تنتشر قوى الردّة والجذب إلى الخلف، بقايا النظام النوفمبري، كالورم في كامل تراب الجمهورية التونسية وتسعى جاهدة إلى تأييد الدكتاتورية رغم سقوط رمزها، ويستبسل أزلام الحزب المنتهي في تشويه المسار الديمقراطي الذي تسعى إليه كل القوى الحيّة، وقد طالت أيادي الردّة كل أصقاع العالم من خلال »المسؤولين« الممثلين للجاليات التونسية في العواصم الدولية والذين رغم مناشداتهم السابقة لرئيسهم الفأر مازالوا إلى اليوم في مناصبهم وكأن ثورة لم تقم في البلاد، وربّما حكاية هذا الشاب الذي بحث عنّي في مدينة بالارمو الايطالية ليروي لي مأساته، لعلها واحدة من عشرات الحكايات المماثلة، فالشاب ربيع بن رفيق بوعلاق البالغ من العمر 23 سنة والمولود بمدنية بلارمو أنشأ مدوّنة الكترونية في شهر نوفمبر 2010 بعنوان »زاوية الوطن« [www.L'angolodelpatriota.blogspot.com] وحاول من خلالها ان يقدّم للايطاليين وغيرهم من الناطقين بلغة غرامشي وغاريبالدي نقل آخر الأخبار التونسية ومسار ثورة شعبها، إذ كان يترجم فيها المقالات والاخبار من اللغة العربية إلى اللغة الايطالية وخاصة المتعلقة بتطورات الوضع السياسي والاجتماعي، وقد كان دافعُ الشاب التونسي إلى انشاء هذه المدونّة هو التقديم الاعلامي في وسائل الاعلام الايطالية عن الثورة التونسية خاصة في فترة مخاضها بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011 ذلك ان حكومة برلسكوني كانت مستميتة في الدفاع عن تلميذها النجيب وحليفها الرئيس الفأر. الشاب التونسي ربيع بن رفيق بوعلاق طالته آلة القمع النوفمبريّة حيث (مثلما يروي هو) وبمجرّد ان قام بترجمة بيان الاتحاد العام التونسي للشغل الذي ندّد فيه بالقمع البوليسي للصحافيين والنقابيين والشعب التونسي يوم 7 ماي 2011 وبمجرّد ان قام بنشره على مدونته اتصل بعض رموز النظام السابق الموجودون بمدينة بالارمو بوالدة ربيع وأعلموها ان ابنها ان لم يكف عن الكتابة عن السياسة التونسيّة فسوف يتم التعامل معه بالعنف وبعد يومين فقط اتصلوا ثانية بوالد ربيع واخبروه ان ابنه مراقب هو ومدونته وهاتفه وقد تمّ تلفيق تهمة الدفاع عن اسامة بن لادن له!! وقد ذكر لنا المدوّن انه تم حجب مدونته اول مرة يوم 1 جانفي 2011 وعندما هرب الرئيس السابق اتصل ربيع بالقنصلية التونسية في بالارمو وأعلمهم انه سيرفع قضية عدلية ضدهم ان لم يكُفُّوا عن مراقبته وتهديده وتخويفه. وقد عاد الشاب التونسي في الاسبوع الاخير من شهر ماي إلى تونس وقدّم مستندات محاميه الايطالي لوزارة الشؤون الخارجية. هذه التهديدات اكد ربيع بوعلاق، أنها لا تطاله وحده بل هي تطال كل تونسي يتظاهر او يتكلم في السياسة بعد ثورة 14 جانفي مثلما كان الامر قبل الثورة اذ كان كل تونسي مهاجر يتكلم في السياسة يتم حرمانه من العودة إلى تونس، وإن عاد فإنه يتم التنكيل به!!. الشاب الطموح، ربيع بن فيق بوعلاق، أكد لنا ان مثل هذه الممارسات البائدة لن تثنيه عن النضال من أجل وطنه ولن تزيده إلاّ اصرارًا على مواصلة درب النضال من أجل كنس كل الرموز المهترئة من العهد السابق... وهو لذلك يتحرّك مع مناضلي حقوق الانسان في ايطاليا ويلقي المداخلات في الجامعات والساحات العمومية في بالارمو وبعض مدن الجنوب الايطالي للتعريف بالثورة التونسية وبأفق التحول اليمقراطي، وقد ترجم مداخلتي عن الثورة التونسيّة التي ألقيتها يوم الاحد 4 جوان 2011 أمام عدد كبير من المناضلين اليساريين في ايطاليا والذين تظاهروا في ساحة عمومية بقلب بالارمو أطلقوا عليها »ساحة المتوسط«، وهي تظاهرة دولية حضرها ممثلون عن ليبيا وجزيرة لمبدوزا وكل المدن الايطالية الى جانب ممثلة عن فلسطين تم الاتصال بها عبرالهاتف وقدمت مداخلة مطولة عن الوضع الحالي. من مبعوثنا الخاص إلى ايطاليا ناجي الخشناوي