أنا أحمد البزازي كنت قد نشرت مقالا سنة 2004 طالبت فيه بفتح تحقيق في صفقات مشبوهة بالمؤسسة التي كنت أشتغل بها انذاك فتم طردي من العمل، اثر ذلك توجهت الى محامي رابطي وعرف بمناصرته للطبقة الشغيلة (الأستاذ محمد الصالح التومي) وأنبته في القضية الشغليّة فقضت فيها المحكمة لفائدتي باعتباري مطرودا طردا تعسفيا وحكمت لفائدتي بغرامة مالية تقدر بحوالي 26 ألف دينار. استأنفت الشركة ذاك الحكم فأقرت محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي ثم عقبت الشركة ذاك الحكم فعادت القضية بعد التعقيب الى طور استئنافي جديد حيث قضت فيها المحكمة لفائدتي باقرار الحكم الابتدائي ثم عقبت الشركة ذاك الحكم مرة أخرى وجاء قرار محكمة التعقيب لفائدتي، وبذاك اختتمت هذه القضية ذات الخمسة أطوار بعد القيام بسحب المال المؤمن بالخزينة العامة اقتطع المحامي أجرته وحددها انذاك بألف ومائتي دينار عن كل طور، اي ما مجموعه ستة الاف دينار. وقد تبين لي فيما بعد ان محام آخر لم يأخذ من منوبه في قضية شغلية سوى ثمانمائة دينار، أي خمسمائة دينار في الطور الابتدائي وثلاثمائة دينار في طور الاستئناف. وكانت المحكمة قد حكمت في طورها الابتدائي بغرامة مالية لفائدة المطرود تعسفيا بحوالي 21 ألف دينار وأيدت محكمة الاستئناف ذاك الحكم. هنا يطرح سؤال، أيّ مقاييس تعتمد لتحديد أجرة المحامي؟ فما أبعد أجرة هذا عن أجرة ذاك. فإن نتجول في سوق المنصف باي حيث البضاعة المعروضة، لا نعرف مصدرها ولا نعرف كيف دخلت الى تونس، لكن الأسعار متقاربة جدا، أما بالنسبة للمحامين فالأمر مدهش. قيل أن لا أجرة محددة للمحامين مهنة حرة وكل يحدد أجرته لوحده. وهنا تطرح الاسئلة التالية: هل من الصعب على رجال القانون سن تعريفة موحدة فيما بينهم تؤسس الثقة بينهم وبين بقية المواطنين؟ ترى لفائدة من البقاء على هذه الحالة دون تعريفة موحدة؟ وما عساه يكون حكم عامة الناس على المحامين في شأن أجورهم؟ أعود الى قضيتي وأذكر أن الأحكام الصادرة لفائدتي تنصّ على تحميل الشركة التي أطردتني من العمل المصاريف القانونية التي أنفقتها أنا في هذه القضية وبالتالي من المنتظر أن أتوجه في الأسابيع القادمة الى المحكمة للمطالبة بهذه المصاريف واستصدار حكم في هذا الشأن. أما وأن هناك اختلاف في الأجور بين المحامين وبالتالي يطرح السؤال التالي: هل ستحكم المحكمة لفائدتي بكل ما دفعته للمحامي كأجرة للمحاماة أي 6 آلاف دينار؟ في تقديري، لابد ان تكون عند القضاء مقاييس تعتمد لتحديد أجرة المحاماة وإلا لما استطاعت تحديد أي أجرة. وافتراضا أن حريفا امتنع عن دفع أجرة محاميه فإن هذا المحامي سيرفع قضية ضد منوبه مطالبا إياه بدفع ما عليه كأجرة للمحامي. وفي تقديري ان هذا الحكم الذي سيصدر في هذه الحالة هو حكم يراعي نسبيا مطالب المحامي صاحب الدعوى ضد حريفه. وسيعتمد القضاء في ذلك مقاييس هو أدرى بها مني. وبالتالي لن يأخذ المحامي من منوبه اكثر مما قضت به المحكمة. أعود الى قضيتي، قلت أنه من المنتظر أن أتوجه في الأسابيع القليلة القادمة لرفع دعوى ضد الشركة مطالبا باسترجاع المصاريف القانونية التي أنفقتها في قضيتي مع الشركة، لكن قد تحكم المحكمة باسترجاع أجرة محاماة أقل بكثير مما دفعته للمحامي، عندها سأعود وأطالب المحامي بما أخذه زائدا عما أقرته المحكمة في قضية استرجاع المصاريف، وذلك باعتبار ان الأجرة التي حددها بنفسه غير عادلة، وبالتالي ليس من حقه الاحتفاظ بها لنفسه. إذ لا تتطابق مع الحكم الصادر عن المحكمة. في اطار التحضير لرفع هذه الدعوى ضد الشركة لابد لي من فواتير عدول التنفيذ الذين قاموا بإجراءات قانونية مع الشركة ثم فاتورة المحامي. باتصالي بالمحامي طالبا فاتورة المحاماة، مدني بنص طلب مني إمضاءه بالبلدية، فرفضت إمضاءه ذلك ان هذا النص ينص على اتفاق تام بيني وبين المحامي في خصوص أجرته وهذا غير صحيح. ثانيا، ينص على إبراء ذمة مكتب المحاماة إبراءا تاما ونهائيا، وهذا لا يمكن أن يكون الا اذا أقرت المحكمة بتلك الأجرة أي 6 آلاف دينار. ولذا فإني أدعو عمادة المحامين للاتصال بهذا المحامي وتخييره بين حلين. الحل الأول: مدّي بفاتورة أجرته كما حددها لكن دون شروط فأقدمها للمحكمة ضمن المستندات الأخرى وأستصدر حكما في استرجاع المصاريف القانونية. فإن قضت المحكمة باسترجاع ال 6 آلاف دينار كأجرة للمحاماة، فقد انتهى الخلاف بيني وبين هذا المحامي. أما إذا قضت المحكمة باسترجاع مبلغ أقل من ستة آلاف دينار، فعلى المحامي ارجاع ما زاد عن ذلك، وإن رفض أرفع قضية في استرجاع ذلك من المحامي. الحل الثاني: تعتبر ال 6 آلاف دينار التي اقتطعها المحامي مؤمنة عنده الى حين صدور حكم في قضية يرفعها هو ضدي يطالبني فيها بتسديد أجرته ويطلب من المحكمة ما يشاء كأجرة ولو كان أكثر من ستة آلاف دينار فلن أعترض على ذلك ولن أستأنف الحكم بل له الحق في الاستئناف أو التعقيب إن رغب في ذلك فإن ما ستقضي به المحكمة في هذا الشأن سأعتمده باعتباره صادرا عن المحكمة، وأطلب فيما بعد الشركة بتسديده لي كاملا مع مصاريف عدول التنفيذ. أدعو العمادة الى طرح السؤال التالي على هذا المحامي: كم تقريرا قدم في الطور الاستئنافي الأول اي بعد الطور الابتدائي؟ سيجيب أنه لم يقدم أي تقرير وكان ذلك بطلب منّي، ذلك أني قلت له حينها أن الشركة هي التي استأنفت الحكم وبالتالي فلتتصارع مع القضاء الذي أصدر حكما ضدها، أما نحن فنقف موقف المشاهدين ونكتفي بعبارة »نتمسّك«، وبالتالي كان بإمكاني الاستغناء عن إنابته لكن أخلاقي رفضت أن أقيسه بالدينار. لكن أجرته المجحفة هي التي دفعتني الى تصويب الأمور. هذا بالاضافة الى ما قاله لي قبل أن يمدني بالتقرير الذي قدمته في الجلسة الصلحية. ذلك انه عند تلاوته لهذا التقرير توقف عن التلاوة بعد ان ذكر »أجرة المحاماة ألف ومائتي دينار« وقال لي لا تهتم بذلك فالأجرة ليست هكذا بل نحن نكتب فقط، وها أني أفاجأ في الختام بالحقيقة المتناقضة مع الأقوال. لكن ربما كانت طريقة تصرفه هذا تعبيرا مثاليا عن مناصرة الطبقة الشغيلة، من يدري؟ ختاما، أوكل لعمادة المحامين الاتصال بهذا المحامي والعمل على تخييره في أحد الحلين المذكورين كما أدعوها الى العمل لإيجاد تعريفة موحدة بين المحامين تؤسس لبناء ثقة بين هذه الشريحة وبقية أفراد الشعب.