غيّب الموت أواخر الأسبوع الماضي، الصديق المناضل الحقوقي والسياسي هشام قريبع الذي التقيناه كنقابيين في عدّة محطات أبرزها بمناسبتي 1978و1985 وكذلك أيضا في عدّة منابر آخرها المجلس الإقتصادي والإجتماعي. وقد تألم الكثيرون ممن عرفوه لفراقه خاصة وأنّه تعرض طيلة فترة طويلة إلى مرض هزمه وقضى عليه في الأخير، وقد حضر لتشييع جنازته يوم الإثنين 03 أوت مئات الشخصيات الوطنية وعدد من المناضلين النقابيين في مقبرة قمرت. وكتب الزميل رشيد خشانة في جريدة الموقف أنّ الفقيد كان منذ بواكير شبابه يتقد نشاطا في الحقل السياسي فانظمّ إلى «تجمّع الدراسات والعمل الإشتراكي» الذي كان يُصدر مجلة «آفاق» (برسبكتيف) ومثل أمام محكمة أمن الدولة في جلستها بتاريخ 5 أوت 4791، رفقة أكثر من مئتين من أعضاء الحركة وأنصارها. ولم يدفعه القمع إلى الإستسلام. بل انضم إلى أسرة «الرأي» في مطلع الثمانينات مع عدد من أصدقائه من بينهم حمادي بن سعيد وحمادي الرديسي. وعهد لهم الأستاذ حسيب بن عمّار بالإشراف على صحيفة «ديموكراسي» التي كانت تصدر بوتيرة أسبوعية وأعطى الفريق نفسا جديا للصحيفة من خلال نشر دراسات اقتصادية وسياسية واجتماعية أزعجت الحكومة، فحجبتها واستصدرت حكما قضائيا بوقفها عن الصدور لمدة ستة أشهر. وبعد انقضاء تلك الفترة عاد هشام ورفاقه إلى إصدار ملفاتهم ومقالاتهم التي تلقي الضوء على المسائل المسكوت عنها، ولكن بدورية شهرية إلى أن توقفت كل من «الرأي» و«ديموكراسي» عن الصدور في أواسط الثمانينات. قبل ذلك تقدّم الفقيد بطلب للحصول على ترخيص لإصدار مجلة فكريّة غير مكتف بمساهماته في «ديموكراسي» فأسند له ترخيص «التقدم» التي نجح في إصدار خمسة أو ستة أعداد منها قبل أن تحتجب بدورها بعد الإنتكاسة التي أعقبت انتفاضة الخبز في بواكير 4891. لم يترك الفقيد ساحة إلا ملأها نشاطا وعطاء من حيويته المتدفقة. فترشح في خريف 2891 للإنتخابات التشريعية الجزئية في دائرة تونس لتحريك السكون وطرد الإحباط وكان دوما قريبا من الأحزاب الديمقراطية يؤازرها ويشد أزرها وبرهن الحضور المكثف والمتنوع في جنازته على اتساع شعاع الدائرة التي كان يتحرك فيها من حقوقيين ورجال أعمال وأطباء وفنانين وسياسيين على اختلاف أطيافهم. ويذكر أنّ الفقيد نشط بشكل لافت في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وتولى في هيئتها المديرة منصب نائب الرئيس إلى حدود سنة 0002 كما لعب دورا بارزا في تأسيس فرعي الرابطة في حلق الوادي الكرم والمرسى. رحم الله الفقيد ورزق أهله وأصدقاءه جميل الصبر والسلوان.