احتضن مؤخرا مقر جمعية صيانة المدينة بفضاء دار سيدي جلّول بنزرت فعاليات الدورة الرابعة والعشرين للنّدوة التّاريخية السنوية انتظمت تحت اشراف الأستاذ سالم الجريبي والي بنزرت على مداخلتين اثنتين وهي: 1) مداخلة الأستاذة رجاء العودي من المعهد الوطني للتراث وهي بعنوان »قراءة في نقائش جديدة ببنزرت« ركّزت فيها على يافطات أو مرتكزات صلبة كالرّخام أو الحجر أو الجبس نقشت عليها كتابات شعرا كانت أو نثرا تؤرّخ تأسيس أو ترميم معالم سُبُل كانت أو جوامع أو زوايا أولياء صالحين بخطّ أندلسي للعربية وباللّغة التركية. ففي بنزرت نحصي 10 أسبلة واحدة فقط لا تحمل لوحة بيانية لتأسيسها والبقيّة تحمل نقائش وهي: نقيشة سبيل »يوسف داي« نقشت عليها قصيدة تخلّد تأسيسه سنة 1631/32 م 1041 ه. نقيشة سبيل »عين تويته« بها نصّ تأسيس ووقف سنة 1631/32 م. نقيشة سبيل »المرسى القديم« وفيها نصّ تأسيس ووقف سنة 1631/32 م. نقيشة سبيل »باب الجديد« نصّها أثري يؤرّخ البناء سنة 1639/40 م. نقيشة سبيل »سيدي قعقع« وهي نفس نقيشة بناء الزّاوية سنة 1699/700 م. نقيشة سبيل »باب الخوخة« هي قصيدة تخلّد البناء سنة 1702/03 م. نقيشة سبيل »عين بيطار« بها نصّ تجديد سنة 1703/04 نقيشة سببيل »مصطفى داي« نقيشة تجديد وإحياء سنة 1709/10 م. نقيشة سبيل »الكرنيش« الذي تأسّس سنة 1904 م. أمّا نقائش الزوايا فهي: نقيشة زاوية »سيدي المسطاري« نصّها يخلّد بناءها سنة 1674/75 م. نقيشة زاوية »سيدي قعقع« كما سلف ذكر سبيلها (1700 1699 م). نقيشة »سيدي المختار« بها نصّ تجديد في أواخر القرن 19. (سبيل حومة الأندلس لا يحمل نقيشة) . أخيرا نقيشتان بالجامع الكبير الأولى تخلّد تاريخ البناء سنة 1653 / 1652 م 1063 ه . والثانية تؤرّخ صنع المزولة به سنة 1789 / 1788 م 1203 ه. أهمّ ما جاء في النقاش بخصوص هذه النقائش هو ترجمة ما جاء فيها إلى اللغتين الفرنسية والانڤليزية لتوظيفها سياحيا ولقد تبنّت الجمعية هذا المقترح وتعهّدت بتنفيذه. مداخلة الأستاذ منصف شرف الدّين بعنوان: »تاريخ المسرح بمدينة بنزرت«، إلاّ أنّه اقتصر على ذكر بعث أوّل فرقة محترفة ببنزرت سنة 1967 1968 بإدارة عبد المطلّب الزّعزاع الذي خلفه فيما بعد المنشط المسرحي عبد اللّطيف الحمروني. أمسية اليوم الثاني تأثّثت بمداخلتين اثنتين لأستاذين شابين عمدت الهيئة على دعوتهما احتفالا بالسنّة العالمية للشباب وهي: 1 مداخلة الأستاذ والباحث في التّاريخ المعاصر عاطف عبشوق بعنون: »عصيان المجندين التّونسيين ببنزرت وفرارهم خلال خريف 1914« وركّز فيها على أسباب ونتائج هروب المجندين التونسيين من ميناء بنزرت من حيث كانت السّلطات الفرنسية العسكريّة ترحلّهم نحو الجبهات الأوروبية لصالح مشروعها الحربي بعد اندلاع الحرب العالميّة الأولى بشهرين ومن أهم أسباب الفرار هي تمجّد القوّة العسكرية للحلفاء وتمكّن الجيش الألماني والعثماني من السّيطرة على المدن والدعاية المضادة من أعداء فرنسا وضغوطات ساحات القتال والتّمارين العسكرية المضنية وحالات التأهب المستمرّ المرهقة وإلغاء منح الرّخص واستعمال الجنود التونسيين في مقدّمة الجبهات والخطوط الأمامية والإلقاء بهم في جحيم المعارك فانطلق حدث العصيان والفرار يوم 30 سبتمبر 1914 عندما رفض 1000 جندي تونسي من الفوج 8 للمناوشين صعود الباخرة بميناء بنزرت التي ستقّلهم إلى ميناء مرسيليا وهروب جيوش الاحتياط من الثكنات واصطدامهم بالفرنسيين من الجنود بشوارع المدينة وتبادل إطلاق النّار بينهم الشيء الذي زاد في لهيب الوضع وتصعيد ظاهرة الفرار. هذا ومن مصادر غير موثوق بها جاءت في بيان صادر يوم 20 ماي 1922 عن الأمميّة الشيوعيّة يفيد »بأنّ معارضة التّجنيد تمّ إخمادها وسط الدماء« كما يذكر الملازم »بوكبوية« المعروف ب »الحاج عبد اللّه جزائري« فار من الجيش الفرنسي يعمل لصالح القوات الألمانية انّ السلطة العسكرية الفرنسية قتلت 27 تونسيا لرفضهم صعود الباخرة. هذا وقد بلغ عدد الموقوفين والمساجين بتهمة الفرار من الجندية 600 جندي تونسي. 2 مداخلة الأستاذة اسمهان بن بركة بعنوان »الميناء التجاري ببنزرت من التأسيس إلى أواخر العشرينات: الأنشطة والعراقيل« وهي الرسالة التي تحصّلت بها على شهادة الماجستير وأهمّ ماجاء فيها بالخصوص انطلاق أشغال ميناء بنزرت يوم 22 ماي 1892 بعد عقد التزام مبرم ومؤرخ في 11 نوفمبر 1889 نظرا للموقع الاستراتيجي على ضفاف المتوسط والثروات المنجميّة والفلاحية المتعدّدة برّية وبحرية التي تتمتّع بها وتزخر بها المنطقة. ولقد أوكلت مهام الميناء إلى شركة أُطلق عليها اسم »شركة ميناء بنزرت« برأس مال يقدّر ب 000.000.6 فرنك (6 ملايين فرنك). شهد نشاط الميناء تذبذبا وفاقت الواردات الصادرات ففي سنة 1902 بلغت الواردات 36000 طن والصادرات ب 10000 طن وكذلك فاقت الواردات الصادرات إلى غاية سنة 1920 التي بلغت فيها الواردات 339000 طن مقابل 158000 من الصادرات. وكلّها تتمثّل في الحبوب والمعادن والاسمنت والخشب والثروة السّمكية. فتمّت المبادلات التجارية مع الموانئ التونسيّة »تونس وطبرقة والمنستير وڤابس«. أمّا أهم عراقيل النشاط التجاري لميناء بنزرت فتكمن في ازدواجية الميناء ما بين تجاري وعسكري وذلك يتجلّى في هيمنة النشاط العسكري إذ تمّ في هذا الصّدد عقد اتفاقيّة سرّية مؤرّخة في 11 نوفمبر 1889 تسمح للبحرية العسكرية بالإبحار بحرّية تامة في المياه التّجارية وتحكّمها في مواضيع التّجهيزات وأيضا من الأسباب جشع الرأس مال الفرنسي والتّعريفات الجمركية الباهضة وسعي شركة ميناء بنزرت لتحقيق أعلى نسبة من الأرباح.