موضوع اليوم حساس أوحى به إلى الناموس المزعج هذه الايام وهو امتصاص الدّم فاعلم يا أخي انه قد ثبت أن الناموس لا يلدغك إلا وانت متشنج ولذلك يطن قرب أذنك حتى تستيقظ من نومك متوترا وحينها يغرز خرطومه المسموم في جلدك ليقضي ما أراد وهكذا يتشفّى فيك الناموس تماما كما يفعل اليوم الأوفياء للنظام السابق فانت تكون مرتاح البال حتّى إذا شغّلت الراديو او التلفزة او تصفّحت الجريدة أو فعلت ما فعلت وجدتهم امامك كما كانوا بالأمس بل وجدتهم ثوّارا من الرّعيل الاول وهم كتّاب وشعراء وصحافيون ومطربون ومسرحيّون وغيرهم... وهم متحكّمون في كل المشاهد وكأنّ شيئا لم يحدث بل وفيهم من مناشدته للرئيس المخلوع مسجّلة بالصوت والصورة على شبكة الفايس بوك والانترنت وغيرهما ويعرفها جل الناس ومع ذلك يأبى الا ان يفعل باعصابك ودمك ما يفعله الناموس. وللناموس مبيدات ألفها حتى اصبحت لا تفعل فعلها فيه والاوفياء للنظام السابق هم أيضا ألفوا المبيدات وهي كراهية الشعب ولعناته لهم صباح مساء ولعل المبيد الوحيد للناموس هو الفتّاك فهل من «فتاك» لهؤلاء؟ أذكر هذا وانا استحضر قصة واقعية يمنعني الحياء من ذكر اسم بطلها وهو الذي يرويها بنفسه وملخّصها انه كان فقيرا وحدث ان ذهب يوم الاثنين 8 فيفري 1958 إلى السوق الاسبوعية في بلدة سابقية سيدي يوسف الحدودية مع الجزائر الشقيقة وكلّنا يعرف ما حدث في ذلك اليوم من قصف الطائرات الفرنسية للثوّار الجزائريين الفارين من بلدهم إلى بلدنا وما خلق كثير من الشعبيين التونسي والجزائري واختلطت دماء الاخوة وكان يوما حزينا الا على صاحبنا بطل القصّة فانه يروي عن نفسه انه كان يسلب الاموات أموالهم وهو يتنقل بين الجثث ليعود في المساء بالملايين في كيس كبير ويصبح من اغنى اغنياء البلد وهو كذلك الى اليوم وهو يمتص دم الاحياء كما امتصّ دم الاموات ف سوق ساقية سيدي يوسف وقصّته مشهورة والاوفياء للنظام السابق مثله تمام امتصوا دمنا بالأمس ونحن اموات ويمتصون دمنا اليوم ونحن احياء فهل يعلمون بان ابناءهم سينكرونهم ذات يوم وقد لوثوهم بالخزي والعار وقديما قيل: (دعاء الوالدين يحصل في الذرية).