مازلت أتذكّر ان جزء كبير من المعارضة في عهد بورقيبة ومن بعده الأمي زين العابدين، كانت كارتونية، مزيفة، شأنها شأن البعض ممن سمّوا أنفسهم «النخبة» وهم أفرغ من فؤاد أم موسى، فهؤلاء مجتمعون كانوا يغالطون الشعب،،، كانوا من الإمّعة، أي دائما يقولون، نعم..!! في حين كان الاتحاد يصارع ويدافع عن العمال بجميع طبقاتهم، بكل ما أوتي من قوة الحجة والاقناع.. غايته ارساء العدالة الاجتماعية والعيش الكريم وبناء الدولة.. ان من يدفع الظلم عن الناس ويدافع عن حقوقهم ويضحي من أجل الآخرين هو أسمى وأفضل من السعيد الذي لا تهمّه الا سعادته حتى ولو كانت على حساب الآخرين. الاتحاد العام التونسي للشغل، هذا الهرم العظيم الصامد في وجه الطغيان والمدافع عن كرامة الانسان العامل بامكانه الخروج من اطاره الضيق والاشعاع خارج الحدود ليدافع عن كل العمال العرب لان هؤلاء الذين تولوا الحكم لا معرفة لهم بالسياسة والحقوق والحاكمية لذلك أرادوا تجزئة الاتحاد، قلعة الامجاد وتقسيمه واضعافه وبالتالي تضيع الثورة والحقوق المعترف بها دوليا وتحل محلها «الحقوق» السماوية المرفوضة دوليا. ان الرجوع الى الوراء هو رفض للحاضر بما فيه من حرية وعلم وتقدم وازدهار، ان حزب النهضة هو حزب سلفي لا يهمّه التقدم او الثقافة الانسانية بفروعها هذا الحزب السلفي النهضوي لم يصل «أقطابه» بعد إلى ما توصل إليه فلاسفة عصر النهضة الاوروبي مثل كرْدانو دي فنيشي نكولا دي كور... من فكر وتجارب ونحن اليوم في القرن الواحد والعشرين والسلفيون النهضويون لا يمتون الى الفكر الانساني بصلة وكأنهم ليسوا من جنس الانسان، الصانع، الرامز الكائن الثقافي فانظروا ما فعلوه في سيدي بوزيد وجندوبة وما يفعلونه بالاساتذة الجامعيين والمثقفين عموما والسيد رئيس الدولة في نوم عميق، ورغم كل هذا فهاهم اليوم يريدون مكافأة المسجونين منهم واهدار حقوق الشهداء والجرحى متناسين ان الذين سجنوا من السلفيين لم يكونوا يدافعون عن الانسانية او عن حقوق الشعب او عن التقدم بل يدافعون عن اهدافهم وغاياتهم الدينية اما غايتهم اليوم فهي التهميش والتجهيل وبث الفوضى والرعب، وما اقدموا عليه لخير دليل على ما أقول، هو يتمثل في التخطيط لخوصصة بعض المؤسسات كالاذاعة أو بيعها، وتركيز نقابات خارجة عن اطار الاتحاد لاضعافه وتدميره لكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه، تجري الرّياح بما لا تشتهي السّفن!