ببادرة من مؤسسة أحمد التليلي للثقافة الديمقراطية والنقابية وبدعم من المعهد السويدي بالإسكندرية، التأمت على مدى يومي 19 و20 جوان الجاري ندوة دولية بأحد نزل العاصمة ناقشت دور الاتحادات النقابية والحركات العمالية في بناء الديمقراطية في الوطن العربي، كما طرحت موضوع الخطاب الديني الجديد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتأثيره في المسار الثوري في بلدان مثل تونس ومصر والمغرب ولبنان. هذه الندوة الدولية شهدت حضور عدد مهم من الشخصيات النقابية الوطنية على غرار الإخوة رضا التليلي رئيس مؤسسة أحمد التليلي للثقافة الديمقراطية والنقابية والجامعي والنقابي الأخ سامي العوادي والخبير والمدير الإقليمي للبلدان العربية بالاتحاد الدولي للنقابات الاخ مصطفي التليلي والأخ عبد المجيد الصحراوي عضو الاتحاد المغاربي للعمال والنقابيين بالاتحاد العام التونسي للشغل والأخوين مصطفى بن أحمد ومحمد الهادي الاخزوري أما الشخصيات الدولية التي ساهمت في إثراء نقاشات هذه الندوة فكانت على رأسهم السفيرة السويدية ومديرة المعهد السويدي بالإسكندرية السيدة «بريجيتا هولست العاني» إلى جانب ممثلين عن المنظمة الدولية للشغل والمركز الإقليمي لبرامج الحكم الديمقراطي وحقوق الإنسان والتعاون الدولي بالقاهرة والمرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين ومركز دراسات التنمية بالإسكندرية. المداخلات التي قدمها الخبراء والباحثون أكدت أن الوضع النقابي بالوطن العربي غير متجانس باعتبار تغير الواقع الاجتماعي من بلد إلى آخر كما أن الأنظمة الاستبدادية جعلت من العمل النقابي متأخرا في بعض البلدان ومهمشا، غير أن الربيع العربي الذي اسقط بعضا من هذه الأنظمة مثل فرصة مهمة وتاريخية للحركات العمالية والنقابية لإعادة بناء مسارها النضالي والمساهمة في البناء الديمقراطي المنشودة من خلال تجديد آليات دفاعها عن العدالة الاجتماعية ومساهمة في الإصلاحات الدستورية باعتبار أن الحركات النقابية هي شريك للسلطة لا خصما لها، كما أن هذا المسار الجديد يفرض على بعض النقابات خاصة في لبنان أن تتخلى عن «نضالها الطائفي والعرقي» لتشمل كل الشغالين والعمال كما يمنح الربيع العربي فرصة العمل التشاركي والتنسيق بين الحركات والهياكل النقابية في مختلف الأقطار العربية من أجل توحيد رؤيتهم وأهدافهم لحماية الحق النقابي وتأمين حقوق العمال والطبقة الشغيلة العربية باعتبار أن الحركة النقابية هي في طليعة الحركة الديمقراطية. كما تم التطرق إلى المد الديني الذي يجتاح بعض البلدان العربية ويسعى للاستحواذ على الحركات العمالية من خلال خطاب الاستمالة الذي يقدمه، وقد أكد جميع الخبراء والباحثين على التحذير من «أسلمة» النقابات لئلا يحدث مثلما حدث في السودان التي وصلت فيها الحركة إلى حد حمل السلاح. وقد خلصت الندوة إلى جملة من التوصيات لعل أهمها ضمان الاستقلالية النقابية في مرحلة الانتقال الديمقراطي ودورها في بعث مشاريع مجتمعية بديلة لبناء أنظمة ديمقراطية اجتماعية والتركيز على تبادل الخبرات والمهارات وربط النضال الاجتماعي بالنضال الوطني والتأكيد على مختلف الاتفاقات والعهود الدولية في إطار الاستحقاقات الدستورية في مختلف البلدان العربية، وكذلك تدريب العمال على الديمقراطية داخل المنظمات النقابية والارتقاء بالمطالب الفئوية الضيقة لبعض النقابات إلى مطالب شاملة ومدروسة والتأكيد على تمثيلية المرأة والشباب في المراكز المتقدمة بالاتحادات والهياكل النقابية. يُذكر أن هذه الندوة تأتي تحضيرا لندوة دولية ستقام بمدينة الإسكندرية بمصر في شهر نوفمبر المقبل.