لا تعرف الأمم بأعيادها أو بدياناتها أو بأخلاقها.. بل تعرف بعلمائها وعلومها وانجازاتها الحضارية، فالحضارة هي صيرورة الأمة ممتدّة وهي بناء وتشييد... وهي منهج أو نظام في حياة البشرية يجسده نوع الحياة المادية والروحية والفكرية والسياسية (هناك 160 تفسيرًا للحضارة). لكلّ أمّة أعياد خاصة بها تحييها من حين إلى آخر، وهي نابعة من تشريعات وأعراف وأهواء ونواميس، منها ماهو ذو صبغة دينية وأخرى وطنية... فعيد الاضحى مرتبط بتاريخ ابراهيم الخليل، وعيد الفصح مرتبط بعيسى بن مريم، وعيد الفطر أقرّه الدين الاسلامي... وهناك دويلات تحتفل بعيد الاستقلال وهي إلى حدّ الآن ترزح تحت نير الاستعمار، لأنّها لم تعمل على قطع دابره، وأخرى تحتفل بانتصارات حققتها في الحروب وفي المجالات العلمية والعدل والحرية والمساواة، وعلى عكس ذلك فهناك سياسات متخلفة.. تحيي وتحتفل بعيد المرأة وبمكاسبها (...) دون أن تعير أي اهتمام للرجل الذي هو النصف الفيزيائي المكمل لأنوثتها، والعكس بالعكس، وكان التونسيون لوقت غير بعيد يحتفلون بميلاد العميل، المنبت الحبيب بورڤيبة، وبالسابع من نوفمبر، عيد الأميين الذين حكموا البلاد لمدّة 23 سنة، فهذه الأعياد وما شابه?ا هي أعياد وهميّة، تحذيرية.. لم تأتي بالجديد، لأنّ مبتدعيها من الرعاع والمنبتين والسوقة.. لا يقدرون على فهم التجدّد والتجديد... فمن لا يؤمن بذلك، يلْتهمه «الحديد» ويجرفه تيّار التجديد. ها عيد الأخطار قد انقضى وعيد الاضحى على الأبواب (قرب) فهل سيقرّبنا أم يبعدنا عن سلم التقدم والابداع والبناء والتشييد الذي توصّل إليه الغربيون؟ إنّي أرى أنّ الأعياد العربية لا تخدم الانسان في شيء بل تذله وترمي به في نفق الجهل والتخلف والعبودية.. ربّما أكون مخطئا... لكن لا أبخل على أمّتي بالنصيحة واعمال العقل وحبّ الحكمة والحرية وتقديس العلم وتطبيقه، فهو الضامن الوحيد للبقاء والبقاء الأفضل... هذا هو يوم العيد يوم العيد هو كل يوم تصهر فيه الحديد... وتبتكر الجديد لتنفع الأنام في كلّ البلاد يا عربي أعيادك أحزان والأحزان لا تسعد الانسان فلا تُحْيِهَا بل ثُر عليها وسخر حياتك للعلم لتجني السعادة فالعلم يصنع لك عقلاً والمال يجلب لك الشقاء ويزيدك جهلاً في العلم تتحدّى الصعاب وتفضحُ الدجل وتقضي على الأحزان وتشع على الأكوان فذاك أعظم عيد فكر موجه للصغار والكبار.