عصفت الإضرابات في مختلف جهات تونس لتجتاح أغلب مؤسساتها الاقتصادية والاجتماعية ووصلت الى رئاسة الجمهورية التي كانت تعتبر بمنأى عن الاحتجاجات. وبدأ الاثنين مساعدو الرئيس التونسي منصف المرزوقي من موظفين سامين وأعوان في تنفيذ إضراب يتواصل يومين الاثنين والثلاثاء "احتجاجا على عدم تلبية جملة من مطالبهم المهنية والمادية" وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الحكومية. وشل الإضراب نشاط المكاتب المتعددة الاختصاصات، السياسية منها والإدارية والإتصالية، التي تساعد منصف المرزوقي في أداء مهامه. ويعد إضراب أعوان وموظفي رئاسة الجمهورية الأول من نوعه في تاريخ تونس منذ استقلالها عن الاستعمار الفرنسي عام 1956 مما يعني أن حالة "السخط" و"الإحباط" والشعور ب "الحيف الاجتماعي" لا تشمل فقط أبناء الجهات المحرومة والعاطلين وإنما "تشمل أيضا الموظفين السامين بما في ذلك العاملين في رئاسة الجمهورية التي "تعد خطا أحمر" باعتبارها رمز السيادة ومركز القرار الوطني. وتقول مصادر سياسية ونقابية أن إضراب موظفي وأعوان رئاسة الجمهورية "تسببت في إحراج" رئيس الجمهورية منصف المرزوقي الذي طالما قدم نفسه مناضلا حقوقيا من أجل الحريات وحق حرية الرأي والتعبير ومدافعا عن حقوق الموظفين والعمال. ومما زاد في إحراج المرزوقي دخول الإتحاد العام التونسي للشغل، أقوى المنظمات المدافعة على حقوق العمال، على الخط حيث تم "تنسيق" الإضراب مع قيادة الإتحاد وهو ما يعد سابقة خطيرة في تونس. وشدد الإتحاد العام التونسي للشغل على أن رئاسة الجمهورية رفضت "المطالب المشروعة" للموظفين وللأعوان". وقال القيادي في إتحاد الشغل الحبيب جرجير في إن مكتب رئاسة الجمهورية قد "رفض الإصغاء للمطالب المتعلقة بالترفيع في منحة التكاليف الخاصة وتعميم منحة المهمات الخاصة" التي كانت تسند لسبعة أشخاص فقط في فترة حكم الرئيس السابق. وكشف جرجير أن اتصالات تمت في إطار "التكتم" بين قيادة الإتحاد ومدير الديوان الرئاسي لمنصف المرزوقي بشأن "وضع قانون أساسي لموظفي وأعوان رئاسة الجمهورية" إلا أن ذلك لم يتم بعد. وأعرب جرجير عن استغرابه من موقف تفقدية الشغل التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية التي لم "تقم بتحديد جلسة مصالحة بين ممثلي اتحاد الشغل وممثلي الإدارة بمؤسسة رئاسة الجمهورية". وتشهد تونس مظاهرات واحتجاجات من شرائح اجتماعية مختلفة بدءا بالعاطلين عن العمل إلى القضاة الأساتذة ووسائل الإعلام والموظفين لتصل هذه المرة إلى رئاسة الجمهورية. وكان الرئيس التونسي منصف المرزوقي قد مدد حالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ منذ 14 يناير/ كانون الثاني 2011 إلى نهاية تموز/يوليو المقبل. وهذه هي المرة الخامس التي تمدد فيها تونس حالة الطوارئ منذ هروب الرئيس بن علي. ولم تمنع حالة الطوارئ التونسيين من مواصلة الاحتجاجات ضد حكومة النهضة حيث ورفعوا خلال الأسبوع الماضي شعارات لاذعة منها "الشعب فد فد"، أي ضاق صدره ،"من الطرابلسية الجدد". لكن منصف المرزوقي طالب المحتجين ب "الصبر على الحكومة" ومنحها مهلة متهما "البعض" بعرقلة جهودها. وبرأي مراقبين فإن إضراب أعوان وموظفي رئاسة الجمهورية الذين هم في الواقع موظفون سامون مساعدون للمرزقي مؤشر على مدى خطورة الوضع السياسي وهشاشته، مشددين على أن الإضراب يعد مؤشرا على أن "المرزوقي ليس بمنأى عن الاحتجاجات التي تجتاح البلاد".