طُرح موضوع المرأة نتيجة ما افرزته انتخابات المجلس الوطني التأسيسي حيث كانت تمثيلية المرأة فيه ضعيفة جدًا، تم بعد ذلك نتائج المؤتمر الثاني والعشرين للاتحاد العام التونسي للشغل بنتيجة 0 ٪ للنساء بالمكتب التنفيذي، فكانت خيبة الامل التي قوبلت باستياء عميق من طرف المناضلات في الحقل النقابي بصفة عامة لأنّ هذا التغييب الكلّي لا يعكس واقع المرأة التونسية ولا يرقى إلى تطلعاتها وانتظاراتها في هذه الفترة بالذات. كان هذا موضوع الندوة التي التمت يوم السبت الماضي بدار الثقافة ابن خلدون التي نظمتها جمعية ارتقاء واللجنة الوطنية للمرأة العاملة باشراف الأخت نجوى مخلوف منسقة اللجنة صلب الاتحاد العام التونسي للشغل والأخ فرج الشباح نقابي سابق ضمن نقابة التعليم الثانوي. في البداية عبّرت الاخت نجوى مخلوف عن استيائها واسفها لما آلت اليه نتائج المؤتمر الثاني والعشرين للاتحاد العام التونسي للشغل، هذه المنظمة الشغيلة الديمقراطية التقدمية التي كانت من الشركاء الفاعلين في اقرار مبدأ التناصف على مستوى القائمات الانتخابية حيث كانت المرأة تظنّ أنّ بعد ثورة 14 جانفي ستكتسب استحقاقا طبيعيّا خاصة وأنّ الثورة قامت من اجل العدالة والحرّية والكرامة والمساواة، إلى جانب ما رفعته المرأة من شعارات عديدة تنادي باحتلالها مراكز القرار وهي شعارات القيادات النقابية السابقة التي دافعت عن حضور المرأة وأكّدت ان المرأة جديرة بان تحتل مراكز القرار صلب الاتحاد العام التونسي للشغل بما انه ملك للجميع وبما انّها هي المسؤولة والفاعلة والمناضلة والمشاركة، وهي التي اعتُقلت وضُربت وسُجنت. فالمنظمة الشغيلة في بدايات تأسيسها سنة 1946 كانت تولي اهتمامًا خاصا بالمرأة حسبنا شريفة المسعدي التي كانت تحتل القيادة النقابية ثم بعد ذلك أُقصيت المرأة تماما فهل ان المرأة الآن غير مسؤولة وغير نقابية؟ هل هي غير جديرة بان تحتل مركز قرار كلّ هذا رأت الأخت نجوي مخلوف ان ردّه إلى أسباب ذاتية وأخرى موضوعية فالاسباب الذاتية لخّصتها في الاعباء المنزلية والعائلية وكذلك عامل الخوف وعدم الثقة بالنفس، ثم نظرة المجتمع للمرأة في العمل النقابي خاصة في الجهات اي ان النظرة الدونية تجاه المرأة مازالت متجذّرة. اما الاسباب الموضوعية وهي الأهمّ، فتتمثل في هيكلة الاتحاد اي في القانون الي يُنظّم هذه المنظمة التي ليست في مصلحة النساء ولا في مصلحة الشباب ايضا ولعلّ خير دليل علي ذلك القائمة الائتلافية في المؤتمر التي أخذت بعين الاعتبار الجانب السياسي والقطاعات والجهات ولم تأخذ بعين الاعتبار نسبة 48 ٪ التي تمثلها النساء المنخرطات رغم ان جلّ القطاعات مؤنّثة مثل قطاع النسيج والصحّة والتعليم، فكيف نجد 13 امرأة قط من ضمن 518. وتساءلت كيف لامرأتنا ان تكون مسؤولة على المستوى الاقليمي والعالمي وليست مسؤولة علي مستوى منظمتنا الشغيلة؟ ورأت ان الحل الاجدر والانسب والافضل هو «الكوتا» كمرحلة اولى حتى يتفعّل دور المرأة سياسيا بالتنافس وبالانتخاب لا بالتزكية. أمّا الاخ فج الشبّاح فقد فسّر اقصاء المرأة من مراكز القرار داخل المنظمة الشغيلة، في إطار سياق سياسي ونقابي ومجتمعي ورأى انّ المرأة عبّر المجتمع عن وجودها بأشكال متفاوتة تم تقهقر وتراجع، وان النظام السياسي في الخمسينيات خدم واهتم بالمرأة لكنّه خلّف تراكمات لذلك كانت نسبة تحمّل المسؤولية في الهياكل ككلّ لا تتجاوز 1 ٪فمن الطبيعي ان تُقصى المرأة من هياكل التسيير والقرار اي المكتب التنفيذي ومن سلطة القرار أي الهيئة الادارية (عدا امرأة واحدة)، فحتى لجنة المرأة العاملة رأى انّها ترقيعًا للوضع حتى تعبّر المرأة عن وجودها وهي لجنة ليس لها حق التصويت في الهيئة الادارية وحضورها يمكن اعتباره شكليا. واضاف ان قضية المرأة لم تأخذ الحيّز والقرار المناسب لا سيّما ان الحلول القانونية كانت ممكنة غير ان الاتحاد العام التونسي للشغل حسب قوله لم يسْع من اجلها خاصة أنّه يخر بالطاقات النقابية المناضلة فلم تأخذ المرأة الحيّز والقرار المناسب لا من خلال مؤتمر جربة ولا المنستير ولا طبرقة ورأى ان المشكل يكمن في النظرة تجاه المرأة في بعديها السياسي والنقابي التي اصبحت اخر من يفكّر فيها وخاصة خلال مؤتمر طبرقة، وهذا ان دلّ على شيء فهو يدلّ على انّ ثورة 14 جانفي لم تحقق الحرية للمرأة وهي كما أورد مسألة تتطلب وعيا سياسيا وهي معركة لا تُحلّ الاّ في اطار سياسي.