قياسا على المقولة المشهورة »مات الملك عاش الملك« يمكننا اليوم أن نقتنع بأن الحكومة المؤقتة التي تصف نفسها وتصفها وسائل الاعلام بالحكومة الوطنية، بأنها حكومة تتماهى مع طبيعة نظام الرئيس الهارب... اليوم تستنفر هذه الحكومة، أو بعض وجوهها، لتلوي عنق الشارع التونسي ولتطوق الغضب الشعبي المصرّ على كنس كل رموز الفساد دون استثناء، ونفس الحكومة تدفع الى الواجهة بعض الوجوه الوزارية المؤقتة لتمارس تماما ما كانت تمارسه منظومة الاستبداد »البنعلية« فهذا وزير يظهر في التلفزات اكثر من المذيعين ليشوّه صور الاحزاب السياسية والمستقلين، وهو الذي كان واحدا منهم، وهذا وزير آخر كان مستقلا قبل ان يلتحق بحكومة ذات سيادة استبدادية يخرج في التلفزات ايضا ليقوم بتشويه الاتحاد العام التونسي للشغل ويقزّم من مواقفه ونضالاته... أية حكومة هذه؟ ألم يستوعب وزراء الحقائب الخفيفة الدرس طيلة 23 سنة؟ ألم يتفطن وزير التنمية المحلية والجهوية الى ان إلقاء تهمة الخيانة العظمى والتآمر على أمن البلاد على صاحب قناة حنبعل وابنه ليست منطقية بالمرة على الأقل مقارنة بعلي السرياطي الموقوف منذ أسبوعين ولم توجه له أية تهمة علنا!!! ألم يتفطن الوزير الذي كان يطالب الى حدود يوم 13 جانفي 2011 بحكومة انقاذ وطني الى ان المرحلة الراهنة تقتضي تشكيل جبهة وطنية تنضمّ اليها كل القوى الديمقراطية الحية والتي يعرفها جيدا، من أجل هدف واحد هو كنس بقايا النظام البائد؟؟!! ألم يكن هذا الوزير ينعت بافراطه في الراديكالية قبل يوم 14 جانفي 2011؟!! السيد الوزير الناطق باسم الحكومة، مازال يتحدث عن مناظرة »الكاباس« وكأنها أمر مفروغ منه ولا يجب التراجع عنها!!! السيد وزير التنمية المحلية يعلن عن اسناد منحة بقيمة 150 دينارا لحاملي الشهادات المعطلين عن العمل بشكل ارتجالي... السيد وزير العدل مازال يتحدث عن عدد المساجين المسرحين من سجون بن علي ولم نسمع منه الى حد الان عن قرارات الوزارة تجاه عصابة الطرابلسية وبن علي ومن تورط معهما في تخريب هذه البلاد وعن لجنة تقصي الحقائق في الفساد والرشوة وعن دور القضاة اليوم في انصاف المظلومين... المؤشرات كثيرة تدفع نحو اجهاض ثورة الشعب التونسي بدءا من المسيرات المنظمة والمساندة لهذه الحكومة وعودة وسائل الاعلام الى لعبة الانحياز المفضوح الى خيارات الحكومة المؤقتة مرورا بظهور الجنرال رشيد عمار امام المعتصمين بساحة الحكومة ووصولا الى تصريح كمال مرجان وزير الخارجية بأن عودة بن علي واردة، طبعا هو يتحدث لا عن شخص بن علي وانما عن سياسته... كلها مؤشرات تضعنا امام ثلاثة خيارات تريد هذه الحكومة ان تقنعنا بها، أولها ان تبقى هي دون تحوير، وثانيها ان تعم الفوضى وتستمر الازمة وثالثها ان نشرعّ للحكم العسكري!!! ولكن حركة التاريخ لن تعود الى الخلف والتاريخ اليوم لم ينصف الحزب الحاكم السابق وما على اعضائه الا ان يستوعبوا حركة التاريخ.