يجي السبت وتفوح رائحته مثل شعبي تونسي بدأت الحكاية في أواخر الثمانينات في تلك الفترة لم يكن يربط الدشرة بمركز الولاية وبالعاصمة وسيلة نقل عمومي وحتى يظهر الحزب الحاكم انه هناك تغييرا حدث في البلاد قامت أجهزة الحزب بحملة دعائية من اجل اعلام السكان بأن الحزب والدولة سيوفران حافلة عمومية تربط الدشرة بالولاية والعاصمة ولذا وقع تكليف احد السواق العاملين بالشركة الوطنية للنقل وأصيل الدشرة على ان يقوم برحلة يومية ذهابا وايابا في اتجاه العاصمة على ان يستقر بالدشرة ويكون مسؤولا عن الحافلة الذي سيتولى قيادتها في الصباح من الدشرة الى العاصمة ثم يعود مساء من العاصمة الى الدشرة ويبقيها في الليل عنده. وحل اليوم الموعود وحلت الحافلة يقودها السبتي السائق المعين من الشركة وحضر مسؤولون عن الحزب وعن ادارة الشركة والعمدة والمعتمد وحضرت الصحافة والاذاعة والتلفزة وفرقة فلكلورية أطرب الحاضرين وتناقلت زغاريد النسوة وصفق الجميع للدولة والحزب والحكومة اي ثلاثة في واحد ومنذ ذلك اليوم اصبح الاهالي يتحدثون عن اي حافلة السبتي. وكانت كل ما مرت الحافلة لاحظ السبتي أطفالا صغارا يقطعون الاميال في اتجاه المدرسة الوحيدة والبعيدة عن الدوار فأصبح يحمل بعضهم في طريقه وخاصة الصغار وضعاف البنية الجسدية فكان يحملهم صباحا ويعود بهم مساء مع الركاب مجانا واصبح السبتي محل تقدير واحترام من قِبل ابناء دشرته ومحبوبا من قبل الاطفال الذين يصرخون كلما رأوا الحافلة تونزيان عم السبتي توتزيان عم السبتي. مرت أشهر على هذه الحالة الى ان حدث ما لم يكن في الحسبان اذ تم اعلام السبتي من قِبل ادارة الشركة بأنه مطرود من العمل لاستعماله الحافلة للمصلحة الشخصية واستندت الادارة الى تقرير من رئيس الشعبة وصور تظهر الاطفال وهم يصعدون وينزلون من الحافلة واصبح السبتي عاطلا بينما عيّن سائق آخر من دشرة قريبة لدشرة السبتي وقاطع الاهالي الحافلة رغم محاولات الادارة والعمدة ورئيس الشعبة الذي اكد انه لا يكره السبتي ولكنه يفكر في مصلحة الوطن وانه لا يستحي من ان يكون عينا من عيون الحزب والحكومة في الدشرة ومن يعارضه فهو خائن لا يستحق الرحمة فالحزب والحكومة فوق الجميع. مرت سنوات والسبتي عاطل عن العمل وتشردت عائلته لذا فحين سمع ابناء الدشرة ان حكومة ما بعد الثورة ستعوض لضحايا الفساد والظلم والاستبداد سارعوا جميعا الى السبتي يطلبون منه ان لا يفوّت الفرصة وان يأخذ حقه في التعويض خاصة ان الظلم الذي سلط عليه واضح وانهم جميعا مستعدون لمؤازرته واكدوا عليه ان يتحول الى الولاية والعاصمة ويقدم ملفه الى السلط المختصة. وفعلا غادر السبتي الدشرة في اتجاه الولاية والعاصمة وكله امل في الحصول على التعويض ولكن عمك عبد ا& بن سعيد قال: «سيعود السبتي كما عاد أبيك ساسي».