قدّمت الّلجنة الجهوية للشّباب العامل ببن عروس يوم السبت 27 فيفري بدار الاتّحاد الجهوي للشّغل الحلقة الأولى من نشاط يدخل ضمن برنامج الشّباب العامل بالجهة لإحياء عادات قديمة اندثرت أو قاربت على الاندثار هي نوادي السينما التي كانت موجودة في كل مكان والتي تربت عليها أجيال وأجيال وقدمت لهم زادا معرفيا وثقافيا لا ينضب وفي هذا الإطار اختارت لجنة الشباب العامل للعرض شريطا وثائقيا عنوانه Insommnie أنجزه نادي السينمائيين ببن عروس وأخرجه أسامة بوعزيز والشريط يتناول مشكلة الإدمان ويعرض نماذج من شباب ضائع مدمن على المخدرات وشرب الخمر شباب لا تتجاوز أعمارهم 16 سنة. الشريط يصدم ويدقّ ناقوس الخطر حول تفشّي هذه الظّاهرة في مجتمعنا هذه الأيّام وهو ينقل ضياع جيل لفظت اغلبه المدرسة أو لفظها واحتضنه الشارع بكل مخاطره يسرق ويشرب الخمر على قارعة الطريق ويستعمل المخدرات بكل أنواعها "يحربش، يزطل، ويزرق" ويتعرض الشريط إلى بعض أسباب هذه الظاهرة وهو مانكبّ على مناقشة اللجنة والحاضرون وعددهم هام من أعضاء نادي السينمائيين الهواة ببن عروس الذين أتوا مشكورين للمساهمة في إثراء النقاش في هذا الشريط وليتحدثوا عن ظروف تصويره في أحياء لا تبتعد عن العاصمة إلا بعض كيلومترات ولكن أبناءها يعيشون الفقر والبطالة والجريمة والإدمان والبقية تأتي، أما تدخلات الحاضرين فقد انكبت على تحليل أسباب ظاهرة الإدمان بمنحاه السّلبي لان للإدمان أوجه أخرى ايجابية كالإدمان على المطالعة مثلا كما تناولت انعكاسات الإدمان على الفرد وعلى المجتمع إضافة إلى مقترحات حول كيفية التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة؟ فعن أسباب هده الظاهرة تناول الحاضرون أن من أهم الأسباب انتشار الفقر والبطالة والانقطاع المبكر عن الدراسة لدى فئة كبيرة من شبابنا إذ ينعكس ذلك بالضرورة على نفسية الشباب ويجد نفسه محروما من ابسط الحاجيات فيهرب إلى الإدمان على الكحول أو المخدرات لينسى واقعه ولو لحين ويعيش في عالم الخيال والأحلام ليتحصل فيه على كل ما يحرم منه في واقعه المر. أما عن الأسباب الأخرى التي لا يمكن إهمالها وهي انتشار الإدمان في أوساط شبابنا خاصة فهو غياب دور العائلة في التربية والإحاطة بالابن والمراقبة وخاصة في سن المراهقة الحرج فاغلب الأولياء مستقيلون من دورهم في تربية الأبناء فيكون ملاذ الأبناء هو الشارع بكل مخاطرة خاصة إن أحس الشباب بالفراغ فلا دراسة ولا فضاءات مجانية أو حتى بمقابل رمزي كافية يمارس فيها هواياته المختلفة كالرياضة بأنواعها أو مجال الفنون من موسيقى ورسم ومسرح وسينما وهذه النشاطات هي في ذات الوقت قادرة على حمايته من مخاطر الإدمان بل يمكن أن يبدع فيها ولكن تساءل بعض الحاضرين في النقاش عن أسباب انتشار هذه الظاهرة ليس في الأوساط الفقيرة فحسب وان كانت مستفحلة في هذه الأوساط أكثر ونتائجها وخيمة على هذه الفئة اكبر بل إن الإدمان على المخدرات خاصة منتشر حتى في الأوساط المترفهة وأصبح يطال حتى الطلبة والتلاميذ وتساءل البعض على أن جيل الستينات والسبعينات مثلا عاش الفقر ولكن لم يكن خياره الإدمان وكانت الإجابة في وجود أسباب أخرى لهذه الظاهرة وهي مرتبطة بضعف النظام التربوي والسياسة التعليمية المتبعة منذ نهاية الثمانينات وهو ما يسمى بالإصلاح التربوي. هذه السياسة التعليمية التي أفرغت التعليم من كل برامجه ومحتوياته الهادفة وهمش دور الثقافة. هذا كله خلق جيلا مهمشا بدوره لم يعد له مرجعيات فكرية عميقة يستند إليها ولم يعد له قيما نبيلة يؤمن بها إلا فئة قليلة ولذلك ناقش بعض المتدخلين كيف يمكن التصدي لهذه الآفة لان القضاء عليها يبدو أمرا صعبا فتحدث البعض عن ضرورة معالجة أسباب هذه الظاهرة لأنها ستظل قائمة وستستفحل أكثر مادامت أسبابها قائمة. وتحدث البعض الأخر عن البدائل وهي ليست كثيرة وتكمن أساسا في ضرورة توعية الشباب اليوم بمشاكله وقضاياه وفتح قنوات الحوار معه وفتح الفضاءات المغلقة أو المقفرة من الشباب ويمكن أن تكون لجان الشباب في الاتحاد إحدى هذه اللبنات التي يجب أن تستقطب الشباب وتعمل على تبث الوعي في صفوفه من اجل تغيير العقليات كما يجب أن تتظافر هده الجهود ولا يبقى هذا الدور منوط بعهدة الاتحاد وحده بل دور مكونات المجتمع المدني في الإحاطة بالشباب. هكذا أردنا نادي سينما الشباب في بن عروس مجالا للتلاقي والنقاش والجدل في مختلف المواضيع والقضايا الحارقة وإثارة المسكوت عنه وهو أصل البلاء ولكننا نتجاهله ولا نروم الخوض فيه ولكل أسبابه فتكون نتائجه مدمرة في كثير من الأحيان. فمتى يفتح مجال الحوار الجدي للشباب بمختلف فئاته في السنة الدولية للشباب ليناقش ويخرج من صمته ويبدع نعم يستطيع أن يبدع ويكفينا من تنظيم الندوات والحديث بالشعارات فلننزل إلى الميدان إلى الواقع واقع شبابنا ولتكن خياراتنا نابعة من خياراته