حينما انتهيت من قراءة مقال صدر بإحدى الجرائد اليومية يوم الأحد 92 أوت 0102، حول مسلسل «نسيبتي العزيزة» أطنب صاحبه في تقديم الشكر وإبداء الإعجاب الكبير لفريق السلسلة وتمنى لو أنها تواصلت طوال شهررمضان ولم تقتصر حلقاتها على النصف الأول فقط من هذا الشهر تذكرت ما قاله الشاعر العربي إسماعيل بن يسار: «ولا تبغ الخلاف فإنّ فيه تفرق بين ذات الأصفياء» فكأني بكاتب المقال يريد أن يزيد في وهج فتيل الاختلاف بين أهالي صفاقس وقناة «نسمة» ومن كتب نص «السيتكوم» والذين قاموا بالأدوار حيث أنه لم يعتمد في مقامه إلا على كتابة أسطر فيها كثير من الاستفزاز المتعمد للذين رفضوا ما قدمته السيدة منى نورالدين وجماعتها حيث يقول: «لقد تابعت حلقات هذه السلسلة من بدايتها إلى نهايتها فكنت أجد المتعة والترفيه والمستوى الراقي في جميع مكوناتها فلا إسفاف ولا ابتذال ولا سخف ولا ركاكة ولا مساطة ولا انحدار ثم أجد مع ذلك الضحكة فأضحك من قلبي وحتى عندما لا أضحك أستمتع بالطرافة والضمار وهي كلمة أقف عندها وأضع تحتها سطرا أحمر... نعم إن هذا العمل فيه كثير من الضمار الراقي والموفق جدا بثه علينا جميع أعضاء فريق السلسلة من خلال الحوار والتمثيل والسيناريو والمواقف الكوميدية الذكيّة... إنّ قناة «نسمة» استطاعت هذا العام من خلال هذه السلسلة أن تجد لها مكانا هاما في برمجة رمضان وتفتك مكانتها لدى المفترج التونسي لقد دخلت في معركة رمضان بجواد رابح». ومن الغد وفي نفس الصفحة وبتاريخ 03 أوت 0102 يعود الزميل الصحفي إلى نفس الموضوع «سلسلة نسيبتي العزيزة» ليقول كلاما غير الذي قاله بالأمس أعود من جديد الى «نسيبتي العزيزة» لأقول أنني تمنيت لو أنّ هذه السلسلة لم تتورط في فخ التأويلات ولو تجنبت ما يمكن أن يثير الحساسيات وكان بالإمكان دون أن يتأثر خطها الكوميدي ودون أن تخسر شيئا من «ضمارها» وطرافتها... وأعود لأقول أن أصحاب السلسلة كان عليهم أن ينتبهوا إلى ما يمكن أن تثيره بعض العناصر من إشكاليات فيقع تجنبها ولكن يبدو أنّ السرعة وهي آفة كبيرة تقضي على جودة كل عمل هي التي جعلت فريق السلسلة يقع في أخطاء جسيمة لا تقبل من محترفين ومهنيين يعرفون جيدا ماهو مقبول وماهو غير مقبول في تونس. ولكنها للأسف الشديد لم تنتبه إلى بعض الحساسيات التي لا تتحمل أن تكون موضوع نقد أو انتقاد أو حتى محور مجرد دعابة ثم يضيف قائلا: «لذلك فإن سلسلة «نسيبتي العزيزة» جنت عليها نزعتها الكاريكاتورية وربما قد تكون بالغت في هذه النزعة فتسببت في شيء من الوجيعة...» يا سيدي لقد قالت العرب: «» فما الذي طرأ عليك وما الذي أصابك حيث تراجعت ب 081 درجة بين عشية وضحاها؟ هل صحوت وتذكرت ما قاله الشريف المرتضى: «واوي الداء قبل تقول فيه طبيب الداء أعيى فاستطار فإنّ الحرب منشؤها حديث وكان الشرّ مبدؤه ضمارا وربّ ضغائن حقرت لقوم رأينا من نتائجها الكبار» فهل أنّك كنت قاصرا على فهم ما جاء من تجاوزات في السلسلة، وإلا فكيف تفسر ما كتبته في المقال الأول «تبقى مسألة اللهجة الصفاقسيّة والتأويلات التي صحبتها والشعور بأنّ السلسلة تسخر من الصفاقسيّة فإنني لا أريد التعمق فيها بعد أن أخذت حظها من الجدل وأكتفي بالقول بأنّ المسألة حمالة أوجه ولكن يجب عدم إخراجها من إطارها وهو إطار العمل الفني الذي لا تجوز مناقشته إلا بأدواته والتعامل معه على أساس أنّه فنّ والفنّ حر أو لا يكون». فهل أن الهاتف الذي جاءك من صديقك هو الذي أثابك إلى رشدك وأيقنت فعلا أنّك وضعت نفسك في ورطة وحشرت نفسك في متاهات لم تفكر في عواقبها التي تضر أساسا بصحيفتك اليوميّة وتدخلها في عداوة مجانيّة غير متعض بما قالته الحمامة حينما سقطت من عشها: «ملكت نفسي لو ملكت منطقي».