غصّت قاعة الاجتماعات للمرحوم الزعيم النقابي الحبيب عاشور بالاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس بالنقابيات والنقابيين بمناسبة إحياء الذكرى الثالثة عشر لوفاته حيث ألقى أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمنوبة محاضرة تحت عنوان: « عاشور النضال والمبادئ» بيّن فيها أن حياة الحبيب عاشور كانت زاخرة بالنضال منذ دخل معترك الحياة وانضم إلى صفوف العمال و آل على نفسه أن يقف إلى جانبهم حتى فارق الحياة رغم سجنه عديد المرات ونفيه. توقف المحاضر عند أبرز المحطات التي عاشها الحبيب عاشور في مسيرته النقابية حيث التحق بالعمل البلدي بصفاقس وانخرط في CGT لينسلخ منها في مؤتمر 1944 ويؤسس في نفس الوقت اتحاد النقابات المستقلة بمعية الزعيم حشاد في أكتوبر 1944 مع الإشارة أنه لمّا تمّ تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل في 20 جانفي 1946 كان يضم 50 نقابة مستقلّة من بينها 29 نقابة مستقلة من الجنوب مقرّها صفاقس. وفي 5 أوت 1947 كان عاشور بطل المعركة التي خيضت ضد الاستعمار في صفاقس وأصيب بجروح نقل على إثرها للمستشفي ثم حوكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات. كما تم القبض عليه سنة 1952 وبعد خروجه من السجن نفي في طبرقة ثم في باجة ثم في المحرس. وقد كان لعاشور ضلع كبير في نجاح مؤتمر صفاقس المنعقد سنة 1955 الذي رشّح بورقيبة للسلطة، وقد تحمّل مسؤولية أمين عام مساعد سنة 1957 إلى سنة 1963 حتى أصبح أمينا عاما و دخل إلى البرلمان سنة 1964 حيث بدأت العلاقة تتوتّر بين عاشور وبورقيبة اذ رفض الزعيم عاشور التقليص من قيمة الدينار طالبا التعويضات لشغّالين و بذلك أصبح بورقيبة يتحين الفرصة لإبعاده حتّى جاءت حادثة الباخرة الرابطة بين صفاقس وقرقنة التي وقع بها حريق فحوكم عاشور محاكمة ملفّقة ولكنها باءت بالفشل لأن النقابيين ازدادوا التفافا حول منظمتهم وأمينها العام وعندها طلبت السلطة الحوار مع القيادة النقابية وعاد عاشور للأمانة العامّة. إلى أن جاء يوم 26جانفي 1978 زمن حكومة المزالي الذي أراد بالنار والحديد أن يضرب استقلالية المنظمة وأن يضعها تحت كلكله ثم أعيدت الكرة سنة 1985 ولكنّ المحاولتين لم تزيدا المنظمة سوى صلابة وقوّة داخل البلاد. في الجزء الثاني من المحاضرة توقف عند خصال المرحوم الحبيب عاشور مبينا بأن الزعيم كان يسير منهجه النضالي بقناعات تميزت بعدم الفصل بين القول والممارسة فعاشور كان يناضل من أجل المطالب المادية والمعنوية حيث كان يردد “ الكرامة قبل الخبز” . والرجل كذلك كان لا يخشى المواجهة بل يصمد جيدا عند المصادمة مؤكّدا أن على المسؤول أن يكون في مقدمة المناضلين وهذا ليس غريبا على رجل تعلق برياضة الملاكمة منذ صغره. أما الخاصية الأخرى في شخصيته فهي تعلقه البليغ بالقضايا المغاربية خاصة والعربية عامة وكانت مساندته للشعب الجزائري زمن تحرره الوطني مطلقة ولفلسطين أيضا. و يذكر أنّه طعن في نتائج المنظمة العالمية للشغل التي أسفرت عن عدم قبول عضوية فلسطين كملاحظ وذلك حين كشف عن اشتراء أصوات بعض الأفارقة من قبل مجموعة من اليهود وأعيدت الانتخابات من جديد وفازت فلطين بالعضوية.