فاجأتهم ثورة 17 ديسمبر / 14 جانفي، وخلطت كل أوراقهم لأنها تجاوزت كل توقعاتهم فقد كانوا يعدّون سيناريوهات أخري غير مجهولة لدينا وبقدر أقل باغتتهم الثورة المصرية، فتجهّزوا لها لقطف ثمارها واستعدّوا لبقيّة الثورات العربية... وليتداركوا عامل المباغتة تدرّجوا في التعامل مع ثورة التوانسة من البهتة إلى المسايرة و الاستصحاب و الالتفاف. وسَمُوها مع مسار ثورات وانتفاضات عربية اخرى «بالربيع العربي»، وسمّوْها «ثورة الياسمين»... وعمّدها التونسيون بثورة الحرية والكرامة، لأنّها من صنعهم... تدافع الكثيرون وتدفّقوا لإعلان مساندتهم «حتى خلنا انهم سيستشهدون من أجلنا»... رحل الشهداء بعد أن روت دماؤهم أرض الخضراء وانزوى الجرحى بعيدًا بعد أن أصابتهم رصاصات القناصة وظهر في المشهد غرباء.. وانبروْا يلقّنوننا دروسًا في الثورة والدولة وواقع الحال يقول إن كثيرا منهم يسعى إلى التطهّر وجحدوا حتّى دورنا في الاتحاد... شعارات كثيرة، رفعها شباب من عمّال ومعطلين ومهمّشين ونساء ورجال، جُزْؤها الأعظم مازال حلُمًا. مطالب عديدة بحّت بها حناجرنا مناطق محروة ومهمّشة لم تر النور إلى الآن... سقط الدكتاتور، لكنْ جُلُّ أجهزته مازالت تشتغل بالأسلوب ذاته.. هرب المخلوع... لكن ظلت أهمّ اختياراته الاقتصادية والاجتماعية الليبيرالية تسري في شريان المجتمع ودواليب الاقتصاد... عام انقضى على ثورة الحرية والكرامة، افتكّ فيه الإعلاميون الأحرار مساحات واسعة من الحرية واستكثرها عليهم البعض لينغّصوا عليهم حقهم في جرعات أوكسيجين بعد عقود من عفن التدجيل والتطبيل... سنة تمرّ، ننتظر منذ بدايتها من المجلس التأسيسي الوطني المنتخب صياغة دستور يضمن الحقوق ويؤسس لجمهورية ديمقراطية اجتماعية ويحافظ علي مكاسب التونسيين ويمنع عودة الاستبداد تحت أي غطاء... سنة أولي من الثورة... استحقاقات كثيرة... انتظارات متعدّدة... وأمل لا ينقطع في تونسالجديدة..