسلامية!! مع الأسف فإن العلمانيين يتصرفون على طريقة الجمهور الذى دخل مرماه هدف أو أكثر وليس لدى فريقه فرصة فى تعديل النتيجة فلا يكون أمامه من سبيل إلا إفساد المباراة بالطوب والزجاجات الفارغة والألفاظ النابية ضد الحكم، والنزول للملعب لوقف اللعب وضرب الحكم!! وقد فطنت اتحادات الكرة لذلك فأصبح الفريق الذى يقوم جمهوره بذلك يحتسب مهزوما 0 - 2!! وقد حدثت مهازل عديدة لإثبات أن هذه الجمعية لا تمثل الشعب فقال البعض إن الراقصات غير ممثلات فى الجمعية التأسيسية بينما حدث ذلك فى الولايات المتحدة: وأمريكا بريئة من فرية مشاركة الراقصات فى وضع الدستور، وقال البعض: إن الأطفال (العيال) غير ممثلين فى الجمعية.. وهكذا. والمسألة تتجاوز الجمعية التأسيسية والدستور، فالدستور ليس إلا علامة على التوجه العام للبلاد، والعلمانيون والغربيون والفلول يخشون من استقرار حكم إسلامى ويطمعون فى إجتثاثه من الجذور سريعا قبل أن يستقر فى تربة البلاد. ولذلك لا يريدون الانتظار إلى الانتخابات القادمة بعد عدة شهور خاصة وهم غير واثقين من اختلاف النتائج كثيرا عن الانتخابات التشريعية السابقة، ولا يريدون ترك مرسى 4 سنوات بل يريدون انتخابات رئاسية مبكرة بعد الدستور إذا انتهى أصلا، بل يفضلون إسقاط مرسى من خلال ميدان التحرير. مع أن التحرير لا يوجد به سحر خاص، التحرير ينجح عندما تكون هناك شروط تاريخية لثورة شعبية، وهم يريدون افتعالها. ولكن الثورات لا تفتعل. وحتى إن وجد تذمر من مرسى أو شعور بالبطء فى الحركة والإصلاح فإن ذلك لا يشكل أساسا لثورة شعبية جديدة!! ولكن العلمانيين لا يزالون يتهيبون الصندوق، لذلك يعولون على تهييج الجماهير لعل وعسى! قرارات مرسى الأخيرة: إذا كان هناك ما يمكن أن يؤخذ على هذه القرارات أو الإعلان الدستورى الجديد من وجهة نظر ثورية, أى من وجهة نظر مصلحة البلاد فهو أنها جاءت متأخرة، فقد بح صوتنا فى الفضائيات والمقالات والندوات والمؤتمرات حول مسألة تطهير القضاء، خاصة المحكمة الدستورية التى أوقفت حال البلاد فى حل مجلس الشعب وفى السماح لشفيق بنزول الانتخابات، وما تزال جاهزة للمزيد من المصائب. وقد طالبنا مرارا بضرورة تجميدها كأمر منطقى بعد تجميد الدستور، وهذا نص ما كتبته بتاريخ 15 مايو 2012 بعد قيام المحكمة الدستورية بإقرار شفيق مرشحا للرئاسة: (ولم يعد شفيق فحسب إلى انتخابات الرئاسة بهذا القرار، بل أصبحت عصمة الانتخابات الرئاسية والرئيس القادم ومجلسى الشعب والشورى من خلال طعن آخر، أصبحت العصمة فى يد المحكمة الدستورية التى شكلها الطاغية على عينه وكانت طوع بنانه حتى اللحظة الأخيرة ثم نقلت ولاءها لطنطاوى. فالمحكمة الدستورية تملك أن توقف الانتخابات الرئاسية أو تبطلها فى أى لحظة وتحل مجلسى الشعب والشورى، عندما يطلب منها طنطاوى ذلك، بإقرار عدم دستورية قانون العزل وعدم دستورية قانون الانتخابات التشريعية. وتكتمل الطرفة عندما نتذكر أن رئيس اللجنة الانتخابية الرئاسية هو نفسه وذاته رئيس المحكمة الدستورية!! وكأنها من عجائب الصدف! ولن استرسل عن عمد فى أى مناقشات قانونية أو دستورية لأن هذا هو المطلوب، أى أن نغرق فى التفاصيل، وتصبح الأمور مجرد وجهات نظر وفى هذه الحالة من الطبيعى أن نخضع جميعا لما ستقوله المحكمة الدستورية العليا، فمن سيفهم فى القانون أكثر من هؤلاء؟! وجوهر الموضوع يمكن تلخيصه فى التالى: الحقائق السياسية النابعة من الأوضاع الفكرية والاجتماعية والاقتصادية لأى مجتمع فى مرحلة ما هى التى تضع أسس القوانين، وصياغة القوانين هى مجرد التعبير عن هذه الحقائق الموجودة على أرض الواقع، وهذا هو التشريع الصحيح والمناسب والقابل للحياة. وفى لحظة انهيار نظام سياسى ما لا تكون هناك علاقات وثيقة بين الدستور والقوانين الأساسية وبين الواقع لأن النظام المتهالك يحاول أن يمد عمره بتشريعات وتعديلات جائرة، بمعنى أنها لا تعبر عن الواقع بقدر ما تستهدف إطالة عمر النظام. وهذا الاهتراء الدستورى والقانونى يكون من أهم أسباب انهيار النظام. ولذلك عندما تأتى ثورة جديدة تستهدف بالفعل هدم النظام الظالم وإقامة نظام جديد يعبر عن طموحات الشعب فلابد من إسقاط الدستور السابق الذى يكون قد تحول إلى خرقة بالية لا قيمة لها، وإسقاط عدد من القوانين الرئيسية لحين إجراء مراجعة قانونية شاملة لباقى القوانين وهذا الأمر يحتاج لبضع سنوات. ولذلك عرفت الثورات دائما ما يسمى بالمرحلة الانتقالية، لإنجاز هذه المهام بالحد الأدنى: الدستور الجديد والقوانين الرئيسية. ولكن من سوء طالع وظروف ثورتنا أن المرحلة الانتقالية وقعت فى أيدى الجناح العسكرى للنظام البائد وبقايا جناحه المدنى (الصف الثانى والعمود الفقرى للجهاز الإدارى) وبالتالى لم تكن فترة انتقالية خلاقة تدفع البلاد إلى الأمام بل فترة من الشد والجذب واللف والدوران. واكتفى المجلس العسكرى بالشرعية الثورية فى حدود توليه للسلطة وحل مجلسى الشعب والشورى، ثم انتقل فورا للشرعية القانونية والدستورية المزعومة، وهو أمر لا يستقيم بعد تجميد دستور 71 والذى كان يستتبع تجميد المحكمة الدستورية العليا حيث لا عمل لها إلا بالدستور! أى أن الوضع كما ورد فى بيان حزب العمل الأخير هو كالتالى: (فالحقيقة الأساسية الآن أن المجلس العسكرى يحكم بدون سند شرعى قانونى أو دستورى، وإنما بقوة دفع الشرعية الثورية، بينما يستغل المجلس العسكرى هذا الوضع الاستثنائى، لترتيب أوضاع السلطة للمستقبل كما يريد، مستخدما أدوات "قانونية" و"دستورية" للنظام البائد وهذا أمر لا يستقيم). يجب على المجلس العسكرى أن يتوقف عن التلاعب بين "الشرعية
الثورية" و"الشرعية القانونية والدستورية" بمعنى أن استخدام المحكمة الدستورية المكونة بمعايير العهد البائد لا يمكن أن تكون هى الحكم فى ضبط أسس النظام الجديد الذى يعبر عن الثورة. إن هذه المحكمة الدستورية لابد أن يجمد نشاطها تماما ارتباطا بتجميد الدستور السابق، وباعتبار أن الإعلان الدستورى لم يكتب لكى يستخدم فى ألاعيب الطعن فى الدستورية، لأن مدته كان من المفترض ألا تتجاوز 6 شهور، كما أنه ليس دستورا متكاملا، كما أن الأوضاع الثورية لا تحتمل هذه الألاعيب. وأصحاب المصلحة فى الثورة لا يملكون الآن إلا تصحيح هذا الوضع المعوج. فلابد من استكمال الشرعية الثورية حتى صياغة وإقرار الدستور الجديد. ولابد من وقف مهزلة اللجوء للمحاكم فى القضايا المصيرية المتعلقة بالثورة، لأن الثورات لا تنجز ولا تستكمل فى المحاكم. فالأمور الأساسية المتعلقة بأوضاع السلطتين التنفيذية والتشريعية لا تحسم فى المحاكم فى زمن الثورات، ليس بسبب اهتراء القوانين السابقة وتجميد الدستور فحسب بل أيضا بسبب تكوين نظام المحاكم وما اعتراه من فساد فى العهد البائد وما نجم عن ذلك من أساليب فاسدة تبيح تدخل السلطة التنفيذية فى القضاء وفساد بعض العاملين فى الحقل القضائى الذين تعودوا على الاستجابة لمطالب السلطان. وستبدأ الشرعية القانونية والدستورية الكاملة بعد انتهاء صياغة وإقرار الدستور وقبل ذلك بتسليم السلطة للمدنيين لأن الحكم العسكرى هو فى حد ذاته غير مقبول إلا على ذمة الشرعية الثورية. وتبقى المطالب الأساسية التى تحكم حركة الشعب فى الأيام القادمة، وبعد التزام الجميع بقانون عزل الفلول واستبعاد شفيق من الانتخابات الرئاسية كالتالى: 1) التعهد النهائى للمجلس العسكرى بتسليم السلطة للمدنيين، وللرئيس المنتخب تحديدا يوم 30 يونيو 2012. 2) إجراء انتخابات الرئاسة فى موعدها دون القبول بأى ألاعيب قانونية. 3) تعديل المادة 28 من الإعلان الدستورى على نحو يسمح بالطعن فى قرارات لجنة انتخابات الرئاسة، مع إعادة النظر فى تركيبها أو إسناد مهمة الإشراف على انتخابات الرئاسة للمجلس الأعلى للقضاء. 4) وقف عمل المحكمة الدستورية حتى تتم عملية صياغة وإقرار دستور جديد للبلاد. 5) مواصلة عملية تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، وأن تأخذ وقتها دون استعجال، حتى بعد انتهاء انتخابات الرئاسة. 6) وفى هذه الحالة يعمل الرئيس المنتخب وفقا للإعلان الدستورى القائم الذى يحكمنا به المجلس العسكرى منذ قرابة عام!! 7) يحدد الدستور القادم فى مواد انتقالية، استمرار الرئيس ومجلسى الشعب والشورى لحين انتهاء دوراتهم لتحقيق الاستقرار فى البلاد.) انتهى الاقتباس. وهكذا رأينا ضرورة إنهاء هذا التناقض: محاكم شكلها حسنى مبارك تحل برلمان الثورة. أى منطق معوج هذا. وعندما عدت لتاريخ الثورة الفرنسية رأيت أن من أوائل القرارات التى اتخذت بعد إسقاط الملكية، قرارات إعادة تشكيل المحاكم. وهذا أمر بديهى لأن الجهاز القضائى من أهم أركان الحكم، والحاكم المستبد لا يترك حوله سلطة قضائية مستقلة، خاصة المحكمة العليا المتعلقة بالشئون العليا للحكم. فهذه لابد أن تكون طوع بنانه. المسألة هنا ليست تحصين قرارات مرسى فهذا الكلام نوع من العبث يخرج الحوار عن إطاره الأصلى. المسألة تكمن وتتركز فى عدد محدود من القرارات والمتعلق بالمرحلة الانتقالية التى يدرك أى وطنى عنده حس فطرى سليم ضرورة الانتهاء منها بأسرع ما يكون، حتى وإن اتفقنا على دستور مؤقت لمدة 4 أو 5 سنوات. لقد كان من العبث أن تقوم محكمة مباركية بحل مجلس شعب الثورة، وكان من العبث أكثر حل مجلس الشورى وحل الجمعية التأسيسية للمرة الثانية، بل إذا تركنا الأمر للمحكمة الدستورية لألغت انتخابات الرئاسة وكل القرارات الرئاسية. ولا يمكن لمصير استقرار البلاد أن يترك لهذا العبث. فنحن نريد أن نعود إلى جدول أعمالنا الأصلى فى استعادة الروح للبلاد وإعادة بنائها. ولن نظل نعيد كل انتخابات قمنا بها، لأن لدينا محكمة دستورية سخيفة ودوائر قضائية صنعت على أعين المخلوع وأجهزته وفساده.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.