سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأخ عبد السلام جراد: لا يمكن الفصل بين العدل السياسي والعدل الاجتماعي في المؤتمرا ل 100 لمنظمة العمل الدولية بجنيف:
لابد من تلبية مطالب الحرية وتحقيق مبادئ العمل اللائق والسير قدما على طريق العدالة الاجتماعية
شارك الاخ عبد السلام جراد الامين العام للاتحاد في اشغال الدورة ال 100 لمنظمة العمل الدولية التي انعقدت بجنيف (من بداية شهر جوان الى 17 منه). وقد ألقى كلمة صبيحة الاثنين 13 جوان 2011 تطرق فيها الى ثورة الحرية والكرامة في تونس والى جملة من المسائل الاخرى وقد جاء في هذه الكلمة التي توجب في مستهلها بأحر التهاني الى رئيس المؤتمر بمناسبة انتخابه رئيسا لهذا المؤتمر، وهو مؤتمر تاريخي بكل المقاييس باعتباره يسجل انعقاد 100 دورة في مسيرة المنظمة منذ انبعاثها سنة 1919. وهي دورة تاريخية بحكم المواضيع المهمة التي تطرحها هذه السنة والتي لها انعكاسات عميقة على حياة العمال والشعوب في العالم، التي تنتظر الكثير من منظمة العمل الدولية وتتطلع الى تعزيز دورها ومكانتها لمساعدتها على تحقيق طموحاتها في السلام القائم على المساواة والعدالة الاجتماعية والحرية. وهذا ما أكده السيد المدير العام في خطابه الافتتاحي لمؤتمرنا هذا عندما وجه نداءه العاجل من اجل عهد جديد من العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي القائم على التنمية المستديمة، وذلك بغرض تقديم الاجابة للتقلبات المتزايدة في عالم الشغل. واضاف الاخ عبد السلام جراد اننا نتفق تماما مع هذا التوجه ونعتقد جازمين ان الالتزام بمعايير العمل الدولية وبالحقوق الاساسية في العمل هي الطريق الأمثل للتقدم على طريق العدل الاجتماعي ومحاربة الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية التي تعصف بعالمنا والتي فاقمت من مظاهر هشاشة التشغيل ومن الفوارق الاجتماعية ومن حالات التمييز بكل أشكالها. كما أتوجه اليوم الى مؤتمركم هذا قادما من بلدي تونس الذي انطلقت منه أول شرارة في ثورة العدل والكرامة والحرية في ديسمبر من السنة المنصرمة، والتي أدت الى إسقاط نظام الدكتاتورية والفساد الذي جثم على صدور التونسيين على مدى اكثر من عقدين من الزمن. لقد أدى نجاح شعبنا في ثورته السلمية هذه الى تحفيز بقية شعوب منطقتنا العربية على التخلص من عقدة الخوف ورفض الخضوع إلى الأمر الواقع، والانتفاض ضد أنظمة القمع والاستبداد في مشرق الوطن العربي ومغربه بهدف بناء مستقبل جديد قوامه الحرية والديمقراطية والقضاء على مظاهر الفساد والحيف والتمييز، والتطلع لتحقيق دولة القانون والمؤسسات ومجتمع العدل والمساواة. إن ما يميز الثورات العربية عن باقي الثورات المعاصرة هو نجاحها في الربط بين المطالبة بالحرية والديمقراطية من جهة والمطالبة من جهة أخرى بتوفير العمل اللائق للشباب وتحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد. لقد أدركت شعوبنا انه لا يمكن الفصل بين العدل السياسي والعدل الاجتماعي وانه لا أسبقية لهذا على الآخر، لأن للديمقراطية وجهان، وجه يتعلق بالحريات السياسية والحق في التعبير والتنظيم، ووجه يندرج ضمن مفهوم الديمقراطية الاجتماعية كالحق في العمل وفي الحماية الاجتماعية وفي مجانية العلاج والتعليم والمساواة الكاملة. لقد لعب الاتحاد العام التونسي للشغل دورا محوريا في نجاح الثورة السلمية التونسية، ومن حيث تأطير المظاهرات والاعتصامات وتنظيم الاضرابات وبلورة شعارات الثورة ومطالبها، وما كان لاتحادنا ان يلعب هذا الدور لو لم يحافظ طيلة سنوات الدكتاتورية والاضطهاد على الاستقلاليته واقدامه على التضحية في سبيل حرية قراره والتزامه بمصالح عماله وطموحات شعبه. وإننا لعازمون على مواصلة دورنا في حماية الثورة وتحقيق كامل أهدافها. واني لأغتنم هذه الفرصة لأتوجه بالتحية والشكر الى السيد سومافيا المدير العام للمنظمة لوقوفه الى جانب شعب وعمال تونس، منذ بداية الثورة وخلالها وبعدها، كما أثمن عاليا ما وجدناه من دعم وتأييد لدى الاتحاد النقابي الدولي اITUC - CSIب ومن لدن النقابات العربية والافريقية الشقيقة وبقية المنظمات النقابية الدولية والجمعيات غير الحكومية في مختلف القارات، بما شكّل حافزا مهِمًّا لنا للصمود حتى إسقاط الدكتاتورية وإبْعاد أذيالها. وإننا نتطلع اليوم الى ان تواصل المنظمة والحركة النقابية الدولية وكافة قوى الحرية والديمقراطية في العالم دعم الثورة التونسية ومساعدتنا في تحقيق أهدافها والحيلولة دون الاستيلاء او الالتفاف عليها فحماية الثورة بتونس ومصر وتشجيع المدّ الديمقراطي الذي يحتاح الوطن العربي اليوم يمر اساسا من خلال انجاح ثورتي تونس ومصر ومساعدتهما على تلبية المطالب التي ثار من اجلها الشعبان والمتمثلة في ضمان الحريات العامة والفردية، وتحقيق مبادئ العمل اللائق والسير قدما على طريق العدالة الاجتماعية. إن العدل والحرية هما اساس السلام والاستقرار، كما انه لا معنى للعدل والحرية اذا لم يأخذا طابعا كونيا انسانيا، ولذلك فاننا نعتقد جازمين انه لا يمكن تحقيق السلام والاستقرار في العالم دون القضاء على آخر معاقل الاستعمار في العالم وذلك بتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره واستعادة أرضه وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ولذلك فاننا بالقدر الذي نؤكد فيه على أهمية التقرير الذي أعدّه السيد المدير العام حول أوضاع العمال الفلسطينيين والعرب في الاراضي المحتلة فإننا نؤمن بأن ازالة المستوطنات والإقرار بحق العودة واحترام الشرعية الدولية في هذا المجال هي الطريق للسلام العادل والدائم والشامل بالمنطقة.