ألقى رئيس الجمهورية التونسية الدكتور محمد المنصف المرزوقي اليوم السبت 29 ديسمبر كلمة بمناسبة افتتاح المؤتمر العام للمنظمة العربية للتربية و الثقافة و العلوم "الألسكو" وذلك في دورته الحادية والعشرون. وأكّد المرزوقي أنه على الشعوب العربية الاندماج في العالم وأن يساهموا في تطوره الاقتصادي والعلمي والإنساني وأن يكون الحل وليس المشكل في هذا العالم خاصة بعد الربيع العربي الذي اجتاح بلاد المسلمين، داعيا العرب إلى التقيد بقيم حقوق الإنسان التي هي اليوم القاسم المشترك بين البشر وأن يعترفوا بعلوية القانون الدولي مع ضرورة الانفتاح على الحضارات والثقافات الأخرى. ثم بين المرزوقي أن الشعوب العربية تعيش اليوم منعطفا تاريخيا ستبني فيه نظاما عربيا جديدا سواء تعلق الأمر بتنظيم الحقل السياسي والاجتماعي داخل كل قطر أو بتحديد طبيعة العلاقات التي ستربط بين الشعوب العربية . ودعا رئيس الجمهورية إلى التخطيط لتعميم استخدام اللغة العربية استخداما شاملا في أقرب الأوقات وفي كلّ مجالات الحياة بما في ذلك التعليم بمختلف مراحله وتخصّصاته لتكون لنا لغة تامّة غير منقوصة تمكّننا من نشر العلم والمعرفة على أوسع نطاق وتُسهم في توطيد وحدتنا الوطنية وتماسكنا القومي وتدفع بنا قدما على درب التنمية والتقدّم، وتحمينا من التبعيّة والاستلاب وتحقّق إسهامنا الفاعل في الحضارة الإنسانية وتطبّع علاقاتنا باللغات الأخرى التي ينبغي أن يزداد اهتمامنا بتعلمها وإتقانها دونما عقد أو وصاية. وبين رئيس الجمهورية أن تونس ستقدم للقمة العربية المقبلة مشروع برنامج طموح اسماه بمحراب اللغة العربية من أهدافه تشخيص كل ما تقوم به الدول على حدة في مجال التعريب وتطوير اللغة الأم والتعرف على أكثر المراكز البحثية تقدما في الوطن العربي ودعمها وربطها يبعضها البعض في شبكة تتشارك في وضع المعاجم والمراجع العلمية الأكثر تقدما وترجمة أحدث الاكتشافات ومراقبة تطور العلوم الحديثة وتدريب الخبراء العرب في العلوم التي ستغير وجه العالموضع التراتيب المشتركة من مناهج بيداغوجية ومراجع علمية وتدريب للأساتذة وتبادل خبرات لكي تدرس في نهاية العشرية المقبلة من الخليج إلى المحيط الفيزياء النظرية وعلوم المورثات وأعقد وأحدث العلوم باللغة العربية وكذلك إحداث جائزة "نوبل عربية" تخصص للباحثين العرب القادرين في نفس الوقت على تقديم أرقى البحوث على المستوى الدولي وتقديمها باللغة العربية بالإضافة إلى ذلك بعث مؤسسة موحدة يمكن تسميتها معهد ابن خلدون لنشر اللغة العربية في العالم وخاصة في إفريقيا وآسيا والبلدان الغربية على غرار معهد قوتة لنشر اللغة الألمانية واللغة الصينية وبعث مؤسسة جامعة لدراسة اللهجات المحلية وتراثها الزاخر بما هي الأغصان التي تطورت من جذع اللغة الأم وبالتالي هي جزء من هذه اللغة لا بديلا عنها ومنافسا لها. وقال المرزوقي "لقد تأسّست المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم منذ أكثر من أربعة عقود بهدف التمكين للوحدة الفكرية بين أجزاء الوطن العربي عن طريق التربية والثقافة والعلوم ورفع المستوى التربوي والتعليمي والثقافي والعلمي في هذا الوطن، حتّى يقوم بواجبه في البناء والمساهمة في الحضارة العالمية والمشاركة الإيجابية فيها ومن الطبيعي أن تكون منظمتكم المعني الأول بهذا المشروع وأن تساهم في بلورته لكي ينتقل من مرحلة الأفكار العامة إلى مرحلة البرمجة العملية والشروع في التنفيذ". وأوضح رئيس الجمهورية أن تونس تدعم الكامل للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وتعتزّ باحتضان مقرّها الدائم، ولن تدّخر جهدا في سبيل وضع جميع التسهيلات والطاقات والإمكانيات المتاحة لجعلها منارة الوحدة الثقافية العربية.