عيب أن لا نكتب نحن في »الشعب«، عن عبد الحفيظ المختومي، الانسان، الصديق، الكاتب، الشاعر، المناضل. فلا نكران للجميل في عاداتنا، ولا تنكّر للأصدقاء في أعرافنا. عاش بيننا وقتا طويلا، يأتي إلى المكاتب، يجلس إلى من يحبّ، يحرّر مقاله، يراجع مقالا آخر، يعلّق على صورة، يلقي نكتة، يبدي ملاحظة، يقهقه، ثمّ يمضي... عرفناه صديقًا طيّب المعشرلم نلتقِ إيّاه إلاّ ضاحكًا، لم نَرَهُ إلاّ مقبلا على الحياة، لم نصادفه إلاّ متفائلا. في يوم من أيّام سنوات الجمر مَثُل أمامنا وبيده مخطوط. عاد بعد أيّام فتسلّمه منّا كتابا أنيقًا، اهتزّ له الرجل فرحا وغبطة مثل طفل بريء تعرض عليه هديّة حَلُمَ بها وصَعُبَت عليه حيازتها. ثمّ قويت عرى الصداقة وتوثقت فكان ملتقى النقابيين الشعراء حجرًا أوّل في مشروع أردناه كبيرًا، مشعّا، شاملا لكل الفنون جامعا لكل المبدعين وفاسحًا مجال التعايش لكل المختلفين والمتخالفين، للمتناقضين والمتحابّين. ولكن... منذ البداية، اختلفنا، اعترض عبد الحفيظ على أن يكون الملتقى للنقابيين الشعراء، ملحًا على وجوب أن يكون للشعراء النقابيين. ولكنّه اختلاف لم يحل دون انعقاد الملتقى ودون أن يلعب فيه عبد الحفيظ المختومي أبرز الأدوار من خلال المشاركة في تحرير البيانات الصادرة عن كل دورة، واقتراح الشعراء المشاركين وخاصّة من خلال إلقاء أجود ما كتب شعرًا. لم أكن أرتاح شخصيا لكنية الكنعاني المغدور التي أطلقها على نفسه. صفة الكنعاني بعيدة جدّا في التاريخ الذي قد لا تستسيغه أجيال اليوم، زد عليها صفة المغدور بما تُوحي به من مؤامرات تعرض فيها للغدر، والغدر مرادف للخديعة والخيانة والانقلاب. لم أكن ارتاح إلى تلك الكنية خاصة أنّ عبد الحفيظ المختومي بشّر في الكثير من قصائده بالنصر وقهر الصعاب وبالثورة وحتى بهزيمة اللاّمعقول. اقرؤوا النص المرافق، الذي ألقاه »حفّة« في حفل تكريمه يوم السبت الماضي وستفهمون دون شك ما أقصد. وللشباب وللشعب كلّ الشكر أنّنا عشنا، نحن و»حفّة« ومن في عمرنا فرأينا الثورة تقع وتتهيأ لها بشائر النصر، فجاز لنا أن نكتب في ميدالية التكريم التي أهديناها إليه وسلمناها إلى نجله غسان أنّه العربي المنصور.