هيئة الانتخابات تحدد موعد تجديد تركيبة المجالس الجهوية ورئاسة المجالس المحلية    ابتدائية تونس: شبهات غسل أموال وإثراء غير مشروع في حقّ الزغيدي وبسيس    نحو التعاون المشترك في قطاعات الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر بين تونس و إيطاليا    ابتدائية تونس: شبهة غسيل أموال واثراء غير مشروع في حق الزغيدي وبسيّس    وائل الدحدوح من تونس: "سعيد جدا بهذه الزيارة الافتتاحية لأول بلد عربي"    وزير الرياضة يستقبل وفدا عن 'الفيفا' و'الكاف'.. وهذه أبرز المخرجات    يستعملون ''التوك توك'' للتوزيع : تفكيك عصابة ترويج مخدرات بالمتلوي    حالة وفاة في اصطدام حافلة تابعة لشركة النقل 'القوافل' و شاحنة    عاجل/ المتحدّث العسكري المصري: إستشهاد احد العناصر المكلّفة بتأمين الحدود في رفح    وزارة الدفاع الوطني تعلن عن انطلاق تمرين بحري في البحث والانقاذ "بحر آمن 24" بخليج تونس    اتحاد الفلاحة: 10 ولايات موبوءة بالحشرة القرمزية    الوكالة الالمانية للتعاون الدولي تفتح باب الترشح امام شركات التمور للتكوين واستكشاف السوق الاوروبية    بشرى سارة لهؤولاء: قروض تتجاوز قيمتها 560 ألف دينار..    جندوبة: انتشال جثة طفل غرق في سدّ بوهرتمة    بن عروس : اختتام الدورة الثالثة والثلاثين لمهرجان علي بن عياد للمسرح    وزير الصحة يؤكد من جنيف على ضرورة إيلاء الوضع الصحي في فلسطين الأولوية القصوى    لاعبة المنتخب الوطني تتوج بلقب الدوري الإيطالي    إخماد حريق أتى على هكتارين من القمح الصلب في هذه المنطقة    الإدارة الوطنية للتحكيم: نستغرب إتهامات النجم الساحلي .. والأخطاء التحكيمية موجودة في كل الأقسام    في باجة وسوسة: حجز بضائع مهربة فاقت قيمتها الجملية 300 ألف دينار    وفد مجلس نواب الشعب، يشارك في أشغال اللجان الدائمة للمؤتمر السادس والثلاثين للاتحاد البرلماني العربي    عاجل : أنس جابر تتأهل الى الدور الثاني من بطولة رولان غاروس    من جنيف: على مرابط يؤكّد على الأهمية التي توليها تونس للابتكار والتطوير في القطاع الصحي    أخفاها داخل أكياس شاي... حجز ''زطلة'' و ''إكستازي'' لدى مسافر تونسي !    رئيس الجمهورية في زيارة إلى الصين    كأس العالم للكانوي كاياك: غيلان الختالي ينهي سباق نهائي 200 متر في المركز الأخير    بابوا غينيا الجديدة :أكثر من ألفي شخص دفنواأحياء بسبب انزلاق التربة    البرلمان العربي يستنكر "المجزرة البشعة" بحق المدنيين الفلسطينيين في مخيمات النازحين برفح..    فرضه صندوق النقد الدولي.. تخفيض قيمة الدينار ضاعف الدين الخارجي    رابطة افريقيا لكرة السلة - الاتحاد المنستيري يواجه اليوم هوبرز النيجيري في الدور ربع النهائي (س16)    الاحتفاظ بمنظم عمليات اجتياز للحدود البحرية خلسة في قليبية (الحرس الوطني)    مفزع/ حوادث: 10 حالة وفاة خلال 24 ساعة..    كاس البرتغال : بورتو يحتفظ باللقب للموسم الثالث على التوالي    ثلاثة أفلام تونسية في الدورة 24 من مهرجان روتردام للفيلم العربي    بن عروس : 14 مؤسسة تربوية تشارك في الملتقى الجهوي للمسرح بالوسط المدرسي    المنستير: "مدننا العتيقة دون بلاستيك" حملة نظافة وتظاهرة ثقافية في عديد المعالم الأثرية ضمن مبادرة "سنة النظافة 2024"    حركة "تونس إلى الأمام" تدعو إلى تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها وفي "مناخ ملائم"    اليوم : الغنوشي أمام الدائرة الجناحية بمحكمة الاستئناف بتونس    يهم التونسيين : هذه هي نسبة امتلاء كافة السدود التونسية    يقلل مؤشر نسبة السكر في الدم...فوائد لا تعرفها عن تجميد الخبز    هذه أعراض الإصابة بضربة شمس دكتورة توضح    مفاجأة "غير سارة" لعائلة أميركية تناولت لحم الدب    الدكتور درمول يكشف تفاصيل نجاح عملية استئصال ورم كبير بقاع الجمجمة    نهائي الترجي والأهلي: إيقاف 3 تونسيين في مراكز الأمن المصرية    يوم تضامني مع الصحفيين المسجونين..وهذه التفاصيل..    حالة الطقس ليوم الاثنين 27 ماي 2024    جلسة تصوير عارضة أزياء تنتهي بطريقة مأساوية.. ماذا حدث؟    ثلاثة أفلام تونسية في الدورة 24 من مهرجان روتردام للفيلم العربي    أولا وأخيرا «عظمة بلا فص»    بالطيب: أكثر من ثلث النزل مغلقة    تراجع نسبة امتلاء السدود    بعد حادثة ضربها من متعهّد حفلات منذ سنتين: أماني السويسي في المهرجانات الصيفية مع الناصر القرواشي    قريبا على منصة «شاهد» هند صبري «زوجة صالحة» في «مفترق طرق»    وزارة الشؤون الثقافية ستواصل ككل سنة دعم المهرجانات لكن دون اجحاف    أليست الاختراعات التكنولوجية كشفٌ من الله لآياته في أنفس العلماء؟    معهد الفلك المصري يكشف عن موعد أول أيام عيد الأضحى    معهد الفلك المصري يحدّد موعد أول أيام عيد الأضحى    مواقف مضيئة للصحابة ..في حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكتاب الأبيض
أفكار متقاطعة: ❊ يكتبها: ناجي الخشناوي
نشر في الشعب يوم 03 - 09 - 2011

ستنظم وزارة التنمية الجهوية في الأيام القادمة ملتقى وطنيا لتقديم نتائج أعمالها للأشهر السبعة المنقضية. أعمال تركزت في محاضر جلسات أجراها ممثلو الوزارة في مختلف الجهات وتم خلالها تدارس الوضع التنموي في كل المناطق وتم جمعها وتوثيقها في كتاب اختارت له الوزارة عنوان »« تهدف من خلاله إرساء استراتيجيا تنموية هدفها تغيير واقع الجهات على مستوى التهيئة العمرانية والبنية الأساسية والحوكمة والحكم الرشيد ودور المسؤول الجهوي والمحلي... ومن ابرز المقترحات إعادة تقسيم الجهات اقتصاديا من خلال تقسيم الشريط الساحلي إلى خمسة جهات أو ما يشبه الأقاليم الاقتصادية من أجل ربط الجهات الداخلية بالساحلية.
ودون التقليل من جهد الوزارة في هذا المنحى إلا أنه من الضروري أن نبدي بعض الملاحظات التي نراها ضرورية، فأول استنتاج يمكن ملاحظته هو استفراد الطرف الحكومي كالعادة بوضع الخطط الإستراتيجية والتفكير نيابة عن باقي الهياكل وعن المواطن في حد ذاته، فمن خلال هذا التمشي نتبين أن وزارة التنمية المؤقتة عولت على هياكلها دون غيرها، و»أقصت« أو لنقل »تجاهلت« الأطراف الأخرى من أحزاب وجمعيات ومنظمات، وخاصة منها الاتحاد العام التونسي للشغل في صياغة مشروع »«، وما ستقوم به في الملتقى المزمع تنظيمة لا يعدو أن يكون ذرا للرماد في العيون وإيهام بالحوار وتشريك جميع الأطراف المعنية، وهي ذات السياسة وعينها التي كان ينتهجها النظام السابق ولم تعد على هذا البلد إلا بالوبال...
الاستنتاج الثاني الذي يمكن أن نقف عليه هو أن وزارة التنمية الجهوية، ومن ورائها الحكومة، تستبطن عن غير قصد (أو عن قصد) الإقامة الدائمة في مواقع القرار والحكم، ذلك أن خططها واستراتيجياتها لا يمكنها بأي مقياس أن تكون لمدة وجيزة لا تتجاوز المدة التي تفصل الشعب التونسي عن أول استحقاق انتخابي نتمنى أن يكون حقيقيا... فالمنطق يقتضي أن تنتهي مهام أعضاء الحكومة المؤقتة لتتشكَّل حكومة جديدة سيرسم معالمها أعضاء المجلس التاسيسي المنتخبون، وحتى إن سلمنا أن بعض الأسماء ستواصل مهامها الوزارية المناطة بعهدتها الآن لإجماع حولها أو ثقة حازتها، فإن المرحلة الراهنة لا تٌلزم أحدا بوضع الخطط والاستراتيجيات طويلة الأمد بقدر ما تتطلَّب حنكة في تسيير الأمور الإدارية وعَقْلنة المطالب الشعبية.
الاستنتاج الثالث أيضا الذي يمكن أن نستشفه من »حركة« وزارة التنمية، هو إهدار المال العام والجهد البشري في تنظيم مثل هذه الأعمال والبحوث والدراسات خاصة إذا علمنا أن النظام السابق كانت جل دراساته وخططه التنموية »رائدة« نظريا وعلى الورق فوق مكاتب الوزراء والمديرين والولاة والمعتمدين، غير أن تطبيقها على ارض الواقع كان مشلولا بقصد وبوعي كبيرين غذاهما الفرز الجهوي الذي انتهجته العائلة الحاكمة سابقا بمعية أعوانها ومباركة الرأسماليين المنتفعين من هذا الفرز... دراسات تنموية أوهمت بالعدالة الاجتماعية والتوازن الجهوي ودولة الرفاه والرخاء، مثلها مثل الدراسات »الحقوقية« التي كانت تدبجها الأقلام المتمعشة من النظام النوفمبري والتي حولت تونس إلى أيقونة للحريات العامة والفردية وللديمقراطية واحترام حقوق الإنسان...
دراسات جعلت المنتظمات المجتمعية الدولية تعتبر تونس »معجزة« على وجه الأرض...
الاستنتاج الأهم أيضا في تقديري، هو التجاهل التام للدراسات الميدانية التي أنتجتها كفاءات علمية وأكاديمية في صلب الاتحاد العام التونسي للشغل الذي آل على نفسه أن يضرب المثال العملي في بناء تونس لكل التونسيات والتونسيين، فالاتحاد العام التونسي للشغل يشبه خلية نحل لا تكل ولا تمل من إنتاج المعرفة ومراكمة التصورات والاقتراحات العملية الرصينة ذات المنطلق الواقعي والأفق الاستشرافي، والصبغة التنويرية التي تُشع على كامل البلاد أرضا وشعبا، ومن ينكر قيمة هذا المشروع لا يتوانى في الاستئناس بنتاجاته المعرفية ومعطياته العلمية وخاصة تصوراته ومقترحاته في السر وفي العلن، ولعل خير مثال على كلامي آخر الدراسات المنجزة في هذا السياق وأعني به كتاب »التنمية الجهوية بولاية سيدي بوزيد: بين الواقع المكبل والإمكانات الواعدة«، كتاب لم يكن ابيضا ولكنه برهن على الاقتناع التام بأن بناء الدولة التونسية ليست مسألة شخصية تهم هذا الشخص دون غيره أو هذه الوزارة دون سواها أو هذا الحزب دون شبيهه أو تلك الفئة دون بقية الفئات... كتاب أعد مثله الاتحاد كتبا أخرى عن الكاف والقصرين وجندوبة وقفصة... وكان أولى بوزارة التنمية الجهوية أن تعتمد هذه المنشورات كمرجع أو أرضية لعمل مشترك وبناء وطني تتعانق فيه الأفكار وتتشابك فيه الأيادي بغيذا عن منطق الوصاية، فالبيت بيتنا جميعا والبناء يعنينا معا والكتاب لا ينجح إلا متى تقاسم الكاتب مع القارئ متنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.