كأنّي بِلظى السماء المنبعث هذه الأيّام من شمسنا التي تسطع ان سطعت بضمير.. لم يكف تلك الأفئدة الملتاعة في منطقة الهشيم بحاسي الفريد ولاية الڤصرين وفي بلدة المزاوغة من معتمدية زرمدين ولاية المنستير.. لظَى الهاجرة تضاعف في هاتين المنطقتين ليمتزج بكثير من الألم والأحزان.. ففي المنطقة الأولى (الهشيم الڤصرين) قضى الشاب سمير بن خليفة الذيبي (33 سنة) بطّال مترسّم ومريض مستديم سلسل فقر وعدم رغم معزات والده الأربع.. هذا الشاب عانى طويلا (على غرار العشرات أمثاله) من البطالة والحرمان وسطوة السلطات »الصغيرة« والتي لا بَوْنَ يفصلها عن الكبيرة.. وتحمّل ما تحمّل إلى حدّ اليأس ممّا أُصيب معه بمرض عصبي حالت ظروفه دون متابعته للأزمة وكلّ ما عُولج به بطاقة اعاقة لا تشفي من سقم ولا تنفع لفرج ما. لتستمرّ حياته وسط هذا المزيج المرير بين الوجع والحرمان داخل أسرة من خمسة أفراد كبيرهم أب معوق (أصم) والباقي أمّ و3 صبايا يتهدّدهنّ جميعا الطّوى ويترصدهنّ الغوائل. ❊ النّار الرحيمة... في هذه السينوغرافيا وهذا المشهد الحياتي المتكرّر مع كل طلوع شمس السباسب ومع كلّ غروب ارتأى سمير أن يريح ويرتاح فسكب على نفسه كميّة من مادة »المازوط« التي يصعب إطفاؤها ممّا أحدث له حروفا بليغة لم تنفع معها التدخلات المتواضعة في مستشفى الڤصرين ولا تلك المتأخرة في سوسة حيث فارق سمير الحياة ولم ينطق الاّ بكلمتين سجّلتا عليه »كرهت روحي«.. »نحبّ نموت«... قالهما ومات!! فأي غد لهذه العائلة وعن أي صبر يحدثونهم. ❊ الإهمال القاتل ما إن أنهينا التحقيق في مأساة سمير حتى تناهت لنا أخبار »حُرقة« (بضم الميم) أصابت منطقة أخرى وأكباد أخرى وأفئدة أخرى.. هناك وفي بلدة المزاوغة من ولاية المنستير شهد الأهالي واقعة مؤلمة أدّت إلى غضب شديد شدّة هول المأساة ممّا حدَا بعشرات من الشبّان وحتى الكهول إلى الاعتصام وغلق الطريق الرئيسية رقم 1 على مستوى قرية منزل الحياة من أجل رفع شكواهم إلى من يهمّه الأمر... قلت هناك وفي هذه القرية أي المزاوغة غادر أيمن بلحاج عمر محلّ والده السيد حسن لقضاء شأن صغير من دكان مجاور وعلى مرمى حجر من محلّ والده«.. ومن الصدف ليلتها ان نزل بعض المطر انجرّ عنه تواجد غدير حاول أيمن تفاديه ليجد نفسه يلامس عمود كهرباء.. وكانت تلك اللّمسة الأخيرة حيث صعق صعقة قاتلة بعد دقائق... ❊ steg بلدية عند تحوّلنا إلى هذه البلدة التقينا والد الهالك الذي أفادنا بذات المعطيات المذكورة آنفا مضيفا أنّ البحث انطلق وقد سجّل حضور عدل تنفيذ عمليّة اختبار أثبتت التهمة على فانونس الإنارة العمومية التابع لبلدية المكان، هذا الفانوس مرتبط بسلك كهربائي بواسطة رابط »ديمينو« متدلٍ وملامس لرافعة الأسلاك (poto) وهو ما قد يكون وراء الفاجعة. ❊ لك اللّه.. سيد حسن.. من الصّعب جدّا على أي كان وصف حالة السيد حسن والد أيمن الذي ألجمه الألم عن أي كلام كيف لا وهو من فقد ولَديْن في فترة قصيرة حيث توفي ابنه الأول »محمد علي« سنة 2007 على اثر حادث مرور أليم« وهاهو اليوم يفقد أيمن (20 سنة / تلميذ) بفعل الكهرباء وعليه فهو مع الرضى بقسمة القدر يصرّ على تتبع من يقف وراء هذا المصاب الجلل.