لعلّ هذا البيت الشعري ذي الدّلالة العميقة ينطبق على سكان مدينة مجاز الباب التي استوطنها الأندلسيون الذين برعوا الى حدّ الإبداع في زراعة الخضر والبقول والغلال، وقد توارث أحفادهم «المجازية» هذه البراعة أبا عن جد إلى يومنا هذا يساعدهم في ذلك وادي مجردة الذي يحيط بالمدينة إحاطة السوار بالمعصم مما يجعل المنتوج وفيرا لكن المفارقة المذهلة تكمن في الغلاء الباهظ لأسعار هذه المنتوجات مما جعل الأهالي دائمي التذمر خاصة عند مقارنة أسعار سوق الجملة وسوق التفصيل التي تنتصب يوميا وسط المدينة مع أسعار مثيلاتها في مدن ماطر أو باجة التي لا تبعد كثيرا عن مجاز الباب وهي مدن معروفة بالزراعات الكبرى تأتي إليها الخضراوات والبقول من مناطق بعيدة عنها لكن أسعارها أرخص كثيرا وقد تصل في بعض الأحيان الى نصف السعر الموجود في مجاز الباب مما يثير كثيرا من التعجب. كما تجدر الإشارة الى غياب تصنيف المعروضات عند البيع للمستهلك فالمنتوج متوسط الجودة مثلا يُباع بسعر مرتفع جدا ونفس الامر ينطبق على المنتوج الرديء والجيد كذلك!! هذا بالإضافة الى منع بائعي الخضر للمواطنين من الإختيار عند الشراء لقد برّر لنا البعض هذه الأمور بسياسة تحرير الأسعار لكن فاتهم أن لهذه السياسة قواعد وضوابط محددة وليست قانون الغاب. إن مجاز الباب مدينة «ريفية» بامتياز يشتغل أغلب أبناءها بالميدان الفلاحي والبقية يعملون في المصانع بأجور غير مجزية لذا فالسواد الأعظم منهم ينتمي للطبقة الشعبية الكادحة التي تبْدي قلقا متزايدا على القدرة الشرائية لقُفّة الغذاء وتشكو من الارتفاع المزمن في الاسعار. ان الحلول تتمثل أساسا في تحل كافة الاطراف بمسؤولياته، السلطات المحلية والجهوية التي لم يعد مقبولا أن تمر كثيرا من الممارسات غير القانونية تحت سمعها وبصرها، فرع منظمة الدفاع عن المستهلك الذي انتصب في المدينة مؤخرا مدْعوٌّ بدوره إلى عدم الإكتفاء بدور المتفرج ومتلقي الشكاوي بل عليه النزول الى الميدان والمساهمة بفعالية في القضاء على هذه الظاهرة التي ترهق كاهل المواطن ذي القدرة الشرائية المرهقة أصلا.