جاءني الاستاذ عبد العظيم مغضبا، فأمطرني بوابل من الأسئلة: أو سمعت يا ثقيف بأخينا يهودي جربة الغراء؟ وما به؟ سئل عن الوضع في البلاد. فأجاب بأنها داخلة في جبل. باب وعندو بوه، ذلك ان كثيب الرمل في الجزيرة الغراء جبل في عينه. ثم أو سمعت بقريقوار؟ ومن ذا؟ هو احد ابطال قصة مدينتين لديكنز. وما خطبه؟ كل الخطب، فهو حين طلب منه ان يبادل نفسه بعشيق معشوقته ذاك المحكوم عليه بالاعدام استكبر وأبى. أو تريد له الاعدام من اجل غريم؟ لا معاذ الله، لكن المهم في الامر هو ما قاله عن نفسه. وماذا قال؟ قال: لن أفعل ما دمت أحيا مع واحد عبقري مثلي. ، عاشق نفسه لا يرى نفسه. ثم أو سمعت بقريقوار كذلك؟ وما به؟ اعترف بتزوير الانتخابات بصريح العبارة ولم يستقل ولم ينكفئ ولم يعتذر ولم يرعو ولم يؤنبه ضمير ولا حبيب او قريب وهو راض مرضي ناعم منعم أبقاه الله عبقريا فريدا من نوعه وذخرا للوطن يبيعه متى شاء ويرهنه متى شاء والاحزاب تؤيد او تسكت او تتجاهل. ، ذلك لأنهم بدورهم يحيون مع عباقرة مثلهم هم أنفسهم. ثم او سمعت بخلق الله يخلقون الاحزاب تخليقا؟ لقد فاقت المائة. أجل ولكن هذه المرة خلقوا من جديد الحزب الحر الدستوري نفسه وأضافوا إليه بعض البهار الديمقراطي. باب عندو بوه، فهو والنعجة دولي سيان. ثم أو سمعت بحواء؟ طبعا جدتنا جميعا. جدتنا أو أمنا سيان عندي وسيان أتكون الملائكة من الذكور او من الاناث. ولكني أراك لم تقرأ أخاك علي الدوعاجي. أذاك الافاق؟ بل ذاك الكاتب البوهيمي المتفرد. وما به؟ كتب قصة عنوانها أم حواء. باب عندو بوه. بل هذه المرة قل: حواء وعندها أمها. وتركني وهو يترنم بأغنية على موضة العصر: «ولو كان ريت نوة يا حوة». ولقد تفكرت في الامر كله فترسخ في نفسي ان أخانا اليهودي صادق في عزمه، فالبلاد داخلة بالفعل في جبل، اي بلدي كفاك شرا!