العمالة مقياس ديمقراطية الغرب: تونس تتحرّر من «سطوة» السفارات    في ظل فوضى وسائل التواصل الاجتماعي.. .كيف نحمي الناشئة من فخ القدوة الرقمية؟    بعد الهجوم على مقر الاتحاد... متظاهرون يطالبون بالتجميد وقياديون يدعون النيابة للتحرّك    في ظل تنافس طاقي دولي ...الكابلات البحرية... ورقة هامة لتونس ؟    الدكتورة لينا الطبال تكتب ل«الشروق» : هذا السلاح لا يمكن أن يُسلّم    أخبار الحكومة    ما سر قرار ريال مدريد مقاطعة حفل الكرة الذهبية 2025؟    بالمناسبة «ترامب... فوق البيت الأبيض»    ٍفيروس جديد يطلُّ من الصين و يُصيب الآلاف!    حكومة لبنان توافق على تجريد حزب الله من سلاحه    الديوانة تنتدب    تاريخ الخيانات السياسية (39) ثورة الزنج    إطلاق سراح مدير إقليم الأمن الوطني بنابل بعد أن برأته الأعمال القضائية والتساخير    دراسة: احذروا الشاشات... صحة أطفالكم في خطر!    احذر الشاي الأخضر إن كنت تعاني من هذه الحالات الصحية... القائمة    فتح باب التسجيل لكافة التلاميذ المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية العمومية والخاصة للسنة الدراسية 2025-2026    من 9 إلى 24 أوت: مهرجان "إيكوفيلدج" يجمع نجوم الفن في سوسة    الالكسو تطلق سجلّ التراث المعماري والعمراني في البلدان العربية حماية لذاكرة المدن العربية    عاجل/ نتنياهو: ننوي السيطرة على غزة وتسليمها إلى قوات عربية    بن عروس: تواصل فعاليات البرنامج الجهوي "سباحة وتنشيط للمدن الشاطئية" ببرج السدرية    بطولة العالم للكرة الطائرة لأقل من 21 سنة اناث - المنتخب التونسي ينهزم امام نظيره التايلاندي 0-3    جندوبة: إدارة مصنع اللفت السكري تشرع في توزيع عقود الانتاج على الفلاحين الراغبين في زراعة اللفت خلال موسم 2025-2026    عاجل: وزارة المالية تعلن عن مناظرة جديدة بالديوانة... التفاصيل والتواريخ!    الإعتداء على مقر اتحاد الشغل: مطالب بفتح تحقيق عاجل    عاجل/ فرنسا: حريق غابات يلتهم مساحة بحجم باريس.. ولا يزال خارج السيطرة    ترامب يعلن بدء فرض رسوم جمركية على 60 دولة بينها سوريا، لاوس، والعراق    تقدّم موسم جني الطماطم الفصلية بولاية القصرين بنسبة 90 %    عاجل/ الاعتداء على مقر اتحاد الشغل: بيان هام من منتدى الحقوق    رقم مفزع/ قرابة 8 آلاف متر مكعب من الفضلات يلقيها المصطافون خلال فترة الصيف..!    النادي الصفاقسي يعلن عن انتداب الكامروني اونانا والاوغندي موتيبا    عاجل/ قرار هام للجامعة التونسية لكرة القدم..    افروبسكييت (انغولا 2025): المنتخب التونسي يعيش فترة انتقالية حساسة وهدفنا تحقيق مشوار مشرف في الموعد القاري" (مهدري ماري)    أحمد الجوادي: "إستقبالي من قبل رئيس الجمهورية رسالة تحفيز على مزيد التألق"    هام/ هذا عدد المحلات التي ستشارك في "الصولد" الصيفي..    بعد انصافه وتوجيهه لكلية الطب بالمنستير: التلميذ محمد العبيدي يوجه هذه الرسالة لوزير التعليم العالي وكل من سانده..#خبر_عاجل    عاجل: هذه الدولة تستعد لموجة حرراة جديدة تبدأ السبت.. والسخانة قد تصل إلى 45 درجة    تونس تسجّل زيادة ب16.9% في الاستثمارات المصرح بها خلال النصف الأول من 2025    قابس: التعريف بفرص الاستثمار في القطاع الفلاحي المتاحة لأبناء الجهة في الخارج    عاجل/ معركة بين مغني "راب" بالأسلحة البيضاء في سكرة..والنيابة العمومية تتدخل..    فتح باب الترشح للمشاركة ضمن المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة لأيام قرطاج السينمائية    هاو وين تمشي فلوسك... 26٪ من شهريّة التونسي تمشي للمواد هذه    عاجل : فرصة عمل للتونسيين في السفارة الألمانية: شهرية محترمة وظروف عمل مميزة    منى نور الدين: مصدومة من جمهور سوسة... المسرح كان شبه خالٍ رغم تعبنا    وفاة والدة براد بيت عن عمر 84 عامًا    عاجل : الحاضر يعلم الغايب ...الصولد يبدا ليوما يا توانسة    تحب البطاطا المقلية؟'' هذا علاش ممكن تجيبلك مرض السكري!''    "عربون" لعماد جمعة على ركح مهرجان الحمامات: عرض كوريغرافي يرقص على جراح الفنان التونسي في ظل الوجع والتهميش    اليوم.. طقس صاف والحرارة في ارتفاع طفيف    رئيس الجمهورية يستقبل رئيسة الحكومة في جلسة خصصت للتداول حول عدد من المواضيع التي تتعلق بسير عدد من المرافق العمومية    فرنسا تعلّق إعفاءات التأشيرة لجوازات السفر الدبلوماسية الجزائرية وماكرون يلوّح بتدابير "أشد حزماً"    استشهاد 41 فلسطينيا بنيران جيش الاحتلال    رئيس الجمهورية يستقبل البطل التونسي أحمد الجوادي    تاريخ الخيانات السياسية (38): قتل باغر التركي    في دورتها الثلاثين... تتويج مبدعات تونسيات بجائزة زبيدة بشير... التفاصيل    مكانة الوطن في الإسلام    عاجل/ رئيس قسم طب الأعصاب بمستشفى الرازي يحذر من ضربة الشمس ويكشف..    عاجل- في بالك اليوم أقصر نهار في التاريخ ...معلومات متفوتهاش    التراث والوعي التاريخيّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة والمجتمع
نشر في الشعب يوم 11 - 09 - 2010

من خلال مراحل التاريخ الإنساني مرت المرأة بأوضاع مختلفة وتجارب متعددة وتطورات متتالية جعلت دورها يتبلور من السلبية إلى الايجابية في تناسق زمني مع التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في جميع أنحاء العالم حيث بدا صوتها يرتفع مطالبا بالحرية والمساواة إلى جانب الرجل ولم يكن وضع المرأة في الدول الغربية وغيرها أفضل حالا من نظيرتها في الوطن العربي خصوصا قبل الثورة الصناعية بأوروبا وكذلك لدى الشعوب القديمة فقد كانت المرأة بضاعة تباع وتشترى في الأسواق مهدرة الشخصية فاقدة لأبسط الحقوق التي تجعل منها انسانا حيث يباح دمها وعرضها وتقتل ولا مسؤولية على القاتل في قتلها ففي القانون الروماني تسند للرجال السيادة المطلقة على المرأة ويتصرف فيها كالحوز بالنسبة إلى العقار وإذا أراد ولي أمرها استرجاعها فعلية إن يدفع المهر لعشيرتها
أما عند الهنود فهي المخلوق النجس ولا حق لها في العيش بعد موت زوجها ولذلك يقع حرقها وهي على قيد الحياة مع جثة زوجتها .وفي عدة مجتمعات قديمة أيضا يقع إقصاء المرأة مدة العادة الشهرية من المدينة وتقيم في مكان خاص باعتبارها نجاسة تلوث المحيط بالأرواح الشريرة وإما عند اليهود القدامى فالمرأة سبب الشر وإنها معاقبة من الله لأنها أعانت الحية وتسببت في خروج ادم من الجنة وفي العصر الجاهلي أي قبل الإسلام كانت وضعية المرأة العربية متردية للغاية على الرغم من بروز البعض منهن في ميادين عديدة حيث كانت عادة وأد البنات وكذلك المباضعة وهي تتمثل قي أن الزوج يرغم زوجته على الإتصال برجل آخر لتحمل منه حتى يرزق منه بابن تكون فيه صفات ذلك الرجل المحبب لدى الزوج وأما في المجتمعات الأوروبية فقد عقد مؤتمر بفرنسا في القرن السادس كنت نتيجته أن المرأة إنسان قذر خلق ليخضع لمطالب الرجل وخدمته وفي سنة 5801 أباح الانجليز لرجل أن يبيع زوجته وابتكروا أساليب فضيعة لتعذيب النساء وظلت المرأة الأوروبية محرومة من حقوقها إلى غاية القرن التاسع عشر وبظهور الإسلام أخذت المرأة مكانتها كانسان أو كائن بشري له قيمة ودور في المجتمع وفق رؤية الشريعة التي تنظر إلى الأنوثة والذكورة نظرة تناسق تكاملي أي التناسق الذي لا يعني التكامل غايتها في ذلك تطوير الحياة حتى لا تكون العلاقة بين المرأة والرجل علاقة صراع وصدام ويرى بعض الباحثين أنّ الله فضل المرأة على الرجل في عدّة أشياء وأوضاع كما فضّل الرجل في عدّة وظائف وأعمال حسبما يناسب طبيعة وتركيب كلّ منهما وقد برزت في صدر الاسلام نساء بلغ أشعارهن أقصى البلاد وأخذن مكانتهنّ المرموقة في التاريخ وذلك في ميادين متنوعة كالحرب والخطاب السياسي والأدب والنقد والفقه وحتّى الحديث العلني عن الجمال ونورد في هذا الشأن ما روي عن أنس ابن مالك عندما ذهب إلى عائشة بنت طلحة وقال » لها أنّ أناسا بالباب يريدون أن يدخلوا إليك فينظروا غلى حسنك« فما كان منها إلاّ أن عاتبته لأنّه لم يخبرها بذلك من قبل حتى تتمكن من لصلاح هندامها وارتداء ما يناسب المقام لكن المجتمع العربي قد هيمنت عليه المفاهيم القبلية التي تشبث التمييز الإجتماعي البدائي حول دور المرأة مما كثف العراقيل التي تحول دون رقي المرأة وتطورها ففي العصر العباسي تفشى نظام الحريم والإماء والمغنيات والجواري الذي يحدد علاقة الرجل بالمرأة بالعلاقة البيولوجية الصرفة فيقولون النساء مناكح الرجال باعتبار المرأة متعة الدنيا مع احتقارها وطمس مواهبها وقدرتها العقلية وبذلك ازداد انحطاط المجتمع العربي وفي عهد الاستعمار العثماني تفاقمت مظاهر التخلف والجهل والجمود والرجوع إلى الوراء وظلت المرأة حكمها حكم لمملوك التابع وحرمت من القراءة والكتابة وانزلت منزلة أداة مستعملة للهو والترفيه ففرض عليها الحجاب والحذر والعزل عن الرجل
. وبانهيار الأنظمة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية في العهد العثماني دخل العرب في بوتقة الاستعباد عموما يقول قاسم أمين (كلّما تقدّم المستعمرون في البلاد تأخر ساكنوها) ثم تحولت المرأة في الغرب إلى المعاصرة في مجتمع ما بعد التصنيع واستفادت من الانجازات العلمية والثقافية التي اخترقت المسكوت عنه والمقدّس وتخلصت من تباعية الرجل بالمعنى التقليدي وأصبحت تساهم في الانتاج الوطني .كما أظهرت المرأة الأمريكية جرأة كبيرة في ارتياد آفاق الثروة الجنسية وخلق أنماط جديدة للحياة وقد حقّقت بذلك نتائج باهرة في جميع الميادين والغريب أنّ تجربة المرأة الأمريكية قد حقّقت بالثورة الجنسية ما لم تحقّقه الماركسية وهنا يطرح السؤال حول موقع قضية تحرير المرأة من قضية التحرير عموما أي موقع الثورة الجنسية من قضية الثورة الاجتماعية
.وفي عصر النهضة العربية أثار المفكرون العرب جملة من المسائل التي نشأت عن الاتصال بالغرب من بينها مسألة المرأة التي تسببت عدة عوامل في إثارتها منها عوامل خارجية كإطلاع العرب على أحوال المرأة في ديار الغرب عن طريق البعثات والرحلات ومنها عوامل اقتصادية (تشغيل المرأة في النظام الرأسمالي) وفكرية (الطباعة والإعلام) وسياسة (ظهورا لأحزاب) وتربوية (فتح المدارس للبنات) واجتماعية (ظهور حركات اجتماعية نسائية) أما أهم القضايا التي طرحت فهي المساواة بين الرجل والمرأة بيولوجيا واجتماعيا وتربويا .وظل الاختلاف قائما في هذا الشأن بين شقين من المفكرين البارزين فكانت مجموعة تدافع عن اللإنفتاح ويمثلها محمد عبده والطهطاوي والطاهر الحداد ومجموعة ثانية تدافع عن الانغلاق ويمثلها بيرم الخامس وطلعت حرب وابن مراد .وعلى الرغم من القيود التي تكبل المرأة خصوصا في الوطن العربي فقد سعت المرأة في أكثر من قطر عربي إلى كسرها وتجاوزها ولو بخطى وئيدة بدعم من العلماء والمفكرين التقدميين ومازالت إلى اليوم تصدع برأيها في المحافل الدولية وتعمل على تغيير القوانين والتشريعات التي لم تتطور بعد و تتضمن نصوصا سلبية فالدراسات العربية ليست كلها منسجمة في إقرار موضوع المساواة بين الجنسين فالبعض يقر ويعترف علنا أو ضمنيا والبعض الأخر يسلب المرأة حقها في النشاط السياسي وحقها في التصرف المالي وحقها في الشغل وفي اختيار المهنة التي ترغب فيها وحتي في الأقطار التي تصدر قوانين لصالح المرأة وتمكينها من ممارسة حقوقها فإنها مازلت تفرض عليها بعض الاستثناءات كالترشح إلى الانتخابات الرئاسية وتولي الأمانة العامة في الأحزاب السياسية وتولي بعض المسؤوليات الإدارية كما أن البعض يعتقد أن قدرات المرأة الفكرية أقل من قدرات الرجل إلا أن علم النفس الحديث فند هده الأحكام وأثبت أن لا فرق بين الرجل والمرأة في الذكاء وأن الفارق الوحيد هو الفارق الفردي وأن الكبت يولد الانخفاض في القدرة الفكرية عند الإنسان ولذلك لا بد من معاملة المرأة كانسان كامل الحقوق والواجبات وأن نقيم عملها على أساس الجدارة لا الجنس كما أن على المرأة تمارس دورا طليعيا في تعبئة قوة نسائية كبيرة وواعية تناضل في مجتمعها من منظور تنموي وحضاري شامل وعليها أن تعمل على إثبات وجودها وفرض شخصيتها لإبطال وصاية الرجل عليها حتى لا يظل الرجل دائما المحرك الأساسي والمرشد الأول لتوجهاتها وطموحاتها الرجل الذي سلبها حقها بالأمس قد منحها اليوم وقد يسلبها غدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.