عاجل/ النيبال: متظاهرون يحرقون مقر البرلمان ومنزل الرئيس    عاجل: 13 ولاية في الشمال والوسط تحت يقظة صفراء بسبب تقلبات جوية!    مونديال 2026: مشاركة اللاعب ميسي في المونديال هو قرار شخصي    نسبة امتلاء السدود التونسية الى غاية يوم 9 سبتمبر 2025..    اليوم العالمي لمحو الأمية: ملتقى دولي لتبادل الخبرات في مجال تعليم الكبار والتعلم مدى الحياة    جريمة مروعة: خلاف عائلي ينتهي بجريمة قتل والسبب صادم..!!    عاجل/ لجنة تحقيق أمنية في حادثة سفينة أسطول الصمود بسيدي بوسعيد: خالد هنشيري يكشف..    تونس: شنوّا صاير في قطاع الدواجن؟    استعدادا لبطولة العالم للكرة الطائرة 2025 : المنتخب التونسي يفوز وديا على نظيره الكوري 3-1    حالة عدم استقرار: أمطار، رياح وبرق... مناطق محددة فقط... وين؟    ظهر اليوم: توقع نزول أمطار مؤقتا رعدية ومحليا غزيرة بهذه المناطق    رعاة سمّامة في مسرح الحمراء    تونس: 9 وكلاء فقط يوفّرون سيارات كهربائية    تونس تشارك في معرض الصين الدولي للاستثمار والتجارة    بداية من الغد: عودة جولان خط المترو رقم 3    عضو في أسطول الصمود العالمي: "ما حدث مسألة أمن قومي وهو قيد التحقيق"    "طعامك هويتك" شعار الدورة الثانية من تظاهرة الايام الثقافية الدولية "فن الطبخ"    صدق أو لا تصدق...جهاز منزلي في دارك يعادل استهلاك فاتورة ضوء 65 ثلاجة؟    بالفيديو: شاهد كيف سيبدو كسوف الشمس الكلي في تونس سنة 2027    ال '' Climatiseur'' تحت الاختبار! نصائح لضبطه مع سخانة ورطوبة طقس تونس اليوم    7 ساعات نوم يوميًا خير من 30 دقيقة رياضة... تعرف علاش!    تظاهرة علمية مفتوحة للجميع يوم 20 سبتمبر بمدينة العلوم بمناسبة اليوم العالمي لمرض الزهايمر    تصفيات مونديال-2026: الجزائر تتعادل بلا اهداف مع غينيا    قضية مقتل عبد القادر الذيبي في مرسيليا: منير بن صالحة يعلق ويكشف..#خبر_عاجل    بيكين تستضيف المنتدى الدولي حول دعم التعاون في مجال الانتقال الطاقي    الرئيس الصيني يدعو الى تعزيز حضور الدول النامية وتعزيز التعاون بين دول البريكس في مواجهة التحديات المشتركة    وزير الخارجية السعودي يؤدي زيارة عمل إلى تونس    وزارة التشغيل: التمديد في آجال قبول ملفات منظوري مؤسسة فداء للانتفاع ببرنامج تمويل الأنشطة الاقتصادية المحدثة لفائدتهم    مقتل 10 أشخاص وإصابة 41 آخرين جراء اصطدام قطار بحافلة في هذه المنطقة..#خبر_عاجل    فيديو اليوم.. حجز خاطئ يغيّر وجهة شابتين أمريكيتين... الى تونس بدل نيس    زلزال بقوة 5.3 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    إسرائيل تشن أعنف هجوم على البقاع اللبناني    رياض جراد: سبب اشتعال سفينة أسطول الصمود هو جلسة خمرية وBBQ حوت !!؟    رئيس الجمهورية:سياسة التعويل على الذّات بعيدا عن أيّ إملاءات مكّنت من التحكّم في نسبة التضخّم    رئيس الدّولة :على الإدارة العمل على تبسيط الإجراءات لا افتعال العقبات    محرز الغنوشي: ''حرارة مرتفعة ورطوبة عالية مع أمطار رعدية منتظرة''    الحرس الوطني: لا وجود لأي عمل عدائي أو استهداف خارجي لإحدى البواخر الراسية بميناء سيدي بوسعيد    الحرس الوطني: اخبار وجود مسيرة استهدفت احدى البواخر الراسية بسيدي بوسعيد لا أساس لها من الصحة    مدرستنا بين آفة الدروس الخصوصية وضياع البوصلة الأخلاقية والمجتمعية...مقارنات دولية من أجل إصلاح جذري    أخبار النادي الصفاقسي..الجمهور يَشحن اللاعبين وخماخم في البال    بسبب الكسكسي: رئيس بلدية مرسيليا يتلقّى تهديدات بالقتل!!    تصفيات كاس العالم 2026 : التعادل 2-2 يحسم مباراة المالاوي وليبيريا    سيدي بوزيد: بداية من سنة 2027 ستدخل الطريق السيارة تونس جلمة حيز الاستغلال    الليلة: أمطار بهذه الولايات مع إمكانية تساقط البرد    سوسيوس كليبيست: تنظيف المدارج والساحة ومحيط المسرح الأثري بأوذنة (صور)    بعد جائزة الأسد الفضي في فينيسيا.. 4 عروض لفيلم صوت هند رجب بمهرجان تورنتو    "الفنون والاعاقة ... من العلاج الى الابداع" عنوان الملتقى العلمي الدولي ال22 الذي ينظمه الاتحاد التونسي لاعانة الاشخاص القاصرين ذهنيا    تصفيات كأس العالم: التشكيلة الأساسية للمنتخب الوطني في مواجهة غينيا الإستوائية    تغييرات منتظرة في تشكيلة المنتخب أمام غينيا الاستوائية؟    استراليا: علماء يكتشفون فيروسا خطيرا جديدا    كيف الوقاية من أمراض العودة إلى المدارس؟    ألكاراز يهزم سينر ويحرز لقبه الثاني في بطولة أمريكا المفتوحة    غار الملح تستعيد بريقها الثقافي بعودة اللقاءات الدولية للصورة    بشرى للمواطنين بخصوص التزود بهذه المواد..#خبر_عاجل    شهدت إقبالا جماهيريا كبيرا: اختتام فعاليات تظاهرة 'سينما الحنايا' بباردو    الخسوف الكلي يبدأ عند 18:35... إليك التفاصيل    ''الخسوف الدموي'' للقمر يعود بعد سنوات...شوف شنيا أصلو في مخيلة التونسي    خسوف كلي للقمر في معظم الدول العربية بداية من ليلة الأحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«فصل المقال في ما بين الفرجة والعفوية من الاتّصال»
من يوميّات الثّورة: بقلم: الطّايع الهراغي
نشر في الشعب يوم 26 - 03 - 2011

وأخيرا فعلها الشعب التونسي وتحقّق ما كان يبدو حُلمًا.
أكثر الثّوريين تفاؤلا قبل 14 جانفي كان يجاهد فقط فقط كي لا يخبو الحلم وكيْ لا يعمّ اليأس ويتحوّل الواقع إلى واقعيّ كلّ فعل كان يصبّ في خانة عظيمة في وقتها إثبات أنّ في تونس ثمّة معارضة لنظام بن علي وأنّ النظام لم يجفّف منابع الجميع ولم يروّض جميع الأطياف.
كثيرون هم الذين تعاطفوا مع المعارضة لأنّها امتلكت جرأة التّجديف ضدّ السّائد وآمنت بالمجازفة وتبصّرت النّور وسط الظّلمة وأصرّت على أنّ البذرة لا تخبو ولكنّها لا تموت ولكن قلّة هم الذين سكنهم اليقين بامكانية مجرّد امكانيّة القطع مع نظام أحال الجميع إلى التّخوم.
التّاريخ ذلك العلم الوحيد الذي نعرفه ونعترف به على حدّ قول ماركس بمنح فرصة تُحدّد مسارًا وتَرسُمُ انعطافة تاريخيّة حقًّا.
وكان ماكان:
وكان ما لم يكن مُتوقّعا حتّى لدى أمهر العرّافين:
احترق البوعزيزي وتلك إحدى مفارقات التّاريخ فاشتعلت البلاد من أقصاها إلى أقصاها وفي حراك بدأ عفويّا لكنّه تحوّل تدريجيّا من مجرّد احتجاج قد يكون فرديّا إلى همِّ جماعيّ وإلى شأن مجتمعيّ. فطوبى للحالمين دومًا وتبًّا لليائسين أبدًا.
تبًّآ لمن لا ذاكرة لهم قصدا لأنّ التجارب التي راكمتها البشريّة على امتداد تاريخها الطّويل [كثير من الهزائم وقليل من الانتصارات] تؤكد علَنًا إلاّ للمكابرين أو بطيئي الفهم أنّ كلّ ثورات العالم بدأت عفويّة خالية من كلّ منتظم متجاوزة لكلّ نبوءة حزبيّة ذلك أنّ الثّورات لا تُصنع في مخْبَرٍ وإلاّ لتناسخت وسَهُل إجهاضها وذلك من نِعَمِ التّاريخ.
فَلْتصْمُتْ الأبواق التي صمّت آذاننا بالتّأكيد على عفوية الثّورة وتفنّنت في تقديم ذلك على أنّه سبق تاريخي واكتشاف نظريّ ليمرّروا هدفهم غير المعلن وأد الثّورة والحيلولة دون تجذّرها.
إنّ الفرق الجوهريّ بين أنصار النظام القائم أيّ نظام ومعارضيه تكمن في التقاط اللحظة والانخراط في الحراك الذي تولّده.
اندلعت الثّورة في تونس عفوية نعم وتجاوزت تردّد كلّ الأطياف نعم أيضا ولم يكن أيّ حزب فاعلاً في انبثاقها ألف نعم ولكنّ الفرق كبير ونوعيّ بين من ظلّ لسبب ما يحرق النحور ويستجدي آلهة السماء ويمارس الفرجة إن لم ينخرط عمليًّا في الدّفاع عن نظام بن علي وبين من انخرط في أتون الثّورة ليدفع الحلم إلى منتهاه، لعلّ شيئا ما يقع.
كبير هو الفرق بين من اعتبر العفويّة مِنّةً وظلّ يردّد في السّر والعلن وأحيانا دون موجب أنّ عفويّة الثّورة حاجز أمام كلّ توظيف وأنّ الفعل في مسارها انقلاب على شعبيّتها بل انّ الانخراط في مقالبها فما بالك بتوسيع أفقها ركوب وجب إدانته، بين من اعتبر العفويّة رديف التوقّف عند حدٍّ معيّن والاقرار بوجاهة التّصالح مع النظام في ثوبه الجديد الشفّاف وبين المقتنعين بعفوية الثّورة مع ادراك أهميّة الدّفع بها إلى تجاوز التردّد والتلكّؤ للقطع مع الديكتاتورية وليس فقط مع الديكتاتور، بين هذين المسارين فارق جوهري ونوعيّ هو بالضبط الفرق بين الخط الثوريّ والخط الانتهازي الارتدادي سمة كلّ الحرس القديم.
في هذا الاطار تُفهم مساعي مريدي نظام بن علي في ثوبه الجديد القديم: عندما كان النظام يترنّح ويتهاوى كان مريدوه يتسابقون في تقديم واجب الطّاعة والولاء فرادى وجماعات بلا أدنى خجل.
ولمّا فرّ بن علي غير مأسوف عليه تفنّنوا في تلقيننا دروسا في فلسفة التّعقّل وحذّرونا ألف شكر لهم من مغبّة المغامرة والدّفع إلى المجهول وفرض من حالة من الفراغ ولم يبخلوا علينا ثبّت اللّه أجرهم ببيانات حول الفروق بين الواقعيّة والمغامرة.
لمّا نُصّبَ الغنوشي وزيرًا أوّلا وترأس حكومة تشدّها وشائج مرعبة ومفضوحة إلى بن علي انطلقت جوقة المريدين تردّد وبكثير من الوقاحة السياسيّة أنّه من الغباء المطالبة باسقاطه وإزاحة حكومته المتورّطة وبوعي في زهق الأرواح وتحريف مسار الثّورة.
تشكّلت حكومة الفرقة والالتفاف فهلّلوا وكبّروا وادعوا أنّ ذلك عين الحكمة ونصبّوا أنفسهم وكلاء على الحكومة ولم ينتظروا منها استصدار مراسيم ليثنوا عليها بجميل الألقاب ولولا أنّ دم الشّهيد لم يجفّ بعد ومازال يبلّل شوارع المدن لألّفوا فتاوي في تخوين من سوّلت له نفسه مجرّد التفكير في نقد الحكومة فما بالك بالتّشكيك في هويّتها وشرعيتها.
أصرّ المعتصمون تعبيرا عن غضب التاريخ على ضرورة رحيل حكومة الفرقة الوطنية واصطفّت جميع الأطياف التّقدّمية وراء ذات المطلب ومع ذلك وربّما لذلك لم يخجل هؤلاء من المكابرة ولوي عنق التاريخ ورمي الجميع بتهمةٍ باتت مكرورة وممجوجة: ركوب الثّورة والاستيلاء عليها.
مرّة أخرى الفرق بيّنٌ بين من استلّ على الثّورة ألف سكّين لحظة ولادتها العسيرة وخلال مخاضها الأعسر وبعد أن نجحت في إزاحة هدم
السلطة ورامت الانخراط في صراع بطوليّ للقطع مع النظام وبين من اكتوى بقمع الآلة الجهنّمية سنواتٍ فلم يزده القمع غير الاصرار والثّبات ويوم اندلعت الاحتجاجات لم يتردّد في احتضانها ولم يتساءل عن امكانيات نجاحها ولم يَعْنِهِ مصيره في صورة فشلها فكفاه ذلك شرفًا.
نُصّبت الحكومة ولم يجد وزراؤها بدّا أمام عناء الوقائع من الاعتراف في تصريحات علنيّة منشورة بأنّهم لا يمثّلون الشّعب فزيّن فيلق الرّدة أفعالها وكالوا لها من المديح ما لم يتصوّره حتّى صنّاع الحكومة.
ولمّا تشكّل مجلس حماية الثّورة وهو بكلّ المقاييس والمعايير أكثر مشروعيّة من الحكومة ولم تتورّط مكوّناته في الجلوس على موائد النظام ولم تقتت من فضلاته ولم تسبّح بنعمه ولم تضف عليه مشروعيّة كم كان في حاجة إلى انتزاعها جبنا وفرضها أحيانًا، لمّا تشكل المجلس جُنّ جنون الحرس القديم وطاش عقله وظلّ في كلّ المناسبات وما أكثرها وفي سائر المنابر يكرّر صباح مساء سيْلاً من أهاجي التّشكيك ولم ينتظر الفرص لأنّها متاحةٌ لإطلاق فزّاعة الفراغ وفزّاعة استيلاء الجيش وخطر تكاثر الأحزاب.
ولمّا تهادى معتصمو القصبة في مناسبتين مدافعين عن همّ جماعيّ رغم أنّ لكلّ واحد منهم همّه الفرديّ طاش عقل »حراس الثّورة« واعتلوا سائر المنابر هم الذين تشهد سيرتهم أنّهم لم يرتبطوا يوما بمطلب جماهيريّ ولا يعرفون ساحة القصبة إلاّ من خلال من يشاهدونه على شاشة التّلفزات أو ما يشي به إليه بعض الوشاة ومحترفي النّميمة مطلقين عقيرتهم بالصّياح: لا للتوظيف، لا لتعطيل عجلة الاقتصاد، لا لإلهاء الأمن عن مهامّه [بعض مهامّه التورّط في التخريب وحماية عصابات التجمّع].
ولم تبخل عليهم قريحتهم التي تمدرست في نظام قلب الحقائق بشتّى التشويهات ليس أقلّها شراء ذمم المعتصمين وتوظيفهم في أجندا حزبيّة برّانيّة غريبة عن مطالبهم لتحريف المقاصد النّبيلة للثورة ولم يتفطّنوا إلى ضرورة التّنسيق مع الحكومة التي لم تمتلك جرأة الادانة الواضحة للمعتصمين وتناسوا عمدًا أنّ التّهم نفسها هي اختصاص برع فيه أسيادهم أعمدة النظام السّابق ولقّنوهم إيّاه حتّى ماعادوا قادرين على الخروج من أسره وليس لهم إلاّ أن يعيدوا انتاجه في اخراج سيّء.
المفارقة!!
كان يكفي أن يستقيل الغنوشي بعد أن سُدّت عليه كلّ الأبواب ولم يجد مابه يبرّر استقالته غير بكائية لا تليق برجل سياسة، كان يكفي ذلك حتّى ينقلب هؤلاء على ما به صمّوا آذاننا لحظة بلحظة وينخرطوا في تسويق معسول الكلام عن وجاهة مطالب المعتصمين ومركزيتها ومشروعية توجّه أطياف مجلس حماية الثّورة التي كانوا ينعتونها ساعة قبل تنحّي الغنوشي بركوب الأحداث والاستيلاء على الثّورة والتّنصيب ونسوا أخطر تهمة: الولاء للأجنبي والخيانة العظمى، ربّما لأنّهم كانوا في عجلة من أمرهم ولم يخجلوا من تجريح الوزير الأوّل ورميه بالعجز والمحدوديّة واعتماد لغة خشبيّة تربّى عليها طويلا في أروقة نظام السّابع من نوفمبر وحالت دون إدراكه لنبض الشّارع.
والعجب كلّ العجب كيف تناسوا أنّهم دقيقةً قبل استقالته كانوا يلهجون بحنكته في إدارة الأزمة وتعقّله ونظافة يديه ودستورية تعيينه ولا يعيبون عليه غير تردّده في تهميش المعارضين والمناوئين والخضوع إلى سطوتهم وعنادهم وتطرّفهم ولم يكن مستغربًا لو اتّهموه بالتّواطؤ وحتّى الاندساس.
هذه المفارقة ليست طلسما لأنّ جيوب الرّدة وترسانة الحرس القديم تدرك تمام الادراك أنّ كلّ نجاح تحرزه الثّورة يسرّع بإحالة حرّاس النظام القديم إلى »التقاعد الوجوبي« بما يعنيه ذلك من تهميش وفقدان امتيازات.
تعزية لهؤلاء نذكّرهم لعلّ الذّكرى تنفع المؤمنين وغير المؤمنين أيضا بأنّ معتصمي القصبة ساحة التّحرير وهم يغادرون معاقلهم تلوا علينا أجمل وأقضب بيان »إذا عادوا عُدْنا« تشجيعا لنا وتحذيرا لهم.
ونذكّرهم أيضا بأنّ أساتذتهم لمّا اعتنقوا شعار »بن علي ولا أحد« كانوا يؤمنون بكثير من الوثوقيّة أنّ ميلاد العاصفة أضغاث أحلام وعناد أرعن فَلِمَ لا يعتبرون؟ أم أنّ الخوف من انتقام التّاريخ وضغط المصالح يجعل الظّمآن يرى السّراب ماء وكلّما رأى شبحًا ظنّه رجلاً.
فكفانا أيّها السّادة نعيقًا واعلموا أنّ العقوبة التي سوّقتموها على أنّها كشف مبين إنّما هي معطى تاريخي موضوعيّ سبقكم إلى تحليله منذ أكثر من قرن سائر الثّوريين شرقًا وغربًا ولم تكن أبدًا عائقا بل هي خاصية من خاصيّات كلّ الثّورات بلا استثناء الاّ في ما تعلّق بالانقلابات وهي سلوك مرفوض من كلّ القوى التقدّمية ولتعلموا أيضا أنّ كلّ قوى الرّدة عزفت دومًا على نفس الوتر فاختارت بوعي الخندق الذي يجب أن تكون فيه في حين اختار الشعب وقواه الثورية حماية ثورته وتحصينها وتوسيع أفقها والحيلولة دون تمكّن طوابير الرّدّة من التربص بها وخنقها. أمّا استماتتكم في التأكيد على ضعف المعارضة وعدم أهلّيتها للتحدّث باسم الثّورة فحجّة مردودة عليكم لأنّكم ساهتم ولا نملك الاّ أن نعترف لكم بنبل المهمّة في إضعافها وتهميشها والوشاية بها. وإذا كانت تمتلك بعض المشروعيّة باعترافكم فإنّكم اعترفتم باصطفافكم الطّوعي أنّكم تفتقرون إلى كلّ مشروعيّة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.