بقطع النظر عن التّطور الملحوظ الذي سجله انتاج مدينة المهدية من الاسماك 8904 طن (55% من انتاج الولاية) سنة 2010 مقابل 8750 طن سنة 2009 اي بزيادة 2 في المائة اضافة الى مساهمة الولاية بنسبة مهمّة في قيمة الانتاج الوطني الفلاحي من حيث المنتوجات البحرية ب 13 في المائة سنة 2010. فإنّ رقم المعاملات المالية لميناء المهدية يبقى متدنّيًا جدا لا يلائم واقع الانتاج رغم انه يحتل المرتبة الاولى وطنيا في انتاج التن والمرتبة الثانية في انتاج الصيد بالجرّ فهذه القيمة المالية في حدود 2.845 مليار تقريبا موزعة بين المصرف الجهوي لخدمة الصيد البحري ب 2.5 مليار ومستلزم المرفق العمومي بالملك البلدي «الهباط» ب 334 مليون. وحتّى تتوضّح الرؤية اكثر للقارئ حول ضعف مردودية الميناء على الاقتصاد المحلي فالمقابل الراجع للبلدية لقاء منح اللزام حدّد ب 60 مليون في حين ان قيمة كراء ميناء طبلبة 1.3 مليار وميناء الشابة 300 مليون وهي ارقاما تغنينا عن اي تعليق؟؟ فامام هذا الواقع اليتيم لميناء المهدية هل مازلنا نعتبر من بين اهم موانئ الصيد البحري في تونس؟ وهل اسباب تراجع مردوديته الاقتصادية محليا راجع إلى غياب المنافسة والشفافية وصعوبة الترويج للمنتوج البحري او لضعف التجهيزات الاساسية وتردّيها وعدم تطويرها؟ فعدم صيانة وتعهّد الاحواض والمرافئ الخشبية وتواجد مراكب صيد غارقة بقاع الميناء تسبب في انبعاث روائح كريهة نفّرت كل من يقترب من محيط الميناء. زيادة الى تركيز سياج أدى إلى فقدان الجمالية المعمارية والتنشيطية التي كان يلعبها الميناء القديم وذلك بذريعة الشروط الالزامية للاتحاد الاوروبي يرجع بالنظر الى السلط الجهوية للتثبت واتخاذ الاجراءات بإزالته لاننا نتساءل باستغراب عن عدم شمول هذه الاجراءات الالزامية لميناء سوسة او المنستير؟ او تقهقر نشاط المصرف الجهوي لخدمة الصيد البحري بالمهدية وفشله في السنوات الاخيرة على مساعدة الصيادين على تنمية تجهيزهم البحري واعمال الصيانة والتزوّد بالمحروقات وتسويق المنتوج بسبب حالة العجز المالي المتواصل منذ العهد البائد حيث عرفت الادارات المتعاقبة عليه بعدم الشفافية والمطلوب اعادة هيكلته ليقوم بدوره في تعصير القطاع والرفع من مستوى الانتاج؟ او لتراجع تدخل الدولة بصفة فعلية ومباشرة في هذا القطاع مقابل تشجيعها للخواص لعمليات شراء المعدات وتعصيرها واصلاحها في شكل قروض متوسطة وطويلة الامد والتي تحولت هذه ?لمنح والتشجيعات في عهد المخلوع لخاصة الخاصة من الدّخلاء على المهنة والتي مازالت بعض فلوله تهيمن على اغلب العمليات داخل الميناء التجاريّ والاستغلال والانتاج والتسويق والتوزيع والخزن والتبريد ملحقين الضرر بالصيادين الذين اجبروا على التعامل مع ميناء طبلبة الذي اصبح يستقبل اغلب المنتوج المحلي من اللحوم البحرية لسهولة المعاملات ووجود وكلاء اصحاب رؤوس أموال ضخمة تشجّع على الانتاج والعمل كذلك سهولة تسويق الاسماك مثلا سفينة بحمولة 200 صندوق من الاسماك منها 20 صندوقًا للاسماك صغيرة الحجم والتي يمنع تسويقها بميناء ا?مهدية يسمح ببيعها بميناء طبلبة. زيادة التزوّد بالشّباك والحبال من معمل طبلبة لانّ معمل صفاقس مغلق. فوضعية الميناء البائسة تتطلب وقفة حازمة وصارمة من السلط الجهوية والادارات ذات الصّلة والتي لا نشك في مصداقيتها وعزيمتها على ضبط القانون داخل الميناء وردع المخالفين ولجم الانتهازيين. والقيام بالاصلاحات الضرورية ليستعيد ميناء المهدية ريادته واشعاعه الوطني ويكون رافدا للتنمية المحلية والجهوية ضمن تصوّر مستقبلي يدمج الميناء ومحيطه بالمدينة ليلعب دورا متكاملاً من حيث بعث منطقة سياحية جديدة وذلك بانشاء مشروع حوض سياحي ترفيهي يحتوي على اماكن مخصصة لاستقبال الزوارق المراكب السياحية التي ستدفع بالسياحة البحرية للمدينة ويعتبر هذا النوع من السياح (Croisiéristes) اكثر مردودية في الميدان السياحي زيادة إلى تركيز وحدات ايواء ونزل صغيرة جديدة في محيطه وفضاءات تنشيطية وتجارية وادارية وثقافية مثل بعث ?تحف بحري محوري يشهر ويعرّف بمكانة البحر بالمهدية ولنا في هذه المدينة البحرية ثلة من الكفاءات المختصة في ميدان التراث والبحر يمكنها تقديم الاضافة القيمة لاستقطاب السياح والزوار مما يساعد على تنشيط وسط المدينة والمدينة العتيقة بانفتاحهما على الميناء وتخفيف الضغط على الناحية الشماية للمدينة وخلق مواطن شغل جديدة ومختصة فهذا المشروع الاضافي والنوعي والمتميز يمكن ان يؤهل مدينة المهدية المشاركة في برنامج اللواء الازرق للموانئ الترفيهية والحصول على العلامة فقد ترشحت لنيله: ميناء سيدي بوسعيد، ياسمين الحمامات المنست?ر، وسوسة ويمكن لاصحاب النزل بالجهة والهياكل المكلفة بالتصرف بالميناء اخذ المبادرة وتوفير التجهيزات اللازمة ودعم رؤوس الاموال للاستثمار. فالوضعية الحالية للميناء ومديونية الصيادين المتواصلة وتدهور الحالة الاجتماعية للبحار يجعل من تدخل الدولة امرا محتوما ب: مواصلة المجهودات في ميدان التجهيزات الاساسية للميناء والتعجيل بانجاز البرامج المعدّة لذلك فمن الضروري توسيعه وتهيئته حتى يتمكّن من استغلال مراكب ذات حمولة اكبر فاكبر ومشاريع الترفيه السياحي. الحد من توريد مراكب الصيد في الاعماق من الخارج والتي سجّلت اسعارها في السنوات الاخيرة ارتفاعًا مهولا ولذلك يمثل اقتناؤها نزيفا للاقتصاد الوطني وفي المقابل تساهم بجدّية في تعصير حظائر صناعة السفن الموجودة بالجهة. الترفيع في الدعم المالي لاصحاب السفن والبحارة ايام الراحة البيولوجية او التي تتسبب فيها حالة الطقس القاهرة ففي الظروف العادية تصل ايام العمل في اقصاها الى 200 يوم فقط. مراجعة شاملة وجذرية للمجلة الشغيلة حتّى يضمن اصحاب المراكب والبحارة حقوقهم وواجباتهم وترغيب الشباب في هاته المهنة الشاقة ولن يكون ذلك ممكنا الا متى اعطى لهذا النوع من العمل سمتُهُ الحقيقية والمكانة الجديرة به وذلك بضمان حياة كريمة ودخل قار محترم لاصحاب المهنية وتغطية اجتماعية تتناسب مع الدور المنوط بعهدتهم فاليد العاملة المختصة قليلة فأغلب ربان السفن سعوا الى ابعاد ذويهم عن هذه المهنة نظرا إلى صعوبتها ومخاطرها فالقليل منهم شجّع اولاده على تعاطي المهنة ووفر لهم كل الامكانيات المادية لمواصلة هذا العمل با?تناء مجموعة من المراكب مثل المرحوم فرج السبع فالمطلوب اذن تدعيم التكوين المهني فالقطاع يحتاج الى كثير من الاطارات التقنية واليد العاملة المختصة. تشجيع المستلزمين على الانتصاب مجدّدا في الميناء لتشتدّ المنافسة ونحافظ على ترويج الاسماك فتعم الفائدة على الجميع منتجين ومستهلكين وبلدية. فالواقع المتأزّم فرض على الميناء مستلزما واحدا من مدينة طبلبة يعمل بصفة موسمية فقط او في ظروف الانتاج الاستثنائية. ولا بدّ ايضا من تجديد مراقبة الدولة على الخواص حتّى لا يعبثوا بالقروض التي تمنح لهم وفرض احترام التشريعات القائمة الذات سواء في ميدان التشغيل او في ميدان الصيد البحري. ولا بدّ أخيرا من مراجعة الهياكل الحالية المشرفة على الميناء وقطاع الصيد البحري بالجهة بصفة عامة حتى تتمكّن من الاسهام الفعلي في الانتاج والمردودية الجيّدة على الاقتصاد المحلي.