يوم 11 أكتوبر من السنة الفارطة ودع أهالي مدينة قفصة جثمان الدكتور عمر الدالي الى مثواه الاخير بمقبرة اجداده بالدوالي بقفصة. ومعلوم أن الدكتور عمر الدالي الذي توفي عن عمر يناهز 93 سنة يعتبر من بين المكافحين من اجل طلب العلم والمناضلين من أجل الاستقلال والمساهمين في بناء الدولة العصرية. عند تتلمذه بمعهد الصادقية وبسبب تحركه ونشاطه في صفوف الشبيبة المدرسية تعرض الى التعسف والتهديد بالطرد من المعهد، ثم وبعد تحصله على شهادة الباكالوريا تحول الى باريس لدراسة الطبّ.. وهناك التقى بثلة من أصحابه ورفاقه ومنهم: أحمد بن صالح، الطاهر عميرة، حامد القروي، حامد الزغل، منصور معلى، وكذلك مواطنيه محمود بن ناصر، عثمان بن علية وإبراهيم زيتوني، وانظم معهم للنضال في صفوف الجامعة الدستورية للحزب الحرّ الدستوري التونسي بباريس، وكذلك كان من بين المشاركين في نشأة اتحاد الطلبة. وفي سنة 1950 تخرج طبيبا وعاد الى بلاده كطبيب في الصحة العامة وباشر مهنته بتبرسق ثم قابس ثم توزر مواصلا لنضاله الوطني في صفوف الحزب. وبالتعاون مع المرحوم احمد التليلي وجملة من زملائه ورفاقه من أعوان الصحة كلف بعلاج المقاومين والثوار المجاهدين بعد اعداد مصحة سرية خاصة بالتعاون مع الممرض العربي خلف الله الذي اعد مصحة خاصة بمنزل والده داخل دهليز محميا بمسؤولية والده صالح خلف الله العامل بالمراقبة الفرنسية. وفي بداية عهد الاستقلال وبتعليمات رسميّة انتقل الى تونس العاصمة ليساهم في بعث كتابة الدولة للصحة العمومية والشؤون الاجتماعية بإشراف صديقه السيد أحمد بن صالح الذي اسند له مهمة مدير ديوان وكلفه بصفة خاصة بعديد الملفات ومن أهمها: ملف خطة تحديد النسل وآخر لبرامج الدفاع الاجتماعي، وقانون الصناديق الاجتماعية وبعث مصلحة الوقاية من الامراض الفتاكة. وبالتعاون مع اتحاد الشغل اعد لجنة خاصة لبعث مشروع الطب الاجتماعي الذي حظي بشهرة دولية هامة. وبحكم مهنته واثناء ترأسه لمجلس تأديب خاص بطبيب اتهم بالاهمال والاضرار بالمهنة وبالمريض تعرض الى ضغوطات وتدخلات من دوائر مسؤولة، وأخرى ذات وجاهة خاصة تسببت له في المرض والاصابة بجلطة جعلته يعلن استقالته من المهنة ويعود الى مسقط رأسه (قفصة)، لكن رئيس الجمهورية آنذاك المرحوم »الحبيب بورقيبة« رفض الاستقالة وكلفه بإدارة الصحة لاقليم الجنوب الغربي. وكان آخر عمل مهني له خلال جانفي 1980 اثناء عملية قفصة حيث أشرف على عمليات الاسعاف والانقاذ... واحدث لذلك نقاط خاصة تسهل العمل.. وفي آخر نفس السنة أحيل المرحوم على التقاعد وبالمناسبة اهيب بمختلف الدوائر المسؤولة وهياكل الصحة أن يقتفوا أثر الفقيد... ويعطوا لعمله ما يستحق، وأن توجه له لفتة وطنية صادقة.