كثر الحديث في المدّة الأخيرة عن المناظرات التي أجريت في فترة الحكومة الوقتية السابقة سواءً كانت مناظرات خارجية أو داخلية باعتبار أنّ نتائجها المعلنة كانت محلّ شبهة ذلك ما صرّح به بعض أعضاء الحكومة الحالية وعلى رأسهم السيد وزير الاصلاح الاداري ممّا استدعى منهم فتح تحقيق في هذا الشأن. وبما أنّني من المعترضين على نتيجة المناظرة الداخلية الأخيرة بالاختبارات للترقية الى رتبة متفقد للمصالح المالية ضمن عريضة نظام وجهتها إلى السيد وزير المالية بتاريخ 27 ديسمبر 2011 ومع الأسف الشديد لم أتلقّ إلى حدّ اليوم ردّا على ذلك، أردت أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع للتعبير عن استيائي من ممارسات الاقصاء التي مازالت بعد الثورة تنتهج في الأداة، حيث وقع استهدافي بصفة متعمّدة قصد منعي من الترقية في الرتبة، ذلك أنّني لما تلقيت الاستدعاء للحضور بالمدرسة الوطنية للمالية يوم 12 نوفمبر 2011 على الساعة العاشرة صباحا لإجراء الاختبار الشفاهي تبعًا للقبول الأول في الاختبار الكتابي، فوجئت بأنّ بقيّة الزملاء المترشحين بالجهة التي ننتمي إليها وعددهم ثمانية كانت استدعاءاتهم للحضور محدّدة على الساعة الثامنة صباحا وقد راج في مقر الامتحان أنّ سبب التفاوت في أوقات الحضور يعود إلى إجراء اتخذته الادارة لتمكين المترشحين من متساكني الجهات الداخلية من خوض الاختبار قبل غيرهم لتسهيل تنقلاتهم وعودتهم إلى مدنهم، وبالتالي وقع استثنائي في وقت الحضور دون كافة المترشحين من أبناء جهتي وهذا الاستثناء كان الهدف منه في نظري توجيههم إياي رسالة مفادها إقصائي مسبقا. وحتى لا أكون مخطئا في قراءاتي للسابقة المذكورة وجب على سرد وقائع يوم الاختيار الشفاهي، هذا الاختبار الذي عرفه القرار الصادر عن وزير المالية المؤرخ في 16 ديسمبر 2010 والمتعلّق بضبط كيفية تنظيم هذه المناظرة في فصله الثامن بعرض شفاهي حول موضوع يؤخذ من البرنامج المحلق به في إطار محادثة مع أعضاء لجنة المناظرة، ويتمّ اختيار الموضوع عن طريق السحب بالقرعة ثمّ تضبط مدّة التحضير بثلاثين دقيقة والعرض والمناقشة كلّ منهما بخمسة عشر دقيقة. في هذا اليوم لما انتصبت اللجنة المتكونة من رئيس وعضوين وأخذت مكاني أمامها لاحظت منذ الوهلة الأولى وأنا أقوم بالعرض أنّ هناك أمر ما يشغل بال هذه اللجنة كيف لا وهي غير مهتمّة بالمسألة المهنية التي أنا بصدد الخوض فيها ولما أحسست أنّني تجاوزت مدّة العرض أصبحت أنا من يلقي الأسئلة واللجنة تجيب وكنت أقرأ في وجوههم علامات الحيرة وكأنّهم مكلّفون بمهمة البحث عن حقيقة غائبة لا صلة لها بالاختبار المهني ككل، ذلك أنّ رئيس اللجنة لما اثار معي موضوعا يتّصل بالسياسة كان له منفذا ليلقي عليّ أسئلة تتعلّق بمسيرتي المهنية ولما أعربت له عن عزمي لمواصلة رفع الدعاوي في مادّة تجاوز السلطة باعتباري من ضحايا الممارسات التعسفية في العهد البائد، انتفض من مكانه فرحا مسرورا ملتفتا إلى أعضائه يمينا وشمالا وكأنّه يطلب منهما أن يقاسماه هذه اللحظات السعيدة بعد أن افتكّ منّي الحقيقة كما بدا لي. أمّا بالنسبة إليّ فكنت أرى أنّ العدد وقع إسناده لي مسبقا ولم يبق سوى التأكد من المبرّرات المستوجبة حسب ماهو مخطّط لي. علما أنّني لم أعرف في حياتي المهنية الخيبة في مثل هذه المناظرات ويبقى السؤال مطروحا هل من السهل أن يقع قبولي في هذه المناظرة وأنا أتعرّض لشتى أنواع المضايقات والعقوبات من قِبَلِ أحد كبار المسؤولين بالوزارة على خلفية النعرة الجهوية على مدى خمسة عشر سنة وقد ألّب ضدّي كلّ مسؤول في الوزارة حتى لا يقع النظر في عرائضي وتظلّماتي؟