لم يكن غريبا عن الدكتور خليل الزاوية وزير الشؤون الاجتماعية في الحكومة المؤقتة مساهمته بشكل ايجابي وفعال في دفع المسار التفاوضي بين الحكومة والاتحاد، وهو الذي كان كاتبا عاما لنقابة الأطباء الجامعيين بالاتحاد العام التونسي للشغل وخاض عديد المحطات النضالية، وهي المفاوضات التي أفضت إلى إمضاء اتفاق الزيادة في أجور قطاع الوظيفة العمومية والمؤسسات والمنشآت العمومية يوم الأربعاء 15 أوت 2012 بنسبة قاربت 7٪، ولذلك اعتبر وزير الشؤون الاجتماعية أنها زيادة لم تحدث مطلقا في السابق وهي زيادة مهمة خاصة للأصناف الدنيا والمتوسطة، وفيما تعلق بقضية النقابيين المعتقلين في صفاقس أكد الوزير أن إطلاق سراحهم لم يتم تحت أي ضغط على الجهاز القضائي، كما أعلن أن وزارة الشؤون الاجتماعية بصدد تركيز مرصد مستقل للتمثيلية النقابية حتى يتم الحسم في مسألة التفاوض الاجتماعي. وأكد الدكتور خليل الزاوية عضو المجلس الوطني التأسيسي عن حزب التكتل للعمل والحريات على ضرورة دسترة حق الإضراب والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وخصوصا على مبدأ المساواة التامة والفعلية بين المرأة والرجل. تم امضاء اتفاق زيادة الأجور في قطاع الوظيفة العمومية والمؤسسات والمنشآت العمومية وبدأ التفاوض في القطاع العام بعد إمضاء الاتفاق الإطاري المشترك في القطاع الخاص، كيف كانت مجريات المفاوضات وما هي الصعوبات التي جعلت هذه الاتفاقات تتأخر نسبيا؟ صحيح أن المفاوضات دامت أكثر من 4 اشهر في حين أنه في السابق السابق مع حكومة بن علي دائما ما تنتهي المفاوضات الاجتماعية في شهر نوفمبر. التفاوض كان ضعيفا لأن الإطار لم يكن عاديا، الجانب الأولي انه تفاوض في زمن ما بعد الثورة وفي حالة انكماش اقتصادي وكذلك لان حكومة السبسي منحت زيادة لبعض القطاعات دون اتفاق مع اتحاد الشغل مثل الوزارة الأولى ووزارة أملاك الدولة والتراتيب البلدية مما دفع بباقي النقابات إلى المطالبة بالزيادة. وخلافا للسنوات الماضية حيث يقع التفاوض على نسبة معينة من الزيادة وجدنا أنفسنا في حالة تفاوض حول نسبة معينة من المنحة فاضطررنا إلى التفاوض حول تعميم صرف المنحة المقررة ب 70 دينار. وقد قُدرت التكلفة الجملية للزيادات بما قيمته 420 مليارا في حين أن كتلة الزيادة في الأجور السنوية لا تتجاوز 150 مليارا ولذلك أصرت الدولة على تقسيم هذه المنحة الضخمة على جزأين. وهذه الزيادة بنسبة 7٪ لم تحدث مطلقا في السابق وهي زيادة مهمة خاصة للأصناف الدنيا والمتوسطة. كما أن قطاع التعليم العالي بجميع أسلاكه هو بصدد التفاوض وسيتم تمكينهم من زيادات مهمة في مستوى مستحقات القطاع. سبق أن خضتم مفاوضات مع ممثلي المجتمع المدني بإشراف الاتحاد العام التونسي للشغل حول وضع الحوض المنجمي وتوصلتم إلى جملة من الاتفاقات فهل تم تفعيلها على أرض الواقع؟ الاتفاقات حاصلة في علاقة بالانتدابات وأيضا في ما يتعلق بشركات البيئة بالجهة، ونحن بصدد الاتفاق حول شبكة الأجور وانطلاق العمل الفعلي لهذه الشركات ستكون يوم 31 ديسمبر 2012 أما الملفات العالقة فأهمها قضية المتقاعدين من 1984 إلى 2000 الذين لديهم وضعيات تحت الدرس وكذلك إشكاليات التنمية في علاقة ببعض المؤسسات خاصة مثل معمل النسيج بالرديف وهو في حالة إفلاس وكذلك مركز النداء. خضتم مفاوضات فيما يتعلق بنقابيي مستشفى الهادي شاكر بصفاقس وفوجئ الرأي العام بتصريحات متضاربة تختلف عن نتائج جلسة التفاوض يوما قبل بدء الإضرابات الاحتجاجية في صفاقس ما حقيقة ما جرى، وهل أن النزاعات الشغيلة سيكون مصيرها أروقة المحاكم والتوظيف السياسي؟ فيما يتعلق بما وقع في المستشفى الجامعي الهادي شاكر بصفاقس حاولت وزارة الشؤون الاجتماعية تخفيض حدة التوتر حتى تأخذ القضية مجراها الطبيعي ودون الوصول لإيقاف النقابيين، رغم أن الإضرابات الجهوية برزت وكأنها ضد جهاز القضاء. في مرحلة أولى لم تنجح مساعينا لتهدئة الوضع وفض النزاع في المستشفى، ولكن بفضل تعاون وزارة الداخلية تمكّنا من تخفيض حالة التوتر وأخذ القضاء مجراه، وللعلم فأن إطلاق سراح الموقوفين جاء دون أية ضغوط على الجهاز القضائي. عبّر حزب التكتّل، وأنت أحد قيادييه، عن ترحيب بالمبادرة الوطنية للاتحاد فهل دافعتم عن تفعيل هذه المبادرة ضمن الفريق الحكومي؟ وكيف تنظرون إلى مستقبلها؟ نحن دافعنا عن تفعيل المبادرة الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل مع الحكومة، رغم ان مبادرة الاتحاد لا تتوجّه إلى الحكومة وإنّما إلى الأحزاب السياسية، وهي مبادرة عامة يجب أن تتجاوب معها كلّ الأطراف وخاصّة المجتمع المدني. المشكلة أنّ هذا التجاوب توقف عند المباركة ولم يتمّ تفعيل المبادرة. أتمنّى أن تتحوّل مبادرة الاتحاد إلى مبادرة تشاركية بين كلّ الأحزاب والمنظمات والجمعيات خاصّة مع العودة السياسية لأنّه كلّما اقتربنا من الانتخابات القادمة كلّما كنّا في حاجة إلى التمشّي الوفاقي بين مختلف الأطراف وعلى هذا الأساس مبادرة الاتحاد تساهم في تأمين هذا التوافق. كيف تتعامل الوزارة والحكومة عموما مع واقع التعدّدية النقابية؟ وهل هناك صيغة قانونيّة لضبط استكمال هذا التعامل؟ التعدّدية النقابية مبنية على أساس احترام تكوين النقابات مهما كانت، سواء المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل أو مستقلّة، كما أن الاتفاقات يتمّ إبرامها مع النقابات الأكثر التمثيلية سواء مركزيا أو محلّيا. أمّا من الناحية القانونيّة فإنّ مجلة الشغل تحسم الأمر لصالح النقابات الأكثر تمثيلية (الاتحاد العام التونسي للشغل) ونحن بصدد تركيز مرصد مستقل للتمثيلية النقابية حتى نحسم في مسألة التفاوض، وسنعتمد جملة من المقاييس الدولية في التفاوض من أهمها التمثيلية النقابية وشفافية النقابات من حيث أطرها ومنخرطيها ومؤتمراتها وخاصة من حيث نشاط النقابة لأنه من غير المعقول أن نتفاوض مثلا مع نقابة أغلب منخرطيها من المتقاعدين!. كما أننا سنستنير بالتجارب النقابية في العالم، فمن غير المعقول أن لا نتحاور مع بعض النقابات الأخرى التي تحوز على 5 ٪ مثل المغرب مثلاً. وأنتم وزيرا للشؤون الاجتماعية وعضوا بالمجلس التأسيسي ونقابي سابق هل ستدافعون عن دسترة الحق النقابي ومنه حق الإضراب دون قيد أو شرط وعن دسترة سائر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية؟ وكيف تنظرون إلى مشروع الدستور الذي قدّمه الاتحاد؟ بطبيعة الحال نحن ندافع عن حق الإضراب، و لأنّ الدستور يعطي التصوّر العام ثمّ في العقد الاجتماعي يمكن أن نفصل القوانين ونفعّلها بالاتفاق مع النقابات بناءً على الحوار، ونفس الشيء للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ونحن في كتلة التكتّل من أجل العمل والحريات دافعنا عن دسترة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وسنواصل الدفاع عنها. أما مشروع دستور الاتحاد العام التونسي للشغل فهي مبادرة مهمّة وغير غريبة عن منظمة عريقة ساهمت في حركة التحرير الوطني وفي بناء تونس الحديثة وكانت في الصفوف الأمامية لثورة 14 جانفي. وماذا عن دسترة حقوق المرأة خاصة بعد الجدل المثار أخيرا حول مبدأ المساواة؟ نحن في وزارة الشؤون الاجتماعية مع تطوير وضعية المرأة ودسترة حقوقها، وموقفنا في حزب التكتل مع المساواة التامة والفعلية في الجانب الاقتصادي وبالتالي المساواة في الأجر وعطلة الأمومة وفي الخطط الوظيفية وكلّ ما يحف بتطوير صورة المرأة التونسية، وقد شارك عدد كبير من مناضلات ومناضلي الحزب في الاحتفالات المقامة بمناسبة اليوم الوطني للمرأة وذكرى صدور مجلة الأحوال الشخصية التي نعتبرها مفخرة لكل التونسيين. تستعدّ مكوّنات المجتمع المدني لاحتضان تونس للمنتدى الاجتماعي العالمي في الثلاثية الأولى لسنة 2013 فكيف ستكون مساهمة وزارة الشؤون الاجتماعية في هذا الحدث العالمي؟ الوزارة ستكون المخاطب المباشر للمنتدى ونحن نرحّب بهاته المبادرة وقد ساهمنا في الاجتماع التحضيري المنعقد بالمنستير بالدعم المادي بما قيمته 100 ألف دينار كما ساهمت وزارة الثقافة بما قيمته 20 ألف دينار، الى جانب الدعم اللوجيستي الذي وفرناه لضيوف المنتدى. هناك تضارب في مواقف الحكومة من الشريك الاجتماعي، الاتحاد العام التونسي للشغل، سواء من بعض التصريحات أو بعض الممارسات هل مرد ذلك اختلاف تركيبة الحكومة؟ أم هو تكتيك لتبادل الأدوار؟ الحكومة ائتلافية وفيها أطراف تختلف مقاربتها في التعامل مع الاتحاد، ولكن السياسة العامة للحكومة تعتبر أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل شريك في المجال الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، أمّا من ناحية التصريحات فأعتقد أنها ملزمة لأصحابها، مع العلم أن بعضا من قيادات الاتحاد لديهم تصريحاتهم ومواقفهم المتضاربة بشأن أعضاء الحكومة وأدائها. كيف تفسرون عودة الاحتجاجات الاجتماعية رغم أن الوزارة أعطت الأولوية لمقاومة الفقر ورفعت في منحة العائلات المعوزة؟ الاحتجاجات الاجتماعية لديها عديد التفسيرات، والترفيع في منحة العائلات المعوزة وفي عدد المنتفعين بها ليست إلا إعانات بسيطة وهي لا تمثل مورد رزق دائم وأفضل حل هو خلق مواطن شغل. اليوم انتظارات التونسيين كبيرة من تفعيل الميزانية التكميلية في جانبها الاجتماعي والتنمية الجهوية لكن لم يتم تفعيلها خاصة في جانب الصفقات والدراسات ونتمنى قبل آخر السنة إتمام الميزانية لطمأنة المواطنين على مستقبلهم. ومن المقاييس التي تم اعتمادها في ما يعُرف بمفتاح التوزيع هي الفقر والبطالة ونسبة النمو المحلية، وبناء على قاعدة البيانات المتوفرة لدى الحكومة ستكون جهات القصرين وسيدي بوزيد وسليانة وقفصة وقبلي وجندوبة هم الأكثر حظا في الميزانية التكميلية. وربما ما عطل تفعيل البرامج التنموية والتدخلات الحكومية لفائدة المناطق التي تعاني التهميش والفقر هو أننا لم نجد دراسات من طرف حكومة ما قبل 14 جانفي كما أن حكومة الباجي قائد السبسي لم يكن لها الوقت الكافي لإعداد الدراسات حول آفاق التنمية. أشرفت وزارة الشؤون الاجتماعية على موائد الإفطار في شهر رمضان وهو عمل خيري دأبت عليه الدولة في السابق لكنه التبس بالتوظيف السياسي وهو ما يروج إلى اليوم خاصة في ظل ظهور عدد كبير من الجمعيات ذات الطابع الخيري والاجتماعي وينسب التوظيف السياسي أساسا إلى أحزاب الترويكا، ما صحة هذا القول؟ الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي هو الذي يقوم بموائد الإفطار ونحن كوزارة اخترنا هذه السنة أن نتابع ونراقب هذه الموائد بعيدا عن الأضواء والبهرج. ومثلا قمنا الأسبوع المنقضي وتحديدا ليلة 27 من شهر رمضان بختان عدد من الفتيان في المصحات التابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مجانا. بعد رمضان سنقوم مع الهلال الأحمر بتنظيم موائد إفطار قارة طيلة السنة حسب الإمكانيات ونتجنب التوظيف السياسي في مثل هذه الأعمال التي هي خيرية بالأساس . الجمعيات الخيرية التي توظف أعمالها لغايات سياسية لا دخل لنا فيها لأننا بكل بساطة نمثل مؤسسات الدولة. هذه السنة رصدنا 600 مليار للاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي تم صرف جانب منها في توزيع الإعانات على العائلات المتضررة من الفيضانات والثلوج الأخيرة. سبق أن صرحت في إحدى القنوات أن الأحزاب السياسية في الحكومة غير قادرة على توفير حلول جذرية لمشكلة البطالة والتفاوت الجهوي والفقر، ألا يناقض هذا الكلام ما طرحتموه في برامجكم الانتخابية؟ مسألة البطالة لن تحلها الأحزاب السياسية وإنما مشاريع الاستثمار، ومسؤولية الأحزاب تقتصر على تنمية وخلق الاستثمار. الأحزاب السياسية لا تنتدب المعطلين عن العمل وإنما الشركات والمؤسسات. وبوصفي مسؤولا في حزب التكتل من أجل العمل والحريات كنا واضحين ولم نذكر في برنامجنا الانتخابي أننا سنقضي على البطالة، بل قلنا نطور الاستثمار واقترحنا انتداب 50 ألف عون في الوظيفة العمومية ووقع بالفعل انتداب 25 ألف هذه السنة. تضاربت التواريخ بشأن الانتهاء من كتابة الدستور وكذلك بشأن موعد الانتخابات القادمة خاصّة أمام تأخّر إصدار قانون خاص بالهيئة العليا للانتخابات وغياب القانون الانتخابي، باعتباركم طرفًا في الترويكا الحاكمة هل من حق الشعب التونسي أن يعرف التاريخ الصحيح؟ أم أنّ هناك خلافًا بينكم حول هذه التواريخ؟ باعتباري قياديا في حزب التكتل من أجل العمل والحريات ألتزم بما اقترحه رئيس المجلس وما أقرّته الحكومة أي أن موعد الانتخابات يوم 20 مارس 2013 رغم أنّ الحكومة ليس من مشمولاتها تحديد موعد الانتخابات بل هي من مشمولات المجلس الوطني التأسيسي. بالنسبة إلى ما أمضته حركة النهضة وحزب التكتّل فالجميع ملزم بتاريخ 23 أكتوبر موعدًا نهائيّا لصياغة الدستور. فرغم الصراعات والاختلافات فاللجان التأسيسية أثبتت أنّها قدّمت جهدًا كبيرًا وسيتمّ إعداد المسودة في الآونة القريبة. يجب أن يكون دستورًا توافقيّا دون اللجوء إلى استفتاء بعد العودة من العطلة البرلمانية. كما ستتمّ مناقشة القانون المنظم للانتخابات، والمهم هو المحافظة على الجهاز الإداري وعدم توظيفه سياسيّا لكسب ثقة المواطنين. ونحن في حزب التكتل من أجل العمل والحريات لدينا مقترح عملي يتمثل في أن يتمّ التصويت من قِبَلِ كلّ عضو على 4 أعضاء فقط من جملة الأعضاء الثمانية المنتخبين للهيئة العليا المستقلّة للانتخابات.