بعد أزمة الكلاسيكو.. هل سيتم جلب "عين الصقر" إلى الدوري الاسباني؟    آخر ملوك مصر يعود لقصره في الإسكندرية!    قرار جديد من القضاء بشأن بيكيه حول صفقة سعودية لاستضافة السوبر الإسباني    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    قيس سعيد يستقبل رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    ل 4 أشهر إضافية:تمديد الإيقاف التحفظي في حقّ وديع الجريء    جهّزوا مفاجآت للاحتلال: الفلسطينيون باقون في رفح    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    ماذا في لقاء رئيس الجمهورية بوزيرة الاقتصاد والتخطيط؟    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي متفائل و10 لاعبين يتهدّدهم الابعاد    القبض على شخص يعمد الى نزع أدباشه والتجاهر بالفحش أمام أحد المبيتات الجامعية..    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    تعزيز الشراكة مع النرويج    بداية من الغد: الخطوط التونسية تغير برنامج 16 رحلة من وإلى فرنسا    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    المرسى: القبض على مروج مخدرات بمحيط إحدى المدارس الإعدادية    منوبة: الاحتفاظ بأحد الأطراف الرئيسية الضالعة في أحداث الشغب بالمنيهلة والتضامن    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    هذه كلفة إنجاز الربط الكهربائي مع إيطاليا    الليلة: طقس بارد مع تواصل الرياح القوية    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    QNB تونس يحسّن مؤشرات آداءه خلال سنة 2023    اكتشاف آثار لأنفلونزا الطيور في حليب كامل الدسم بأمريكا    تسليم عقود تمويل المشاريع لفائدة 17 من الباعثين الشبان بالقيروان والمهدية    رئيس الحكومة يدعو الى متابعة نتائج مشاركة تونس في اجتماعات الربيع لسنة 2024    هذه الولاية الأمريكيّة تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة!    الاغتصاب وتحويل وجهة فتاة من بين القضايا.. إيقاف شخص صادرة ضده أحكام بالسجن تفوق 21 سنة    فيديو صعود مواطنين للمترو عبر بلّور الباب المكسور: شركة نقل تونس توضّح    تراوحت بين 31 و26 ميلمتر : كميات هامة من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    مركز النهوض بالصادرات ينظم بعثة أعمال إلى روسيا يومي 13 و14 جوان 2024    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    سيدي حسين: الاطاحة بمنحرف افتك دراجة نارية تحت التهديد    بنزرت: تفكيك شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    ممثل تركي ينتقم : يشتري مدرسته و يهدمها لأنه تعرض للضرب داخل فصولها    باجة: وفاة كهل في حادث مرور    نابل: الكشف عن المتورطين في سرقة مؤسسة سياحية    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين في البحر الأحمر..    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته امام لاتسيو    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    فاطمة المسدي: 'إزالة مخيّمات المهاجرين الأفارقة ليست حلًّا للمشكل الحقيقي'    تحذير صارم من واشنطن إلى 'تيك توك': طلاق مع بكين أو الحظر!    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسة النقدية ناجعة ولابد من استقلالية البنك المركزي
الشعب تحتضن مائدة مستديرة حول السياسة النقدية واستقلالية البنك المركزي
نشر في الشعب يوم 07 - 07 - 2012

نشط الاستاذ الجامعي سامي العوادي مائدة مستديرة حول «السياسة النقدية واستقلالية البنك المركزي» احتضنتها جريدة «الشعب» يوم الاثنين 02 جويلية 2012.
وأشرف على هذه المائدة الاخ سامي الطاهري الامين العام المساعد المسؤول عن الاعلام والنشر وشارك فيها ثلة من الاساتذة الجامعيين والخبراء في الاقتصاد النقدي وهم منجي المقدّم وزهير بوشداخ ومعز العبيدي المستشار بالبنك المركزي.
واعتبر الأخ سامي الطاهري ان المائدة تتنزل في إطار إرساء عادة اللقاءات مع الخبراء والاستماع الى آرائهم في مختلف القضايا الاقتصادية المطروحة بما يساهم في اثراء محتوى الجريدة بمحتوى راق يتضمن تحليلا وتفكيكا للمسائل المطروحة كما ستكون فرصة للجريدة في طرح آراء مختلفة من مدارس اقتصادية متنوعة وهو ما يمثل مرجعا مهما.
ورأى أن موضوع المائدة المستديرة السياسية النقدية واستقلالية البنك المركزي يتماشى مع المستجدات ويجيب عن تساؤلات مهمّة مطروحة على الصعيد الاقتصادي.
واشار الاخ الامين العام المساعد إلى امكانية اصدار محتوى الموائد المستديرة في مجلة خاصة تسهم في المشهد الاعلامي الاقتصادي.
تعريف مختلف أصناف السياسة النقدية
دعا الأخ سامي العوادي المشاركين إلى تعريف السياسة النقدية وطرح عدة اسئلة حول مختلف الاصناف. وذكّر الاستاذ معز العبيدي ان السياسة النقدية هي سياسة من جملة السياسات الاقتصادية وبين ان الهدف الرئيسي التقليدي من السياسة النقدية هو استقرار الاسعار ثم ومع كثرة الازمات المالية العالمية تغيرت الامور واصبح الهدف هوالاستقرار المالي غير ان هذا لا ينفي ان بعض البنوك المركزية في العالم وخاصة في الولايات المتحدة الامريكية تأخذ بعين الإعتبار اهداف اخرى كالتشغيل.
وعن ادوت السياسة النقدية ذكر الاستاذ العبيدي انها متعددة غير ان الثلاث ادوات الاكثر استعمالا هي نسبة الفائدة والاحتياطي الاجباري وضخ او امتصاص السيولة.
وبين ان التركيز على استقرار الاسعار كهدف للسياسة النقدية مرده البحث عن الحفاظ على المقدرة الشرائية وعلى إستقرار سعر الصرف وعلى الحركية الاقتصادية ولتوضيح الرؤية للمستثمرين خاصة ان المستثمر الاجنبي لا يتجه نحو البلدان التي تعاني من تضخم مالي، وأشار الى ان الربط بين الإستقرار المالي واستقرار الاسعار ليس دائما صحيحا على اعتبار ان هناك ازمات مالية إندلعت رغم استقرار الاسعار وبين الاستاذ العبيدي ان الوضع في الازمات يتبدل ويصبح كل شيء غير ثابت فيمكن للبنوك المركزية أن تتدخل بكل ثقلها لانقاذ الإقتصاد ومن ذلك أنّ نسبة الفائدة الحقيقية تصبح سلبية أي أنّ سعر الفائدة اقل من نسبة التضخم.
وأتفق الاستاذ زهير بوشداخ مع الاستاذ العبيدي في ادوات السياسة النقدية ولكنه رأى ان الهدف من السياسة النقدية محل نقاش بين المدارس والتيارات الفكرية الاقتصادية حيث يرى الكاينزيانيون (نسبة إلى كاينز) أن السياسة النقدية ناجعة على المستوى القصير وانها قد تحل المشاكل الاقتصادية في حين ترى تيارات فكرية اخرى ان السياسة النقدية غير مجدية حتى على المستوى القصير وانه من الاجدر ان تعمل على هدف وحيد وهو الاستقرار المالي.
واعتبر الاستاذ منجي المقدّم ان السياسة النقدية هي احدى السياسات الاقتصادية وهي سياسة تعتمد على النقود كأدوات.
ولاحظ ان النقد في الاقتصاد كالدم في جسم الانسان اذ قل او كثر تسبب في الامراض لذلك فإن مهمة البنك المركزي اساسا هي جعل كمية النقود متماشية مع حاجيات الاقتصاد.
وذكر ان أهم آليات السياسة النقدية هي النقد ففي حالة الانكماش الاقتصادي تكون السياسة توسعية (expansive) عبر ضخ النقود وتوفير السيولة وتشجيع البنوك على اعطاء القروض وفي الحالة العكسية يعتمد البنك المركزي على سياسة تقييدية (restrictive)، واعتبر الاستاذ المقدّم ان هدف الواقع قد يفند النظرية لذلك أصبحت البنوك تعتمد السياسات النقدية غير التقليدية التي نجحت في تجاوز الصعوبات وهي السياسة المتبعة من قبل البنك المركزي التونسي.
تحليل طبيعة ونجاعة السياسة النقدية في تونس
تدخل الاخ سامي العوادي ليبرز ان السياسة النقدية في تونس شهدت مراحل وانقسم النقاش منهجيا حول السياسة ما قبل الثورة والسياسة النقدية ما بعد الثورة والهادفة الى مواجهة تحديات النمو الاقتصادي ورأى ان هناك عدة أسئلة تستوجب التوضيح خاصة مسألة تمويل الاقتصاد من قبل السوق المالية واسباب ضعف هذه الاخيرة ومدى تأثير تقليص تدخل البنك المركزي في جعل سعر الفائدة خاضعا لقانون السوق وتهديدات العولمة المالية للاستقرار المالي التونسي في حال فتح السوق المالية التونسية ومدى نجاعة السياسة النقدية المتبعة بعد 14 جانفي، وبيّن الأخ سامي العوادي ان الجهاز البنكي كان عاملا مهمّا في دفع تكوين وتطوير النسيج الصناعي وذلك عبر تسهيل القروض، واشار إلى أن ضعف تكون رأس المال كان عائقا امام تطور الصناعة غير أن تدخل الجهاز البنكي سهّل القروض والتمويل فساعد على دفع الاقتصاد.
ووضح الاستاذ زهير بوشداخ ان القانون الاساسي للبنك المركزي التونسي يحدد مهمته في المحافظة على السعر الحقيقي للعملة والمحافظة على تنافسية العملة التونسية بالنسبة للبلدان المنافسة والمشاركة اي ان المهمة هي المحافظة على استقرار الاسعار وسعر الصرف وعن دور السوق المالية وضح الاستاذ بوشداخ ان هناك ثلاثة حلول لتمويل الاقتصاد وهي البنوك والسوق المالية والتداين الخارجي وان البنك لعب الدور الابرز في هذا المجال مقابل ضعف السوق المالية وبين ان هذه السوق تعمل في الاغلب بفضل البنوك التي اختارت ان تنشط للربح وتقوية مواردها غير ان هذه العملية جعلت دور البنك يتراجع ويحيد عن مهامه الرئيسية والمتمثلة في تمويل الاقتصاد ذلك ان دور البنك في الاصل هو اخذ المخاطر وتمويل المشاريع وذكر ان سوء اداء النظام البنكي يرجع الى سوء أداء التصرف وغياب الحوْكمة الرشيدة وليس الى قضايا اقتصادية فأغلب المؤسسات الاقتصادية التونسية هي مؤسسات صغرى ومتوسطة ولا تتطلب تمويلا كبيرا الا غياب الحوْكمة الرشيدة أثر في التمويل وفي حجم الاستثمارات وفي الحركية الاقتصادية وذكر ان تنامي حجم الديون المتعثرة اثر سلبا على التمويل وعلى تماسك النظام البنكي وصلابته بعد ان تجاوزت النسبة 26٪ في حين ان المعدلحسب المعايير الدولية 2٪ وعن تحرر السوق ذكر الاستاذ زهير بوشداخ انه تحرر جزئي وان هناك رقابة على رؤوس الاموال خاصة عند مغادرة تونس مبينا ان تدخل البنك المركزي في السوق ليست خاصية تونسية وان تحديد سعر الفائدة في العالم يُعد من مشمولات البنك المركزي.
وردا على على تساؤل الاخ سامي الطاهري حول نجاعة السياسة النقدية قبل الثورة ذكر الاستاذ منجي المقدم ان المسألة نسبية فاذا ما اخذنا الاستقرار كهدف يمكن القول ان البنك نجح ولكن السياسة النقدية لها اهداف متنوعة منها المباشرة وغير المباشرة ويبدو ان هناك فشلا في اصلاح النظام المالي وخللا في الاقتراض لذلك ظهرت عيوب النظام المالي والنقدي بعد 14 جانفي.
اما في علاقة بتحليل طبيعة ونجاعة السياسة النقدية فقد رأى الاستاذ المقدّم ان تاريخ النظام البنكي في تونس ينقسم الى مرحلتين الاول منذ 1956 الى حدود 1986 وقد لعبت البنوك خلال هذه الفترة دورا مهما في تنمية الاقتصاد والصناعة وذلك بفضل تدخل البنك المركزي الذي كان يؤمن تمويل البنوك واعادة التمويل بصفة الية الا ان تطبيق برنامج الاصلاح الهيكلي أدى الى انسحاب الدولة من السوق عموما والى انسحاب البنك المركزي من مهمة اعادة التمويل فاصبحت البنوك تتعامل بمنطق الربح كقاعدة وحيدة وهو ما اثر على تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي اصبحت عاجزة عن تلبية شروط البنوك وتراجع نتيجة لذلك اداء النسيج الصناعي فالبنوك اصبحت تلعب دور الوسيط فقط اي تجميع المال ومنحه في شكل قروض والاصل ان لا تلعب هذا الدور وعن عدم تشكل سوق مالية قوية ذكر الاستاذ ان ذلك نتيجة الظروف والواقع الاقتصادي والفكري والثقافي.
وعن تحرير سوق النقد ذكر الاستاذ المقدم ان الليبرالية في تونس نسبية وان سعر الفائدة يحددها البنك المركزي لانه صاحب النصيب الاكبر (90٪) من العرض في سوق النقد وهو ما يمكنه من لعب دور محدد واعتبر الاستاذ منجي المقدم ان السوق المالية التونسية ضعيفة ولا تمثل اي وزن على المستوي العالمي لذلك لا تمثل مطمعا لاصحاب رؤوس الاموال لذلك لن تكون للعولمة المالية تأثيرات تذكر غيران المقدم حذر من تحريرالدينار بالكامل واعتبر ان الدعوات الى ذلك عبث قد يؤدي الى تعرية الاقتصاد وافقاده كل مناعة.
وعن السياسة النقدية بعد 14 جانفي وضح الاستاذ منجي المقدم انها كانت سياسة نقدية توسعية مرتبطة بالظرف الاقتصادي وان تدخل البنك المركزي كان ناجحا وهو ما يعكس فهم محافظ البنك المركزي واتخاذه للقرارات الصائبة التي انقذت البنوك وساهمت في التماسك الاقتصادي غير انها في المقابل ادت الى التضخم المالي.
واشار الاستاذ معز العبيدي ان السياسة النقدية كانت تحدد خارج القطاع البنكي وتخضع لتدخل قصرقرطاج حتى على نسبة الفائدة.
وفي تقييمه للسياسة النقدية ذكرالاستاذ العبيدي ان البنك ساهم في خلق الصناعة في تونس بعد الاستعمار حيث لم يكن هناك رأس مال وطني لتمويل المؤسسات فتكفل النظام البنكي بذلك ولكنه وفي السنوات الاخيرة تحول الىخانق للصناعة خاصة في ظلّ هشاشة السوق المالية وضعف موارد التمويل فخنق رجال الاعمال وكبل الحركة الاقتصادية ووضحّ الاستاذ العبيدي ان القطاع البنكي التونسي يعاني من عدة عيوب وهي اولا غياب الحوْكمة الرشيدة، وثانيا سوء التصرف في الاصول الذي نتج عنه ارتفاع نسبة الديون فأصبحت تمنح القروض بضمانات وترفض المخاطرة، وثالثا الابتعاد عن معايير الرقابة والحذر الدولية (Bale2 Bale1)، ورابعا تفتّت النظام البنكي إلى بنوك صغيرة الحجم لا تملك سياسة تقييم مخاطر ناجعة نتيجة ضعف الاستثمار في النظم المعلوماتية وفي الموارد البشرية. وعن السوق المالية ذكر الاستاذ العبيدي انها تقع تحت هيمنة البنوك وانها ضعيفة وربما تكون البنوك ذات مصلحة في ابقائها ضعيفة حتى لا تخلق لهم مصدر تمويل ينافسهم، واشار في هذا الاطار الى ان هناك مانعا ثقافيا يحول دون تطور السوق المالية فأغلب المؤسسات الصغرى والمتوسطة هي ملك لعائلة لا تريد طرح أسهمها للبيع فيدخل غرباء لمشاركتها، كما يفسّر العامل الجبائي رفض بعض الشركات الدخول إلى السوق المالية لكي يتسنى لها عدم الكشف عن كل ارباحها فغياب ثقافة الحوْكمة الرشيدة كانت وراء تهميش السوق الماليّة. وعن تأثيرات العولمة المالية على السوق التونسية اذا ما فتحت ذكر الاستاذ العبيدي ان البلدان التي تأثرت بالازمة المالية العالمية الاخيرة هي البلدان التي لها اسواق مالية متطورة، ونظم رقابة هشّة.
وعن تحرير سوق النقد ذكر الاستاذ معز العبيدي ان الدولة تدخل دائما في الاوقات الصعبة وان الاقتصاد يتطلب الواقعية، وحتى السياسات فعلى سبيل المثال رفضت البرازيل مؤخرا دخول حجم كبير من العملة الأجنبية «الدولار» الى سوق النقد وذلك تحسبا للنتائج السلبية التي قد تلحقها خاصة في حال خروج هذه التدفقات المالية دفعة واحدة.
وعقب هنا الاستاذ زهير بوشداخ ان الاستثمارات في شكل محفظة أوراق (investissement porte feuilles) هي الخطر اما الاستثمارات الدائمة فهي في جل الاوضاع تنفع الاقتصاد.
وفي تقييم السياسة النقدية بعد 14 جانفي ذكر الاستاذ معز العبيدي ان الفترة اللاحقة للثورة شهدت سحب 650 مليون دينار من مدخرات البنوك ولكن البنك المركزي تدخل لانقاذ البنوك وقد نجح في مسايرة الظرف الاقتصادي التونسي عن طريق الحفاظ على النظام البنكي من الانهيار والمساهمة في تخفيف الديون على رجال الاعمال وهو ما سمح بمواصلة الحركة والنشاط الاقتصادي.
استقلالية البنك المركزي
ذكر الاستاذ منجي المقدم ان مسألة استقلالية البنك المركزي قد طرحت تاريخيا بعد انشاء البنك المركزي الاوروبي وطرحت مسألة علاقته بالبنوك المركزية الاوروبية. ,والبنك المركزي مؤسسة ليست ككل المؤسسات ويجب التعامل معها وفق خصوصيتها.
والاستقلالية تعني ان البنك المركزي مستقل في اختيار الاهداف الوسطية (objectifs intermediaires) والوسائل، كما الاستقلالية تكون عضوية لأن اهداف الحكومة واهداف البنك المركزي قد تتعارض والفرق بينهما ان الحكومة تعمل تحت ضغوطات في حين ان البنك المركزي يعمل خارج الضغوطات والاهداف الانية.
وبيّن الاستاذ منجي المقدم ان الاستقلالية تفترض محافظ بنك مركزي ذا شخصية قوية يفرض نفسه ويفرض الاحترام. ووضح الاستاذ المقدم ان الاستقلالية شرط للمصداقية والمصداقية شرط نجاح السياسة.
واعتبر الاستاذ معز العبيدي ان الاستقلالية لا تعني غياب التنسيق فالهدف العام هو التنمية الاقتصادية وعلى البنك المركزي تمهيد الطريق وتسهيل نجاح السياسة الاقتصادية واعتبر ان الاستقلالية مرتبطة بالحوكمة الرشيدة والديمقراطية واستقلال القضاء واستقلال منظومة الاحصاء واعتبر ان غياب الاستقلالية تمثل خطرا وذلك عبر استغلال البنك المركزي لتصريف ظرفيّ للمشاكل الآنية مقابل خلق مشاكل مستقبلية أعمق، وعن حدود الاستقلالية ذكر الاستاذ العبيدي ان الاستقلالية تامة وتقابلها مساءلة امام المجلس النيابي من خلال التقرير المقدم شرط ان لا تسقط المساءلة في طرح المسائل الشخصية.
ووضح الاستاذ زهير بوشداخ ان الاستقلالية مرتبطة بنظرية المصداقية فاذا ما كذب البنك المركزي لن يتبعه الفاعلون الاقتصاديون في السياسة التي يرسمها لذلك يجب ان يكون صادقا ويقول ما يفعل ويفعل ما يقول، وفي المقابل نجد ان الحكومات تكذب دائما فاذا لم ينفصل البنك المركزي ويكون مستقلا بذاته فان مصداقيته ستكون عرضة للهزات لذلك لابد من استقلالية البنك المركزي وذلك في تحديد الاهداف الوسيطة والأدوات وأشار الاستاذ بوشداخ الا ان الاستقلالية مطلب مهم مرتبط بالحوكمة الرشيدة وبالديمقراطية وعن حدود الاستقلالية رأى ان الحدود هي المساءلة امام المجالس.
أي مسؤولية للسياسة النقدية في انخفاض الترقيم السيادي لتونس؟
بيّن الاستاذ معز العبيدي ان الاسواق المالية تتضمن عمليات بيع وشراء سندات غير ان الشاري أي المستثمر غير قادر على تقييم آفاق السند لذلك جاءت فكرة مؤسسات خاصة لتقوم بالتقييم لفائدة المستثمر كما تقيم هذه المؤسسات الدول وقد اصبح مؤخرا من شروط الاقتراض من الاسواق العالمية ان تكون الدولة مصنفة من قبل مؤسستين على الاقل.
والتصنيف هو عبارة عن درجات مرتبطة بالمخاطر ونسبة الفائدة وكلما ارتفعت نسبة المخاطر ونسبة الفائدة انخفض الترقيم السيادي والمخاطر هي كل العوامل الاقتصادية والسياسية والثقافية المؤثرة في السوق.
واعتبر الاستاذ معز العبيدي ان لا دخل للسياسة النقدية التونسية في تخفيض الترقيم السيادي لتونس لان التخفيض جاء نتيجة تأثير المناخ الاجتماعي والسياسي على اداء الاقتصاد وهو المؤثر والمحدد ولذلك فان مصر أقل منا درجة في الترقيم رغم ان نظامها البنكي متطور مقارنة بنظامنا فمحاولة الصاق التخفيض بالسياسة النقدية هي في الحقيقة بحث عن كبش فداء واعتبر الاستاذ زهير بوشداخ انه لا يمكن تنزيه السياسة النقدية فالقطاع البنكي التونسي لم يشهد اصلاحات كالديون المتعثرة ولم يساهم في محاسبة رجال الاعمال، ورأى ان لا يجب المبالغة في اعطاء اهمية للتقييم لأن الترقيم ظرفي ويمكن ان تتغيّر الاوضاع في كل لحظة، كما ان وكالات الترقيم لم تنجح في التنبؤ بالازمة المالية العالمية الاخيرة وهو ما يمس من مصداقيتها.
ورأى ان السياسة النقدية ساهمت فعلا في الحد من الانعكاسات السلبية للظرف الاقتصادي.
أسباب إقالة محافظ البنك المركزي
وضح الأخ سامي العوادي ان الجميع متفق حول نجاعة السياسة النقدية وعدم مسؤوليتها في تراجع الترقيم السيادي لتونس وأمام ما يروج من ان المحافظ طلب لقاءً مع رئيس الحكومة المؤقت فتجاهله وتساءل عن سبب الاقالة خاصة مع ما يروج من انها معدة منذ اشهر.
وذكر الاستاذ منجي المقدم ان ما يعاب على المحافظ من خلال الصحف وفقا لرأي خصومه هو انخفاض الترقيم السيادي لتونس وارتفاع نسبة التضخم ومعارضة بعض قرارات الحكومة وعدم فتح ملفات الفساد وعدم التحقيق في البنوك التي أقرضت العائلة الحاكمة وعدم تقديم تقرير مفصل واعتبر انها مأخذ لا يمكن اعتمادها لاقالة محافظ البنك المركزي في ظروف صعبة واعتبر ان الاجراء يعكس عدم الدراية بأهمية البنك المركزي والاستخفاف بدوره وبتأثيرات اقالة شخصية معروفة عالميا واعتبر ان هذا السلوك يبين عدم التصرف كرجال دولة تحسب الانعكاسات السلبية للقرارات المهمة وهو ما قد يرجح فرضية تصفية الحسابات.
واعتبر الاستاذ زهير بوشداخ ان انعكاسات قرار الاقالة ستكون سلبية خاصة ان السياسة النقدية كانت ناجحة.
وبيّن ان السياسة النقدية استنفذت كل وسائلها ولا يمكن تحسينها لذلك فان الاقالة غير مجدية.وتساءل الاخ سامي الطاهري حول اذا ما كانت الاقالة المحافظ محاولة من الحكومة لاقصاء رمز تدخل البنك الدولي وانها قد تريد ارسال اشارة الى هذه البنوك وهو ما اعتبره الاستاذ منجي المقدم سلوكا غير واضح لأن الحكومة اذا ما أرادت القطع مع المؤسسات المالية العالمية فعليها ان تواجهها بصفة مباشرة وتعلن ذلك وتتحمل النتائج.
ورأى الاخ سامي العوادي ان الهدف من الاقالة قد يكون البحث عن السيطرة عن البنك المركزي لأسباب سياسية، ذلك ان السيطرة عليه تسمح بتحويل أموال دون علم أحد لخدمة اهداف سياسية وإذ مازال الواقع لا يؤكد مثل هذه الفرضية فانها تبقى قائمة وتصبح سهلة التطبيق اذا ما وقع التفكير فيها وأما عن عدم لعب النابلي دورا نشيطا في الغاء المديونية فقد رأى الخبراء ان المسألة معقدة جدا وليست مجالا لرفع الشعارات لأن الغاء المديونية قد يكون ذا نتائج وخيمة وغير متوقعة. وفي الاخير دعا الاستاذ منجي المقدم الى ان تبتعد السياسة النقدية عن كل التجاذبات السياسية وان المهم هو الحفاظ على سياسة نقدية ناجعة مهما كان الشخص.
واعتبر الاستاذ معز العبيدي ان قراءة التاريخ تبين ان استقلالية البنك المركزي لم تحمل اي بلد إلى الإفلاس في حين ان هناك حكومات حملت بلدانها إلى الانهيار المالي كاليونان واعتبر ان النقد يرتكز على الثقة وان التلاعب بالنقد قد ينعكس سلبيا على الاقتصاد لذلك فان على المشرفين والمسؤولين ان يكونوا في مستوى المسؤولية.
واعتبر الاستاذ زهير بوشداخ ان استقلالية البنك المركزي يدخل في اطار الحوكمة الرشيدة والاصلاحات الجوهرية في جميع المجالات كالقضاء والاعلام. ودعا في الاخير الى دسترة استقلالية البنك المركزي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.