ركز بعض الشعراء في تونس اهتماماتهم على نوع من المشاكل الاجتماعية الوطنية، وهي فئة من الشعراء حملت نفسها مسؤولية الذود عن الوطن أبوا الا ان يكونوا صيحة الشعب فشاعر تونس الخضراء ابو القاسم الشابي (قصيدة ارادة الحياة): اذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر ولابد لليل ان ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر وفي قصيدة الى طغاة العالم لأبي القاسم الشابي: الا أيها الظالم المستبدّ ❊ وقصف الرعود وعصف الرياح حبيب الظلام عدو الحياة ❊ حذار فتحت الرماد اللهيب سخرت بأنات شعب ضعيف ❊ ومن يبذر الشوك يجن الجراح وكفك مخضوبة من دماه ❊ تأمل هنالك أنّى حصدت وسرت تشوه سحر الوجود ❊ رؤوس الورى وزهور الأمل وتبذر شوك الأسى في رباه ❊ ورويت بالدم قلب التراب رويدك لا يخدعَنْك الربيع ❊ وأشربتهُ الدمع حتى ثمل وصحو الفضاء وضوء الصباح ❊ سجرفك السيل سيل الدماء ففي الأفق الرحب هول الظلام ❊ ويأكلك العاصف المشتعل ولا ننسى صوت منور صمادح الشاعر الملتهب وطنية وحماسا فهو شاعر الثورة وصاحب المؤلفات الشعرية التالية (الفردوس المغتصب (شعر) فجر الحياة (شعر) حرب على الجوع (شعر) الشهداء (شعر) صراع (شعر) موْلد التحرير (شعر) الملاك العائد (شعر) أدب وطرب (شعر) نسر ونصر (شعر) السلام على الجزائر (شعر): ديوان شعري جمار ❊ توهّجت من فؤادي وزفرة من حنيني ❊ ومنحة من جهادي وأنّة من ضميري ❊ على شقاء العباد واغنيات حيارى ❊ وثورة في اتّقاد أودعته كل حبي ❊ لأمّتي وبلادي وفرحتي وابتسامي ❊ ودمعي وحدادي وكم حوى من نزوع ❊ وأمنيات صواد ❊ ❊ ❊ يود لو كان هديا ❊ يصدّهم بالرشاد يود لو كان سلما ❊ نعمّ كل البلاد يود لو كان خيرا ❊ تفيض منه الأيادي أما الشاعر الميداني بن صالح نرى انه من بين الشعراء التونسيّين الاكثر رؤية ووضوحا في هذا الموضوع: شعري لهاث الكادحين على الدروب شعري أهازيج الشعوب من صارعوا الامواج والبحر الغضوب من غالبوا الأقدار واقتحموا الخطوب من عبدوا الطرق المديدة في الجبال وفي الصحاري والسهوب الشعب جبار غلوب الشعب الهامي الا الشعر في قلبي الرحيب. ويقول في مقاطع شعرية رافضة للزيف والظلم: فأنا من صغري رافض الزيف... على الظلم... على الاقطاع... أمنت بأرضي يا مولانا المارد... بالشعب... بمن كانوا جياعا، اصدقائي بجماهير الأباة الى ان يقول: ذاك اني الجائع المنتج... والكسرة كانت حلمي بل كانت اللقمة أغلى أمنياتي. واما شيخ الادباء محمد العروسي المطوي يقول: من كفاح الحر للطغيان للظلم العنيد. من جهاد البطل البناء للصرح العتيد. ❊ ❊ ❊ أين منا الشاعر الصداح بالعهد الجديد؟! ينفخ الآمال في »ناي« التسامي والصعود وينادي مجمع النوام في وادي الهمود ويؤم الناس في الميدان خفّاق البنود يرتمي في لجة الاحداث كالسهم السديد همّه: في »قمّة« العلياء أو قبر الشهيد وهذا الشاعر الطاهر الهمامي الذي رحل وكان شاهدا على العصر بديوانه الشعري الحصار وكذلك (الشمس طلعت كالخبزة (شعر) صائفة الجمر (شعر): قصيدة عمودية عمودية أفقية نفاثة في العقد حمالة للشر وجلابة للنكد تناصبني العداء تضرب عليّ الحصار تمنعني من السير من السير بحرية! ❊ ❊ ❊ ... وتحولت الى جلاد يحترف القهر ويقلع أظفار المقهورين ويثرثر في أفواه المجلودين ويقتلع الشعر ❊ ❊ ❊ وهذا الشاعر محمد الخالدي يعبر في بعض اشعاره عن الثوار الذين يستشهدون من اجل الحرية والكرامة: حين تحاشته كل العيون المصابيح غائمة قلق معدني نما في الشوارع وجه التي في المحطة رشح من الحزن أي المناديل نادتك اي العيون؟ حتى جاء القطار، بكى مرتين، وغادر ما عرفوه. ثم يعبر الشاعر في مقاطع شعرية اخرى عن هموم الشعب والوطن بالمباهج والآلام المستحمة: انا الفيض جبيني لافتة للرفض، نذرت مواعيد للأنين، واناشيد هذي الأرض... ويظهر لنا بحكم النماذج التي أوردناها أن هناك نزعة واقعية تستهدف التعبير عن طموح الشعب وهمومه بوطنه وبالثورة، والى تعديل الوضعية المفقودة في الحياة واعادة توازنها الحقيقي بعد ثورة 14 جانفي 2011، واعتقد ان ما قمت به سيبقى منقوصا ما لم تكتمل الدائرة بصدور كتب واصدارات ومؤلفات جديدة وبحوث ودراسات تحليلية تهتم بهذا الجانب والموضوع المهمّ والمفيد.