أشهر عديدة مرت وايام عصيبة تتناقل بعدها السيد فتحي الخنيسي بالساعات والثواني يبث خلالها شكواه الى بحر اخذ منه مصدر الرزق والقوت المركب الغالي والاولاد الأغلى من كل مكسب. ذاك هو ملخص معاناة تعيش على وقعها عائلة الخنيسي بشكل خاص وبلدة طبلبة بشكل عام... هذه البلدة التي طالما عانت من البحر وجَوْره على مدار السنين. ولعل القاصي والداني يعلمان بل يذكران تلك الواقعة التي عنوناها في جريدتنا بعنوان «طبلبة تهزم روما» عندما تم فكّ أسر مجموعة من ابناء البلدة وقعوا ضحية عمل انساني حيث انقذوا في عرض البحر 47 حارقا من الغرق فكانوا هم من «الغارقين» في سجون ايطاليا. وكان عددهم اذاك سبعة نجحت السلطة وعديد المنظمات الانسانية من «استرجاعهم» في يوم مشهود! هذا السيناريو وبشكل مختلف أطل برأسه من جديد على طبلبة من خلال حادثة المركب «ملاك البحر» والذي غابت اخباره أو تكاد منذ مارس الماضي. أقول او تكاد لأن هذا الصمت الذي استمر سبعة شهور قطعته رسالة من سجن« مارسيلاّ »تفيد بوجود طاقم المركب بسجن مارسيلا اMarcellaب الايطالية وهم الربان أنيس الخنيسي وشقيقه أحمد والبحرية الحبيب بلقاسم وربيع البرهومي. ٭ الموج الأجوف : وحتى لا نطيل ونثوه ونتقره القارئ نترك صاحب المركب ووالد الربان أنيس يسرد الوقائع سردا تقطعه الدموع احيانا والغضب احيانا اخرى «كان ذلك يوم بل عشية 25 مارس 2011 عند توكل ولدايا على الله وانطلقات من ميناء طبلبة مرفوقين بعونين مساعدين بعد المرور بالاجراءات القانونية اي التثبت من قبل الحرس البحري في هوية المركب والملاحين ومختلف التجهيزات والوسائل وبعد مضي يومين علمت من بعض البحارة انهم التقطوا أصوات ابنائي عبر أجهزة اللاسلكي (الراديو) مستغيثين بعد تعرضهم لطلق ناري من اsquadraب وهم على مسافة 15 ميلا من السواحل ا?ايطالية في المياه الدولية خارج المياه الاقليمية المقدرة باثني عشر ميلا. وهو ذات الامر الذي أكده البحارة عند عودتهم بعد ثلاثة ايام فأفادوا بأن آخر ما توصلوا به عبر اللاسلكي هو احتجاز المركب وطاقمه من قبل خفر السواحل الايطالي. ومن وقتها انقطعت الاخبار طوال شهر ونصف اتصلت بعدها برسالة من سجن مارسيلا تفيد بوجود الطاقم هناك والمركب محجوز في الميناء. وأكدت هذه الرسالة بأن التهمة تتعلق بتهريب 3 اشخاص! وهنا أتساءل (والكلام دائما للأب مالك المركب) هل يعقل ان يقع تهريب هذا العدد من الاشخاص الحارقين المفلسين على مر?ب قيمته الدنيا 150 الف دينار مضافا الى ذلك «الارمتور» (أي التجهيزات) والتي تتجاوز قيمتها العشرين الف دينار... فبربكم كم يمكن لأي شاب من شبابنا الحاقر ان يدفع من اجل هكذا حرقة؟ انه لا يتجاوز في أحسن الاحوال الالف دينار حسب المتداول من اخبار الحارقين! فهل من المعقول أو المعقول ان يضحي احد سواء أولادي او غيرهم بما يناهز ربع مليارر من اجل حفنة دينار! ٭ حتى ... لو ! هنا توقف السيد فتحي الحنيسي (أبو أنيس الربان) ليكفكف دموعه (وهي ليست دموع المسامح كريم المستجداة بموسيقى الصبا قلت توقف السيد الخنيسي قليلا ثم واصل «يا سيدي حتى لو فرضنا ان الدعوى المقامة ثابتة ما ضرّ وزارة خارجيتنا ان تنظر بعين الشفقة خاصة ان لها «رئيسة ايطاليا» في صلبها (ويقصد المسؤولة عن جالتيتنا في ايطاليا)... هذه الرئيسة اتصلت بها منذ اشهر وعندما عدت اليها منذ ايام لتنسم اخبار جديدة وجدت الملف حيث تركته في المرة الاولى... لا بل كما تركته! ٭ «شاكر» يتم بالحياة : بعد ان توقف مرة أخرى عن الحديث عاد السيد الخنيسي ليتساءل بل يسأل السيدة «رئيسة ايطاليا» ومن خلالها وزارة الخارجية ألا يدركون حاجة الوليد الى الوالد وحاجة الام الى الولد وحاجة الاسرة الى معيل وحاجة مظلوم الى التبرئة... وحاجة متهم الى مرافعة... وحاجة المرافعة الى الدعم وحاجة الكل الي الاحساس والتعاطف! انظروا الى صورة شاكر (ابن الربان أنيس) لعلكم تشوبون...! ٭ للأمانة : ان حال تلك الاسرة التي زرناها بنهج الفاضلين في طبلبة يدعو الى الشفقة مما حدى بنا الى الاتصال بالخارجية الاسبوع الماضي مرارا وتكرارا على الرقم 71847500 / 11.4.11 علنا نظفر بموعد او على الاقل افادة.. ولكن... في الريح... هاتف يرن ثم مجيب آلي يئن... فهل نسأل الجنّ! ٭ هل يفعلها ؟! المقصود بسؤالنا هذا هو طرف اجتماعي أثبت نجاعة تدخله في مثل هذه الحالات وعلى امتداد السنوات الاخير... وأعني ديوان التونسيين بالخارج الذي دخل على الخط بعد توصله بمكتوب مؤثر من السيد فتحي الخنيسي صاحب المركب ووالد أحمد وأنيس السجينين.