تمّ يوم الأحد 18 نوفمبر 2012 بدار الاتحاد الجهوي للشغل ببزرت تنفيذ المبادرة القاعديّة عدد 2 والتي كانت تتويجا لتدارس فريق العمل القاعدي GIB لواقع الحق في الإعلام في هذا الظرف الاستثنائي الذي تعيشه البلاد والذي يتميّز بأنّ البلاد وعن طريق نواب الشعب في المجلس التأسيسي بصدد نقاش ووضع اللّمسات الأخيرة على مشروع دسترة الحقوق والحرّيات العامة والفرديّة من ناحية ومن ناحية ثانية ما تعيشه البلاد في هذه الفترة من نقاشات ساخنة حول طرق تفعيل المرسومين عدد 115 الذي يتعلق بحرّية الإعلام وعدد 116 المتعلق بضبط هيئة تسيير للإعلام والقطاع السّمعي البصري بصورة عامّة خاصّة وأنّ السّمعة العامّة والانطباع السّائد لدى الغالبيّة من مكوّنات المجتمع المدني والسياسي أنّ هناك محاولات للالتفاف على هامش الحريات الذي فرضته ثورة 14 جانفي 2011 من طرف الأغلبيّة الحاكمة وداخل المجلس التأسيسي ومحاولات لتقييد هذه الحرّيات في مشروع الدستور المنتظر بربطها بلاءات وعبارات فضفاضة من قبيل المسّ بالأخلاق الحميدة والمقدّسات والأمن العام إلخ ... أكثر من 15 جمعيّة جهويّة ووطنيّة تعنى بالإعلام والحرّيات شاركت في هذا اللقاء من أبرزها الرابطة التونسيّة للدّفاع عن حقوق الإنسان والمعهد العربي لحقوق الإنسان وجمعيّة تحيا تونس والجمعيّة الوطنيّة للتنمية والمواطنة وجمعيّة المواطنة وجمعيّة حق الاختلاف وجمعيّة تنمية الديمقراطيّة المحليّة والاتحاد العام لطلبة تونس وجمعيّة المعطلين عن العمل ومجموعة من رموز الساحة الإعلاميّة تتقدّمهم النّقابة الوطنيّة للصّحفيين التونسيين والإعلاميّة في الإذاعة الوطنيّة السيدة بثينة قويعة وبعض المديرين الجهويين للإذاعات الذين استقالوا احتجاجا على محاولات الهيمنة السياسيّة 'إذاعة الكاف مثالا) والصّحفيّة المعروفة وطنيّا السيدة نزيهة رجيبة «أمّ زياد» والنّقابة العامّة للثقافة والإعلام وأعضاء المجلس التأسيسي عن جهة بنزرت الذين اعتذروا في آخر وقت لالتزامات في المجلس وطلبوا مدّهم بالتقرير العام لاعتماده في دفاعهم عن حرّية الإعلام داخل قبّة المجلس التأسيسي الى جانب عشرات النّقابيين الذين ينشطون في جمعيّات وأحزاب تدافع عن الحق في الإعلام وحرّيته وأعضاء المركزيّة النّقابيّة الذين حضر منهم الأخ قاسم عفيّة الأمين العام المساعد المكلّف بالعلاقات الخارجيّة وممثلين عن المجلس العلمي برنامج DROUCE ممثلين في السّيدين سامي العوادي ومنجي عمامي كما حضر اليوم الأخ الكاتب العام للاتحاد الجهوي ببنزرت بشير السّحباني وكافة لأعضاء المكتب الجهوي المنتخب حديثا. فعاليات اليوم: مباشرة بعد الافتتاح الرّسمي لفعاليات اليوم التي تكفل بها كلّ من المنشط محمد الطيب المناعي بحضور كافة أعضاء الفريق القاعدي الذين تولوا الإعداد والتنفيذ والذي وضع اليوم في إطاره معرفا بمراحل برنامج «دروس « ومذكرا بالنشاط الأول الذي تمّ بمدينة منزل بورقيبة بتاريخ 22 فيفري 2012 ثمّ تولّى الأخوان بشير السحباني وسامي العوادي تنزيل هذا البرنامج وهذه الندوة في إطار سعي الاتحاد إلى تطوير قدراته التأطيريّة وإسناده المجتمع المدني في الدّفاع عن مدنية الدولة وبعدها الاجتماعي وتحقيق أهداف الثورة. إثر ذلك توزّع المشاركون على ورشتين تولّت الأولى تدارس المرسوم عدد 41 المنقح بالمرسوم عدد 54 والخاص بالحق بالنفاذ إلى المعلومة والوثائق الإداريّة للهياكل العموميّة وورشة ثانية تناولت المرسومين عدد 115 و116 المتعلقتين بحرّية النّشر والهيئة الخاصّة بالقطاع السّمعي البصري وقد دار النّقاش في كلتا الورشتين بروح عالية من الاحترام وكانت المداخلات ثريّة ونوعيّة خاصّة وأنّ الحضور كان أغلبه من المختصّين والجمعيّات الناشطة في مجال الحرّيات. وفي الجلسة العامة تمّت تلاوة التقريرين حيث أكد تقرير الورشة الأولى الخاص بالمرسوم عدد 41 على خطورة التقييدات التي وردت بالفصل عدد 17 والفصول 18 و19 حول ربط الوصول بالمعلومة بموانع من قبيل الأمن العام واستقلال البلاد وغيرها من العبارات الفضفاضة التي يمكن أن تكون لاحقا مدخلا قانونيا لمنع الوصول إلى المعلومة وطالب المشاركون أن يكون مبدأ النّشر هو الأساس في حين تبقى الموانع التي يحب أن تكون منصص عليها بدقة استثناء كما أثار التقرير إلى ما حدث في المؤسسات العموميّة المختصّة في المعلومة (المعهد الوطني للإحصاء) الأرشيف الوطني والتوثيق من تعيينات حزبيّة على رأسها الشيء يمكنها من التحكم والتلاعب بالأرقام وطالب المشاركون بإلغاء خطط من قبيل المدير العام في المعهد الوطني للإحصاء لأنّ هذه الخطّة تعدّ مدخلا للسلطة السياسيّة للتلاعب بالأرقام وتطويعها حسب مصالحها لتضليل الرّأي العام ومغالطته. أمّا في الورشة الثانية التي تولّت دراسة المرسومين عدد 115 وعدد 116 فقد ركز التقرير المحوصل لمجمل النّقاشات على واقع الإعلام قبل 14 جانفي المتميّز بالتزييف والتغطية على واقع البلاد. فبعد 14 جانفي الذي شهد محاولات جادّة وملموسة للقطع مع الماضي وذلك بحلّ وكالة الاتصال الخارجي وكتابة الدّولة للإعلام والتوجه نحو الهيئات التعديليّة ومن بينها الهيئة العليا للإعلام التي تمّ بعثها في مارس 2011 والتي تولّت إعداد مراسم حول الإعلام وهي المراسم عدد 41 وعدد 115 وعدد 116 والتي استفادت من نصوص مقارنة بالتعاون مع النّقابة الوطنيّة للصّحفيين والنّقابة الوطنيّة للثقافة والإعلام والتي واجهت صعوبات في التواصل مع نقابة المؤسسات الإعلاميّة وأشار التقرير على البطء المقصود في تفعيل هذه المراسم 115 و116 والذي حال دون إحداث هيئة منح بطاقة الصّحفي المحترف، كما أشار التقرير إلى وجود بعض الثغرات في المرسوم عدد 115. أمّا بالنّسبة للمرسوم عدد 116 فإنّ تعطيل صدوره تمّ أساسا من طرف نقابات أصحاب المؤسسات الإعلاميّة لكن بعد إضراب 17 أكتوبر الذي سجل نجاحا باهرا أعلنت الحكومة على قبولها بتفعيل المرسومين 115 و116 وباركت هذه الخطوة رئاسة الجمهوريّة وبادرت باستدعاء المعنيين بهذا الملف تحت شعار «مصلحة البلاد» مع تغييب الهيئة التي أعدّت المشروع وهو أمر غير مفهوم وتطرق المشاركون إلى مسألة الهيئة العليا للإعلام والهيئة العليا للإعلام السّمعي البصري هل هي هيئات مؤقتة أم هيئات دائمة وعن شروط ضمان استقلاليتها وحيادها ومواردها الماليّة. وعلى إثر المصادقة بالأغلبيّة على التقريرين تمّ المرور إلى الجزء الثاني من النّدوة والمتمثل في الشهادات الميدانيّة والمائدة المستديرة. شهادات قدّمت السّيدة بثينة قويعة شهادة مفصّلة عن واقع الإذاعة الوطنية والإذاعات الجهويّة بعد إقالة المدير العام الحبيب بلعيد وتسمية «فنّي في الكهرباء» على رأس الإذاعة الوطنيّة والذي جاء لتصفية حسابات حزبيّة مع خيرة الصّحفيين الذين قدموا الكثير للإذاعة والذين لم يكونوا في صف المخلوع أو على الأقل يشهد لهم بالاستقلاليّة والحياد طوال حياتهم المهنيّة واعتبرت أنّ محاولات تصفيتهم ووضعهم في «الفريقو» باعتبارهم العقبة الكبيرة أمام تدجين المؤسسة وتحويلها إلى مؤسسة حكوميّة عوض مؤسسة عموميّة. وأشارت إلى تصفيتها شخصيّا من طرف المدير العام الجديد على إثر إقدامها على تنظيم ملف حول التعيينات في الإعلام مؤكدة أنّها ليست الوحيدة وأنّ مؤسسة الإذاعة الوطنية تتعرّض إلى تصفية سياسيّة تهدف إلى إزاحة كلّ نفس مستقلّ للسيطرة على الخط التحريري وتطويعه لخدمة أهداف الحزب الحاكم وقد تقبّل الحضور من جمعيّات وإعلاميين بشيء من البهتة ومن الفظاعة وحجم ما يتهدّد الإذاعة الوطنيّة وعبّروا عن مساندتهم المطلقة للمذيعة المعروفة وأكدوا على وقوفهم اللاّمشروط إلى جانبها وجانب زملائها. السيد مبروك المعشاوي تحدّث بإطناب عن ظروف العمل الطيبة والديمقراطيّة التي كان يعمل فيها مع المدير العام المقال السيد الحبيب بلعيد مذكرا بأنّ تلك الفترة شهدت تسييرا ديمقراطيّا لأوّل مرّة في تاريخ المؤسّسات الإعلاميّة العموميّة وشهدت محاولات جدّية وبنّاءة لإصلاح هذه الإقالة المفاجئة للسيد الحبيب بلعيد وتعيين شخص لا علاقة له بالإعلام كإعلامي باعتباره (فنّي في الكهرباء) خاصّة ونحن بصدد المؤسّسة الوطنية الأعرق الإذاعة الوطنيّة، دفعته إلى جانب 4 من المديرين الآخرين للاستقالة احتجاجا على التوجه الحزبي في هذا التعيين دون معايير ولا مشاورة مع الأطراف النّقابيّة الممثلة للصّحفيين وأكد أنّ استقالته لهاته الأسباب ولأسباب أخلاقيّة ولرفضه التعيينات الحزبيّة في قطاع الإعلام العمومي مؤكدا عن الطابع الاحتجاجي لاستقلالية زملائه. الشهادة الثالثة قدّمها رئيس حزب صوت الفلاحين الذي تعرض لمظلمة من التلفزة الوطنية 1 يوم 09 نوفمبر 2012 حيث وقعت دعوته لحضور ملف حواري حول موسم الزيتون بحضور السيدين وزير الفلاحة ورئيس الاتحاد الوطني للفلاحين. وأكد السيد فيصل التبيني أنّه قطع مئات الكيلومترات لحضور هذا الملف للدّفاع على وجهة نظر الفلاحين لكنّه فوجئ بمعدّ البرنامج يعلمه أنّه وقع الاستغناء عن حضوره لأنّ السيد وزير الفلاحة لا يرغب في حضوره وهو ما أدهش السيد التبيني باعتبار التلفزة الوطنية ليست ملكا للسيد وزير الفلاحة وهي قناة حرّرتها التلفزة. الزميلة نزيهة رجيبة استهلّت حديثها عن تجربتها حيث انتمت إلى مجموعة تنشط في مجال المعلومة ودافعت على عديد الوجوه السياسيّة من بينهم الإسلاميين حيث أكدت أنّها جعلت من السّيد رئيس الحكومة الحالي حمادي الجبالي مسوّقا لسجين الإعلام باعتباره كان آنذاك رئيس تحرير جريدة الفجر الناطقة باسم حركة النهضة وبيّنت أنّ الحكومة المؤقتة الأولى حاولت السيطرة على الإعلام لكنّها لم تكن قادرة على ذلك لفقدانها الشرعيّة وانفلت الإعلام وأخذ مساحات هامّة من الحرّية. لكن بعد انتخابات 23 أكتوبر بدأت الهجمة على الإعلام ومحاولات تدجينه عبر التعيينات و»الشيطنة» من خلال اتهام الإعلام بأنّه «يصبّ الزيت على النّار». شهادة الزميل زياد الهاني تعلقت عن الحق في الوصول إلى المعلومة التي نص عليها المرسوم عدد 41 ذاكرا حادثة عاشها شخصيّا بوصفه عضو النيابة الخصوصيّة لبلديّة قرطاج حيث طالب مواطن بعض المعلومات عن بناء فوضوي ففوجئ بمطالبته بترخيص من الحكومة التونسيّة باعتبار أنّ هذا الأخير أصدر منشورا يحجّر فيه إعطاء المعلومة إلاّ بإذن من مسؤول في الدولة أقلّها والي وتكرّرت هذه الممارسة مع بعض الصحفيين عندما طلبوا معطيات استخلاص المواطن للأداءات البلديّة وأكد زياد الهاني أنّ لا معنى أصلا للمرسوم عدد 41 في ظلّ هذه التعقيدات والتراخيص التي تمنع عمليّا الوصول إلى المعلومة وتعقدها لتستحيل في غالب الأوقات. في شهادته أكد الأستاذ سامي العوادي أنّ الباحث بصورة إجماليّة في تونس يُمنع بشتى الوسائل من حقه في النّفاذ إلى المعلومة وبالتالي فإنّ هذه التعقيدات وهذا المنع هو المدخل الرئيسي لحرمان البلاد من قدرات ومؤهّلات الباحثين التونسيين وتحرم البلاد من فرص الاستفادة من بحوث كوادرها الوطنيّة وهو جريمة في حق الوطن. فسرّية الدّراسات وما لفها من فساد تحجب المعلومة فمثلا منع الاطلاع على معدل تهاطل الأمطار والثلوج يمنع وضع خطط علميّة للتدخل لحماية المواطنين وممتلكاتهم وهو يسمح بحدوث الكوارث مثل ما حدث السنة الفارطة في جهة الشمال الغربي وبوسالم. كما أنّ سرّية نسب النّمو وما يلفها من غموض وتضارب في الأرقام هو ضرب للحرّيات الأكاديميّة. واعتبر الأستاذ سامي العوادي الحق في النّفاذ إلى المعلومة أم الحرّيات وهو يتطلب استقلاليّة المؤسّسات المنتجة للمعلومة وفق المعايير الدوليّة ودعا إلى إحداث مجالس إدارة والاستغناء عن خطّة مدير عام وأكد أنّ الحق في النّفاذ إلى المعلومة هو حق من ضمن الحقوق الأساسيّة يجب دسترته وأنّ حجم المعلومة يمثل تعدّيا عن حقوق المواطن. ولم يفوّت الأستاذ العوادي الفرصة ليحيي رموز الإعلام والمجتمع المدني والاتحاد الجهوي على مشاركتهم النّشيطة في فعاليات هذه النّدوة في يوم راحتهم الأسبوعيّة وأكد على التزام الاتحاد بالدّفاع على الحقوق كاملة دون استثناء وعلى انحياز المنظمة إلى جانب حرّية التعبير والنّشر والإعلام العمومي وقد أبدى الحضور إعجابا كبيرا بعمق الأمثلة التي قدّمها صاحب الشهادة وأثنوا عليها. وفي حصّة الاختتام الرّسمي تمّ فسح المجال لبعض التدخلات من الحضور والتي جاءت في صلب الموضوع ليفسح المجال للأخ الأمين العام المساعد المسؤول عن العلاقات الخارجيّة وعضو هيئة دروس الأخ قاسم عيفية الذي أثنى على النّجاح الباهر لهذا اليوم نوعيّا وكمّا ولاحظ أنّ الاتحاد اليوم أثبت أنّه قادر على قيادة قاطرة المجتمع المدني من أجل الدولة المدنية الاجتماعية. واختتم المنشط الطيب المناعي بروح مرحة بتجديد شكره للحضور وأثنى على دقة وثراء مقترحاتهم التي تعهد بتسليمها لقسم الدّراسات والأعضاء المجلس التأسيسي.