يعيش الشعب التونسي هذه الايام اجواء الاحتفالات بذكرى اغتيال الزعيم الشهيد فرحات حشاد وهي مناسبة تنشط فيها الذاكرة فتتذكر وتحضر من مخزونات السنين ما يتعلق بالحدث من ذلك ما يتعلق بحشاد الانسان واسرته الصغيرة. ولأني أستحي وأخجل من نفسي، حتى أتحدث اليها مباشرة وجها لوجه فاني أكتب اليها عبر »الشعب« لعلّي ازيح صخرة من صدري ظلت تكتم انفاسي عمرا بأكمله. جميلة ابنة حشاد تيتمت وهي في ايام عمرها الاولى مات والدها فرحات القرقني من اجل الشعب وتركها مع أمها وأشقائها في منزل على وجه الكراء ليس لهم من حطام الدنيا شيئا... اكتب اليك جميلة لأنهم تناسوك وغيبوك على الدوام قبل الثورة وبعد الثورة غيابا بالجملة والتفصيل سواء من الزعماء رفقاء والدك او من القادمين الجدد على الوطن والتاريخ يقتحمون الميدان من باب »حماية الثورة« وغير ذلك من الشعارات والتبريرات. غيبوك لأنهم يعرفون انك ثقيلة الميزان والقيمة وان رأس مالك في تونس راجع وانك »تطيرين« بهم جميعا و »تهربين« بهم جميعا بلا استثناء وانك تخيفينهم جميعا وجميعهم يرتبكون امامك وتفسدين عليهم حسابات الربح والخسارة في »بورصة« المزايدات والاصوات... غيّبك من يصيع ويزعق امام شاشات التلفزة لانه يدرك انك تتحدثين بأكثر من لسان نطقا ورمزا اشارة وايحاء وانت المبرزة في اللغات والبارزة على لائحة من قدم التضحيات ولاشك في ان البون شاسع بين من يجيد كل هذه اللغات وبين من »يضرب« كل هذه اللغات... قد يتعجب الانسان من كل هذا التغييب ولا عجب فأنا أعرف السبب وهو ان والدتك أم الخير ولكل امرئ من اسمه نصيب رتبك واشقائك على العفاف والكفاف والانحياز الى عموم شعب تونس الذي خاطبه فرحات ذات يوم غائم من ايام خريف الثورة قبل ان يزهر ربيعها »أحبك يا شعب«... تربية تصدّك عن التمسح والتقرب والتزلف والوقوف على العتبات ولم تمٌدّين عينك الى شيء حتى وان كان من باب الحق والدّيْن الذي هو على رقبة كل واحد منا، ومرة اخرى يزول العجب حين نذكر بما اقدمت عليه أمك من رد »هدية سيدنا« حين ارسل لها باي تونس كبشا بمناسبة عيد الاضحى في تعبير بالغ الدلالة انها لا تتميز في شيء عن بقية ارامل وعوائل شهداء الوطن. موقف ثمنته عميدة الصحافيين التونسيين الاستاذة درة بوزيد المسعدي معتذرة باسم الشعب من أمك طالبة منها الصفح والغفران على التغييب والجمود والنكران... وتمر الايام... عمر كامل وأنتم منفيون في صحاري النسيان بفعل فاعل يتجدد على مر الايام، فاعل هو بكل تأكيد خائف يرتجف من حشاد حتى وهو في راحة الجسد والروح، خوف من حضوركم على الساحة يستمر ويتواصل وكأنه القدر حتى ان سؤالي الحائر الباحث عن جواب بالأمس واليوم: الا تستحق جميلة حشاد مبرزة في اللغات الحية ان تكون ضمن مجلس من مجالس الثورة او هيئة من هيئاته او مؤسسة من مؤسساتها الشعبية التي نراها تبعث اليوم باسم الثورة وباسم شهداء الثورة تأثيثا لتونس الثورة تونسالجديدة. ❊ عثمان اليحياوي