نظّم الاتحاد الجهوي للشغل بتونس، بالتنسيق مع قسم التغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية والنقابة العامة للصناديق الاجتماعية، ندوة إطارات حول أزمة الصناديق الاجتماعية و أنظمة التقاعد وذلك يوم 7 أكتوبر الجاري بأحد النزل بالعاصمة . الندوة حاضر فيها السيد خالد الدريدي الخبير في الضمان الاجتماعي والأخ رضا بوزريبة الأمين العام المساعد المسؤول عن قسم التغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية . وكان للأخ نور الدين الطبوبي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بتونس كلمة وضع فيها اللقاء في إطاره العام الذي يأتي كتوصية من توصيات الهيئة الإدارية الجهوية الأخيرة و أوضح أن موضوع الندوة ألا وهو أزمة الصناديق الاجتماعية وإصلاح أنظمة التقاعد يجب أن يأخذ الحيّز المطلوب من الاهتمام باعتباره يمثّل احدى العناصر الأساسية لمستقبل الأجراء بعد عطاء وكدّ في العمل . و أشار إلى ان الاتحاد الجهوي للشغل بتونس يحرص على تشريك كل الهياكل الجهوية لإبداء الرأي حول موضوع اصلاح أنظمة التقاعد و بلورة موقف في الهيئة الادارية القادمة في نوفمبر القادم يقوم على النضال من أجل المحافظة على مكاسب الأجراء والصناديق . * اجراءات واصلاحات الخبير في مجال الضمان الاجتماعي، الأخ خالد الدريدي، قدّم عرضا حول واقع الصناديق الاجتماعية في بلادنا و أهم التحديات التي تواجهها من خلال مداخلة فنّية تقنية . وعرّف المحاضر بمفهوم الصناديق الاجتماعية الثلاثة وهي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والصندوق الوطني للتأمين على المرض، و مختلف الفئات والشرائح التي تتوجّه لها بالاهتمام كما عرّف بأنظمة التقاعد التي تسيّر الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية وهي النظام العام المتعلّق بأعوان الدولة والجماعات العمومية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية و نظام أعضاء الحكومة ونظام أعضاء مجلس النواب ونظام الولاّة الى جانب الأنظمة المدعّمة. واستعرض المحاضر أهم الإصلاحات التي شهدها الصندوق الوطني للتقاعد، ففي سنة 1994 تم ّ الترفيع في نسبة المساهمات ب2.2 بالمائة وفي سنة 2007 وقع مرّة أخرى الترفيع في المساهمات الى 3 بالمائة كما تمّ الترفيع في سنّ التقاعد من 55 الى 57 والترفيع في مدّة العمل من 35 الى 37 سنة الى جانب تحمّل كل منتفع بجراية بدفع المساهمات بمناسبة كل زيادة في الأجور وبيّن عمل الصناديق فيما يخصّ كيفية التمتع بالجراية واحتسابها ومجالات تعديلها من خلال مساهمات الأجير فضلا عن طرائق التمتّع بالجراية للأرملة و الأيتام . ولدى تقرير أي إصلاح لأنظمة التقاعد، فنظريا يمكن ان يمسّ ذلك اما المحافظة على الأنظمة التوزيعية أو ارساء نظام مبنيّ على الرسملة أو المزج بين النظامين، وفي هذا الصدد عرّف الخبير بالنظام التوزيعي الذي تعتمده بلادنا الى الآن، وهو يقوم على مبدأ التضامن بين الأجيال ويسهر على توزيع مساهمات أرباب العمل والعمال على المنتفعين بجراية كالمتقاعدين والأرامل والأيتام والعجّز و تنقسم الأنظمة التوزيعية الى قسمين، انظمة توزيعية ذات منافع محدّدة و أخرى ذات اشتراكات محدّدة. الأنظمة الأولى، تحسب فيها الجراية على أساس الأجر المرجعي ونسبة الجراية مع عدم الاعتماد على المساهمات كما يصعب فيها التحكّم في التوازنات المالية . و أبرز المحاضر كيف تقوم التوازنات المالية للصناديق ومظاهر اختلالها التي تتأسس على العجز بين مداخيل الصناديق ومصاريفها معدّدا العناصر المؤثّرة في هذه الاختلالات، فالتوازن المالي يخضع الى عنصرين أساسيين أحدهما مالي و اقتصادي والآخر ديمغرافي . و اذا شهدت الأنظمة التوزيعية إصلاحا من قبل الحكومة، فمن الممكن ان يكون ذلك عبر الترفيع في نسبة المساهمات والتقليص في مستوى الجرايات والتأخير في سنّ الإحالة على التقاعد وتمديد فترة المساهمات للحصول على نسبة جراية قصوى الى جانب البحث عن مصادر تمويل أخرى، وتتمثّل الاصلاحات التي من الممكن ادراجها في الجانب الديمغرافي الترفيع في سنّ الاحالة على التقاعد وهو التمديد في فترة العمل للزيادة في كتلة الأجور و التقليص في كتلة النفقات مع المحافظة على مستوى الجرايات أو نسبة التعويضات، هذا فضلا على اصلاح آخريتمثّل في التحكم بالتقاعد المبكّر وهو ما ةمن شأنه ان يزيد في عدد النشيطين ويقلّص عدد المنتفعين . اما الاصلاحات المالية، فتتمثّل في تعديل عناصر قاعدة احتساب الجرايات والمتمثّلة في الأجر المرجعي و نسبة الجرايات ذلك ان التعديل في الأجر المرجعي هو اعادة النظر في المدّة التي يحسب على أساسها الأجر المرجعي، وتعديل نسبة الجرايات يغيّر اساسا في مردودية الأقساط السنوية. وللإصلاحات المالية تأثير كبير على الجراية، فمبلغ الجراية سيق تخفيضه عن طريق تعديل الأجر المرجعي أو تعديل نسبة الجرايات أو كذلك من خلال تعديل طريقة تحيين الجراية أو تعديل جميع هذه العناصر في نفس الوقت . وفي هذا المستوى قدّم الخبير أمثلة توضيحية عن الواقع قبل التعديل الذي تعتزم الحكومة القيام الى جانب أمثلة أخرى بعد التعديل، وتوضّح ان المشروع الحكومي سيشكّل أعباء اجتماعية إضافية وسيزيد في كلفة العمل كما سيقع تجميد الانتدابات وبطبيعة الحال ستتأثر المقدرة الشرائية للأجير . *مواقفنا واضحة ضمن مداخلته، استعرض الأخ رضا بوزريبة الأمين العام المساعد المسؤول عن قسم التغطية الاجتماعية نشاط القسم فيما يخصّ موضوع انخرام توازنات الصناديق المالية وبيّن ان هذا الاهتمام لا يجب منحصرا على القسم فقط، بل يجب ان يكون هاجسا مشتركا بين جميع الأقسام وهياكل الاتحاد العام التونسي للشغل الجهوية والقطاعية . وابرز الأخ بوزريبة ان الاتحاد يسعى نحو ضمان مداخيل للصناديق الاجتاماعية تواكب المصاريف لكن دون ان يكون ذلك بالمسّ بالحقوق المكتسبة للأجراء، وشرح كيف ان التوجّهات الاقتصادية في البلاد هي المتسبّب الأساسي فيما وصلت اليه الصناديق . الأخ بوزريبة أكد ان الاتحاد العام التونسي للشغل لا يقبل اي مزايدة في هذا الملف و لايقبل ايضا اي تنازل، لذلك فان الاتحاد يتبع تكتيكا واضحا للعيان في التفاوض يتمثّل في عد خوضه في اي عملية تفاوضية حول مشروع إصلاح أنظمة التقاعد في تونس الا بعد الاتفاق على الأسباب الحقيقية لأزمة الصناديق الاجتماعية والتي يحصرها الاتحاد في السمسرة باليد العاملة وتقلّص فرص التشغيل والانتداب وسوء التصرّف والتهرّب الضريبي إلى آخره من الأسباب التي ساهمت في ضرب موازنات الصناديق الاجتماعية. و أوضح ان هذا الملف سيأخذ حظّه في ابحث والتمحيص خلال المجلس الوطني القادم حيث سيتمّ أخذ قرارات مستقلّة في هذا الاتجاه . * ملف يتطلّب التكاتف والعمل الجماعي مداخلات الاطارات النقابية لجهة تونس، جاءت كلّها لتعكس هاجس الشغيلة حول مستقبل أنظمة التقاعد وضرورة الدفاع عنها كمكاسب وجبت المحافظة عليها وتطويرها، فلخّصوا أسباب الأزمة و أرجعوها إلى التوجّهات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد التي أضرّت بالصناديق الاجتماعية وجعلت مستقبل الأجراء يتّسم بالضبابية والغموض و شدّدوا على ترجمة قرارات هياكل الاتحاد الى برامج عملية تتأسس على المسؤولية الجماعية و الانخراط في مسار نضالي يقوم على المراوحة بين المفاوضة المسؤولة و العمل الميداني. كما ابرزوا أهمية تكثيف مثل هذه اللقاءات والندوات المدعّمة بدراسات علمية من قبل خيرة الخبراء المجنّدين لخدمة الاتحاد العام التونسي للشغل والشغيلة في البلاد . الأخ نورالدين الطبوبي ختم الندوة بالتأكيد على دور جهة تونس في طرح هذا الملف وغيره من الملفات الجوهرية التي تمسّ مستقبل الطبقة العاملة مشيرا الى أولوية تدعيم موازين القوى لصالحها و الدخول في مسار تفاوضي يقوم على الندّية و يضع في صدارة الاهتمام المحافظة على المكاب الاجتماعية للأجراء و عدم التفريط فيها .