من الهياكل المهنية التي ظلت على مدار العقود الماضية خارج اهتمام الاعلام، عمادة المهندسين المعماريين التي تضم اكثر من ثلاثة آلاف منخرط موزعين على 25 مندوبية جهوية، واعتبارا لما لحق البنية الاساسية من دمار وتخريب وحرق وهدم خلال مرحلة ما بعد الثورة، واعتبارا ايضا للرهانات المطروحة مستقبلا على المعمار التونسي خاصة وعلى المشاريع التنموية عامة، التقت «الشعب» بالمهندس منير الفالح أمين مال عمادة المهندسين المعماريين التي تأسست سنة 1974 وعقدت مؤتمرها الاخير في موفى السنة الماضية لتسأله عن اهم الملفات المطروحة حاليا على هذه العمادة التي تعمل خارج دائرة الاضواء: • ما هو أكبر ملف تنكب عمادة المهندسين المعماريين حاليا على معالجته؟ ان من أهم الملفات التي تنكب حاليا على معالجتها تتعلق بالاساس بمراجعة القوانين المنظمة للمهنة، ذلك ان القانون الاساسي الذي يعود الى ما قبل سنة 1974، لم يعد مستجيبا لاحتياجات المهندس المعماري ولما عرفته هذه المهنة من تطورات خلال العقود الاخيرة. وفي هذا السياق، بعثت العمادة خمس لجان لاعداد مشروع القانون الجديد سيتم عرضه على المجلس الاستشاري وعلى الرؤساء القدامى والمندوبيات الجهوية لابداء الرأي وتوسيع الاستشارة حوله. كما سيتم عرض هذا المشروع على انظار نواب المؤتمر القادم باعتباره أعلى سلطة من ناحية وحتى يحظى بالدعم الكبير من قبل أوسع عدد ممكن من المهندسين المعماريين من ناحية ثانية. • لكن يبدو أن كلا من القطاع بصورة عامة والعمادة بصورة خاصة قد مرّا بظروف صعبة وبتعقيدات كبرى وبمشاكل جمة؟ من سوء الحظ، أن هذه المهنة ظلت مهمشة لأسباب عديدة لعل أهمها: تدفق المتطفلين على المهنة وضعف المردودية والتسميات غير العادلة في البناءات المدنية ومحدودية تعريفتها، فضلا عن انتشار الرشوة. • ولماذا لم تدخل هياكل المهنة عبر الطرق القانونية والتأديبية لإصلاح الأمر ومعالجة مثل هذه المشاكل؟ لعل أبرز المهام التي وضعتها الهيئة الجديدة المنبثقة عن المؤتمر الاخير، هي اعادة الثقة بين المهندسين المعماريين وهياكلهم المهنية والعمل على تأسيس علاقة مؤسساتية تحمي القطاع مما يتهدده وتحرص على ضمان حقوق المهندس المعماري، ولعل المدخل الى تحقيق ذلك يرتبط اشد الارتباط بالجوانب التنظيمية والقانونية على غرار اعتماد البطاقة المهنية والختم المهني والصناعي وتفعيل دور مجلس التأديب وغرفته من اجل تطبيق القوانين واتخاذ الاجراءات من التوبيخ الى الشّطب. • بماذا تفسر عدم قدرة هياكل المهنة الى حدّ الآن على حماية القطاع والمهندسين من شبه الفوضى التي تسوده؟ لعمادة المهندسين المعماريين مكانة مميزة صلب الهياكل الدولية على غرار الاتحاد الدولي للمهندسين والاتحاد الافريقي للمهندسين واتحاد المغرب العربي للمهندسين وذلك بفضل عراقتها ونضاليتها ومصداقيتها غير ان جملة التحديات المتراكمة من فترة ما قبل الثورة وما بعدها، قد زادت في عزمنا على مواجهتها بكل رصانة وحكمة وصبر فضلا عن الدخلاء، هناك سيل جارف من الخرّيجين الجدد والذي يصل عددهم الى 250 متخرج كل سنة. فالاشكالية المطروحة هو كيف نجد الشروط الموضوعية والمقاييس العملية التي تكفل معادلة الشهادات العلمية للمتخرجين من المعاهد العليا الخاصة على غرار ما هو معمول به مع خريجي المؤسسات العلمية بالخارج وكيف نفعِّل دور اللجان المتخصصة في التكوين المستمر بما يعزز كفاءة الخريجين الجدد ويفتح أمامهم آفاقا مهنية واسعة. • لئن ساهمت الثورة في تراجع رخص البناء، فكيف يمكن للمتطفلين الحصول على مشاريع في البناءات المدنية؟ توجد زهاء 60 ألف رخصة بناء في العام، سيتأثر ب 50٪ منها المتطفلون على مرأى ومسمع من سلط الاشراف ويعود ذلك الى المشاكل المطروحة بين العمادة والادارة والى غياب التسعيرة وخاصة الى فساد المنظومة الادارية لكن النية متجهة حاليا الى ان يكون عقد العمل (المشروع) موقعا من قبل العمادة التي ستعمل على مراجعة التسعيرة وعلى ان تمرّ كل العروض العمومية عبر المناقصة. • في مرحلة ما بعد الثورة انتشر البناء الفوضوي والانتصاب غير القانوني، فكيف ستتعاملون مع هذه الاشكالية؟ بالفعل، مازلنا نلاحظ انتشار البناء الفوضوي خاصة على مستوى البناءات الخاصة وعلى مستوى ايضا بعض المصانع والمؤسسات الصغرى، لكن ما يجعل الأمل قائما امام المهندسين المعماريين ان تونس ستكون خلال المرحلة القادم حظيرة بناء مفتوحة، حيث اصبح الاستثمار من اكبر الرهانات الاقتصادية والتنموية التي تحتاجها بلادنا لامتصاص أزمة البطالة وتجاوز التراجع المذهل في نسب النمو. وأؤكد لكم انه اذا ما دارت عجلة البناء والتشييد، فان ذلك سيكون خير المؤشرات على مستقبل تنموي واعد لتونس ولشعبها.