نعلم جميعا أن تاريخ 24 جويلية 2011 اليوم المقرر لانتخاب المجلس التأسيسي، تم الإعلان عنه من قبل الحكومة الثانية المستقيلة برئاسة الغنوشي وكانت النيّة وقتها متجهة الى انتخابات رئاسية وتحت ضغط القوى الحيّة وشباب القصبة قبلت الحكومة الثالثة برئاسة الباجي قائد السبسي التنازل عن الانتخابات الرئاسية لفائدة انتخابات مجلس تأسيسي ولكنها أبقت على تاريخ 24 جويلية ولا ندري سبب الإصرار على هذا الموعد القريب جدّا والثورة التونسيّة مازالت مستمرة عمرها شهران لا غير. ان ثورة 17 ديسمبر 2010 (1)، اسقطت الديكتاتورية وهدمت حيطان الخوف وعلينا أن نقر بأنها أربكت النخب الفكريّة والسياسيّة ويقف اليوم أبطالها من الشباب والقوى الحيّة قلقين من المستقبل فموعد انتخابات المجلس التأسيسي يداهم الجميع ويبدو أن هذا الموعد الانتخابي صار الهدف فاذا كان كذلك وجب الإسراع بهذه العمليّة ولتكن غدا ولما الترقب لشهر جويلية؟ وإما اذا كان المجلس التأسيسي هو المنشود ينبغي التريث والاستعداد الجيّد. فالوضع الاجتماعي والاقتصادي لازال مهتزا وغير مستقر بل ويتعقّد يوما بعد يوم زاده تعقيدا عودة عمالنا من القطر الليبي الى جانب ما نحن عليه من تداعيات الثورة من غلق وحرق مؤسسات ساهمت في مضاعفة البطالة وكذلك ماجرى من أحداث وانفلات أمني وانفلات اجتماعي أثر على القطاع السياحي التأثير السيء فزاد في اتساع رقعة البطالة فمن هنا الى شهر جويلية »ربي يستر« البطالة قد تصل الى مليون معطل عن العمل. أفي حضور هذا العدد الغفير والذي لم تعرفه بلادنا من قبل نحتفل لأول مرّة في تونس وننجز عرس الديمقراطية يوم 24 جويلية القادم ؟. في هذه المدّة القصيرة التي تفصلنا على الموعد الخطير علينا أن نتساءل كيف ننتقل من ثقافة الاسفاف و التمييع ونقدر على تزويد شعبنا وكافة فئاته بثقافة بديلة لفائدة مشروعه الحضاري الجديد الذي يقطع مع الاستغلال و الاستبداد ومقاومة ثقافة الخضوع والاستسلام للأمر الواقع ونعزز لديه القدرة في التعامل مع الاختلاف. فالنظام السابق أضعف الأحزاب والمنظمات فالشعب لا يعرف الأحزاب وليس هناك تأطير فعلي..وان المعارضات الجديدة لا نعتقدها جاهزة لهذا الموعد القريب وأقصد من ساهموا في الثورة وفعّلوها على قلتهم فما تبقى من أسابيع لايمكن بأي حال أن يكون لفائدتهم. نحن نطمح الى ممارسة ارادية لآليات وقواعد النظام الديمقراطي ويتطلب ذلك وقتا كافيا يمكّن الجمعيات والأحزاب والمنظمات والإعلام المرئي والمكتوب، يمكنها جميعا من نشر ثقافة الحرية لعلّها تزحزح ما تراكم على صدورنا وفي رؤوسنا من أكداس الانتهازية والعصبية الدموية والتحيز الجهوي فنصف قرن من الكبت والظلم والمحسوبية والفساد لا نخال ذلك هَيِّنًا ازالته في بضعة اسابيع. البعد السياسي و البعد الاجتماعي و البعد الاقتصادي والبعد الفكري أبعاد متلازمة والاهتمام بهذه الأبعاد جميعها نساهم في نحت مجتمع ديمقراطي متوازن يضطلع بمسؤولياتة. فالأزمة عامة وقائمة بشدة في تونس وفي جميع المجالات والواجب يدعونا جميعا حكومة وأحزاب وجمعيات ومنظمات الى التخفيف من آثارها قبل المرور الى محطتنا الكبرى المجلس التأسيسي. ونتذكر دائما ان ثورة الكرامة هي ثورة اجتماعية تحوّلت الى ثورة فكريّة وسياسية. فالأزمة استهدفت المؤسسات و الوظائف والآمن الى جانب الاستحقاقات الملحة المتمثلة في التشغيل وحماية الناس من خلال دعم المداخيل والانتفاع بالرعاية الصحية واقرار اعانات البطالة واحترام الحقوق في العمل والعمل على منع تآكل الأجور ووضع حلول متكاملة لمنع تدهور الاقتصاد لتخفيف السقوط الحاصل. لا أفهم الهرولة في انجاز انتخابات المجلس التأسيسي والأطراف السياسية المناضلة المساندة و الحاضنة للثورة ستكون خاسرة لا محالة، أفي ستة عشر اسبوعا المتبقية التي تفصلنا على اليوم الموعود تقدرون على التعريف بأحزابكم وبرامجها؟ لا تنسوا اننا أمام ماض يحتضر ويرفض أن يموت ومستقبلنا الجديد لم يولد بعد وولادته تبدو عسيرة وتتطلب أكثر من 16 أسبوعا . فالطريق الى المجلس التأسيسي تبدو طريقًا وعرةً وعصيّةً على الأحزاب المناضلة ولا يقدر عليها إلا من خبرها سابقا. فتاريخ 24 جويلية هو التاريخ الخطأ ونخشى أن يفتح الباب لدكتاتورية جديدة قد تحكم البلاد لفترة غير محددة وتتسبب للثورة في انتكاسة يصعب تجاوزها مستقبلا. ووقتها لاقدّر الله ماعساها تقول لشعبنا،الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي؟ (1) انطلاق أوّل شرارة للثورة بسيدي بوزيد بقلم مولدي قراوي عضو الاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد