مسعود الرمضاني ناشط حقوقي ورابطي تابع باهتمام كل التحركات الاجتماعية التي عرفتها بلادنا وشارك في عديد النشاطات الداعمة للحقوق ليس في بعدها السياسي فقط بل وفي بعدها الاجتماعي والاقتصادي. أسس بعد 14 جانفي صحبة مجموعة من النشطاء الحقوقيين والنقابيين المنتدى الاقتصادي والاجتماعي التونسي. ما هو المقصود بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية؟ عرفت حقوق الإنسان بصفة عامة ثلاث مراحل أساسية وهي مرحلة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أصدرته الأممالمتحدة سنة 48 والذي يهم أكثر الحقوق السياسية ثم جاءت مرحلة الستينات وهي مرحلة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ثم في مرحلة ثالثة جاءت الحقوق البيئية. وتعتبر الحقوق الاقتصادية من أهم المراحل التي عرفتها حقوق الإنسان عندما تم اعتبار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من الحقوق الأساسية. وكل هذه الحقوق مجتمعة تدل على أن الإنسان له أبعاد عديدة وحقوق عديدة ولا يمكن الاكتفاء بالحقوق السياسية أو الحقوق الاقتصادية بل إنها متكاملة. فالإنسان لا بد أن يتمتع بالحق في الشغل والحق في بيئة نظيفة والحق في الحرية والتعبير. وأريد هنا التأكيد على إن أصل الثورة كانت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فالذين تحركوا في الحوض المنجمي سنة 2008 كانت دوافعهم الأساسية هي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فضلا عن قضايا الرشوة والمحسوبية. كما مثلت ثورة سيدي بوزيد في ديسمبر 2010 و الدور الذي لعبه الاتحاد العام التونسي للشغل أبعاد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. ومن منطلق قناعاتنا تابعنا وساندنا منذ بداية سنة 2000 كل التحركات والنضالات النقابية من اجل الحق في الشغل وفي التنمية والحق في الأجر الأدنى والحق في الترسيم وفي هذا المجال التقينا والنقابيين في نفس الخانة وهي ضرورة اعتبار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من أهم الحقوق وكنا ضمن اللجنة الوطنية لمساندة الحوض المنجمي. تتخذ التوجهات الاقتصادية العالمية طابعا ليبراليا متناقضا مع الحق في الشغل فما هي طبيعة العمل من اجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في هذا الإطار؟ إن وجود المنظومة الليبرالية لا يعني أن نكف عن النضال ضدها. وللعلم فان المنتديات الاجتماعية العالمية (منها المنتدى الاجتماعي العالمي الذي ستستضيفه تونس خلال السنة القادمة) هي حركة مناهضة للعولمة ولليبرالية تحرك المجتمع المدني بكافة مكوناته من اجل مواجهة هول العولمة ومن اجل فرض الحقوق الأساسية للمواطن. فنحن لا نساير الليبرالية ونناضل ضدها وضد حكمها الوحشي وضد ما تسعى إليه من رفاه لمجموعة قليلة من الناس ونحن ضد مفهومها للشغل وضد مفهومها للبيئة ومفهومها للثقافة ومحاولتها خنق الثقافات مقابل إيجاد ثقافة. واحدة فنحن في المنتدى الاجتماعي والاقتصادي التونسي نبحث عن عولمة بديلة لو نتحدث عن المنتدى الاقتصادي والاجتماعي التونسي؟ المنتدى هو فكرة وجدت لدى مجموعة من الأشخاص تابعوا التحركات الاقتصادية والاجتماعية وكانوا ينشطون مع الاتحاد العام التونسي للشغل من اجل تحضير المنتدى الاجتماعي التونسي الذي كان جزءا من المنتدى الاجتماعي المغاربي و قد تم التحضير له بفضل مساندة اتحاد الشغل الذي سهل عديد الصعوبات. فهذه المجموعة التي كانت تنشط ضمن التحركات الاجتماعية والتي قامت بعديد التحركات رأت ضرورة وجود حقوقيين لا يكتفوا بالحقوق العامة والحريات بل يرون ضرورة الانتباه إلى أبعاد أخرى لحقوق الإنسان وأهمها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ولذلك فكرنا (أنا وعبد الجليل البدوي وعبد الستار بن موسى وعبد الرحمان الهذيلي وطارق بن هيبة وعدنان الحاجي ومجموعة أخرى) في أن نجتمع من اجل منتدى يكون همه الأساسي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية على اعتبار الحاجة إلى الحق في الشغل والحق في التوازن الجهوي وفي بيئة نظيفة. ونحن نشتغل كذلك على عديد القضايا الاجتماعية الأخرى مثل الهجرة السرية ونرجو أن يهتم الصحفيون بهذا الجانب الهام ولا أن يكتفوا بمتابعة الأحداث السياسية. كيف يقيّم المنتدى واقع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تونس؟ صراحة، هو تقييم سلبي في ظل وجود 800 ألف عاطل عن العمل وغياب التوازن الجهوي وعدم تحقيق مطالب العمال وعدم تطور البنية التحتية. ونحن لا ننفي أن تحقيق هذه الحقوق ليس سهلا ولكن أود التأكيد على أن هذه الحكومة إذا أرادت تحقيق مكاسب فلابد لها أن تتعامل مع المنظمات والجمعيات وعلى رأسها اتحاد الشغل لأنه أولا معني بهذه القضايا وثانيا هو طرف اجتماعي مهم ولا يمكن لهذه السلطة أن تتقدم قيد أنملة دون التعامل مع مكونات المجتمع المدني طفت مؤخرا ظاهرة الهجرة السرية فما هي جهود المنتدى وما هي الحلول المقترحة؟ لقد تفاقمت هذه الظواهر بشكل كبير جد حيث نشير الأرقام إلى هجرة قرابة 40 ألف شاب تونسي بصفة سرية منذ 2011 ومنهم شباب ساهم في الثورة ومن واقع فقدانه للأمل حاول الهجرة إلى أوروبا وقد أدت هذه الظاهرة إلى موت الآلاف وبعض العائلات لا تعرف مصير أبنائها إلى حد الآن ولنا تقارير في هذا الصدد سنصدرها قريبا. ونحن نتعاون مع الحكومة في هذا الملف من اجل تحديد الهويات بطرق متقدمة لان البصمة غير كافية ونحن نبذل كل الجهد.كما أننا نعمل من اجل واقع جديد إذ لا نريد أن تبقى تونس مجرد حارس للحدود الأوربية بل نريد قوانين جديدة تفرض حق الإنسان في الهجرة للبحث عن الشغل وحق الإنسان في اللجوء ونطمح إلى علاقات جديدة مع أوروبا بعيدة عن الدور القديم. ونطمح إلى التحقيق الجدي من اجل معرفة مصير أبنائنا. وعلى المدى البعيد نرى الحل في توفير الشغل وإمكانيات العيش الكريم وراحة البال ووضوح المستقبل وتوفير الأمل. ونطالب من الدول الأوروبية أن تحترم حق الهجرة وحق اللجوء وهذا لا يتم إلا بتصور جديد لعلاقاتنا مع الآخر. ما هي المحاور التي تستأثر باهتمام المنتدى في المرحلة المقبلة؟ تعبر الهجرة أهم المحاور و سنعمل على قضايا التشغيل والتنمية والبيئة وكل هذه التحركات والنشاطات تصب في إطار التحضير للمنتدى الاجتماعي العالمي. واعدننا تقريرا حول الأحداث. وعموما فان كل القضايا الاجتماعية تحظى باهتمامنا ولنا يوم السبت 17 نوفمبر تحرك في القيروان حول محورين وهما التشغيل والبيئة خاصة بعد الحديث عن الغاز الصخري الذي مس كثيرا الرأي العام الذي يطالب بمعرفة الحقيقة.