بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بناء الدولة الوطنية وتحديث المجتمع في تونس
❊ الاستاذ: محمد بوخريص
نشر في الشعب يوم 29 - 05 - 2010

مقدّمة: تمكن النظام الجديد بزعامة الحبيب بورقيبة من إرساء قواعد دولة عصرية ومجتمع حديث في فترة وجيزة نسبيا (1956 1964) رغم صعوبة الظرفية (المعارضة اليوسفية والحضور العسكري الفرنسي بتونس).
I بناء الدولة العصرية واستكمال السيادة
1 إرساء النظام الجمهوري
❊ بمقتضى الأمر الصادر عن الباي بتاريخ 29 ديسمبر 1955 دارت إنتخابات المجلس القومي التأسيسي يوم 25 مارس 1956، وأسفرت هذه الانتخابات عن فوز قائمة الجبهة القومية (تضم الحزب الحرّ الدستوري التونسي، الإتحاد العام التونسي للشغل، الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والإتحاد القومي للمزارعين...) وانتخب الحبيب بورقيبة رئيسا لهذا المجلس.
إلغاء النّظام الملكي وقيام الجمهورية يوم 25 جويلية 1957.
الإعلان عن الدستور يوم 1 جوان 1959 الذي أقرّ النّظام الجمهوري ومبدأ التفريق بين السلط ومنح رئيس الجمهورية سلطات واسعة.
2 تونسة دواليب الدولة:
اتخذت الحكومة الوطنية عدّة إجراءات في اتجاه تونسة دواليب الدولة وتعصيرها من أهمها:
بعث في جوان 1956 إطارا إداريا جديدا يتمثل في الولاّة والمعتمدين
تونسة نظام الامن يوم 18 أفريل 1956 وتشكيل أول نواة للجيش الوطني يوم 24 جوان 1956
تونسة القضاء وتوحيده في إطار محاكم عصرية بداية من 1 جويلية 1957.
اعتراف فرنسا بالسيادة الخارجية لتونس في 15 جوان 1956 ، وإنضمامها إلى منظمة الأمم المتحدة يوم 12 نوفمبر 1956 وإلى الجامعة العربية منذ أكتوبر ,1958 وربطها علاقات ديبلوماسية مع عدد كبير من البلدان.
3 تحقيق الجلاء العسكري:
طالب بورقيبة منذ جوان 1956 بالجلاء العسكري عن البلاد (أكثر من 20000 رجل وعدّة قواعد عسكرية) لكن فرنسا رفضت لحماية مصالحها وتضييق الخناق على الثورة الجزائرية.
قامت فرنسا بالعديد من الإعتداءات على القرى الحدودية التونسيّة المحاذية للجزائر أخطرها الإعتداء على ساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1958 الذي خلف 68 قتيلا و87 جريحا.
تقدمت الحكومة التونسية بشكوى إلى مجلس الأمن ونشبث عدة معارك (نتيجة منع تحركات القوات الفرنسية) من أهمها معركة رمادة في 8 ماي 1958 الذي كان من أبرز شهدائها المقاوم مصباح الجربوع.
أفضت هذه المقاومة إلى قبول فرنسا إجلاء قواتها عن التراب التونسي بإستثناء قاعدة بنزرت
اعتبرت الحكومة التونسية سيطرة فرنسا على قاعدة بنزرت غير قانونية ووقع استغلال انطلاق أشغال توسيع المطار العسكري بها (جوان 1961) للمطالبة بالجلاء عن بنزرت.
اندلعت المواجهة بين الطرفين الفرنسي والتونسي وتواصلت من 19 الى 23 جويلية 1961، وأسفرت عن سقوط 670 شهيدا و1155 جريحا وأفضت إلى الجلاء عن بنزرت في 15 أكتوبر 1963.
3 تحقيق الإستقلال الإقتصادي والجلاء الزراعي
أ الاستقلال النقدي وتونسة الجهاز البنكي:
قامت الدولة التونسية في 19 سبتمبر 1958 بإحداث البنك المركزي التونسي الذي تولّى إصدار »الدّينار بدلا من الفرنك الفرنسي« في 18 أكتوبر 1958.
كما أسست ثلاثة بنوك شبه حكومية وهي الشركة التونسية للبنك، والبنك القومي الزراعي والشركة القوميّة للتمويل لتنمية المجهود الإستثماري.
قرّرت إلغاء العمل بالوحدة الجمركية القائمة مع فرنسا منذ 1928 وبعث مؤسسات تجارية للتوريد والتصدير مثل ديوان التجارة وديوان الحبوب وديوان الزيت.
ب تأمين القطاعات الإقتصادية الحيويّة:
أقدمت الدولة التونسية بين 1956 و1960 على تأميم القطاعات الحيوية مثل السكك الحديدية والموانئ وإنتاج الماء والكهرباء والغاز.
بعثت شركات حكوميّة أو شبه حكوميّة مثل شركة الفسفاط وشركة عجين الحلفاء... وعدّة دواوين مثل ديوان الصناعات التقليدية وديوان الصيد البحري...
ج الجلاء الزراعي:
❊ بلغت مساحة الأراضي التي كانت بحوزة المعمّرين في تونس قرابة 850000) هكتار) وهي من أخصب الأراضي
❊ حققت الحكومة التونسية الجلاء الزراعي على مراحل وبصيغ متنوعة،
شراء حوالي 100000) هكتار) بإتفاق مع فرنسا.
ضم الأراضي التي هجرها المعمّرون
إصدار قانون 12 ماي 1964 الذي ينص على تأميم ما تبقّى من أراضي المعمّرين بتونس (165000 هكتار).
لم تقتصر الدولة التونسية على استكمال مقومات السيادة بل عملت في نفس الوقت على تحديث المجتمع.
II تحديث المجتمع التونسي:
1 توحيد التشريع وتعصيره
❊ تميّز القضاء في تونس زمن الاستعمار بالتشتت والإزدواجية (قضاء فرنسي، قضاء تونسي عصري، محاكم شرعية مالكيّة لأغلب السكان وأخرى حنفيّة لأقلية منهم، مجالس الاحبار لليهود ومحاكم مختلطة)
❊ بادرت السلطة التونسية بتوحيد القضاء وتعصيره بالاعتماد على التشريع الإسلامي وبالاستلهام من القوانين الحديثة حيث قامت ب :
إلغاء المحاكم الشرعية يوم 3 أوت 1956.
إصدار العديد من المجلات القانونية مثل مجلّة التجارة (5 أكتوبر 1959)، مجلّة الطّرقات (24 ديسمبر 1964 ) ومجلّة الشغل (30 أفريل 1966).
إصدار قراراجباريّة التسجيل في دفاتر الحالة المدنية (ولادة...) منذ 18 جويلية 1957 على كلّ التونسيين.
2 مجلة الأحوال الشخصيّة وتحرير المرأة:
استندت هذه المجلة على مرجعيّة فكريّة تقدميّة مثّلها الطاهر الحدّاد بكتابه »امرأتنا في الشريعة والمجتمع« ((1929 ، تضمّنت المجلة عدّة إجراءات ثوريّة أهمّها: منع تعدّد الزوجات، تحديد سنّ الزواج للمرأة (17 سنة) وللرّجل (20 سنة)، اشتراط رضاء الزوجين في الزواج، حقّ الرّجل والمرأة في طلب الطلاق، اقرار الطلاق بحكم عدلي، تمكين المرأة من حقّها في الإنتخاب والترشّح لكلّ المسؤوليات وتشجيع المرأة على التعليم.
3 توحيد التعليم وتعصيره:
أ الوضع التعليمي في تونس غداة الإستقلال: تميّز ب :
تعدّد المدارس وتنوّع البرامج (التعليم الزيتوني، الفرنسي العصري والصادقي...)
ارتفاع نسبة الأمّية بين التونسيين 85٪
ضعف نسبة التمدرس 29٪ (000 316 تلميذا في الإبتدائي والثانوي في السنة الدراسية 1956 1957).
ب الإصلاحات في مجال التعليم:
صدر قانون 4 نوفمبر 1958 لتوحيد التعليم وإقرار مجانيته وفتحه أمام الجميع ذكورا وإناثا.
وقع إلغاء المرحلتين الإبتدائيّة والثانويّة من التعليم الزيتوني بينما أصبحت مرحلته العليا من مشمولات كليّة الشريعة وأصول الدين.
رصدت الدولة اعتمادات ماليّة هامّة لفائدة التعليم تقدّر بحوالي ربع الميزانيّة العامّة.
ارتفعت نسبة التّمدرس إلى 95.7٪ سنة 1966.
مثّل التعليم وسيلة هامّة من وسائل الإرتقاء الاجتماعي بالنسبة الى الشرائح الإجتماعية غير الميسورة.
❊ خاتمة:
تميّزت الفترة ما بين 1956 و1964 بتعدّد الإنجازات وتنوّعها في إطار سعي دولة الاستقلال إلى تجسيد المشروع الوطني الذي ناضلت من أجله أجيال متعاقبة من التونسيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.