بعد مسرحية «صانع الحكايا» ستقدم شركة «فنار» للفنون الركحية والدرامية التي أسسها نزار السعيدي ويوسف مارس منذ سبتمبر 2009 ستقدم عملا جديدا بعنوان «ناس» وهي مسرحية مقتبسة عن الرصيف الغربي لبرنار ماري كولتاس، أخرجها نزار السعيدي وكتب نصّا وليد الدغسني وشارك في تمثيل شخصياتها كل من يوسف مارس وفيروز بوعلي وصابر العراكي وسحر الرياحي ووليد بن عبد السلام وتوماضر الزرلّي وحسّان المرّي والسعدي زيداني وهذه المسرحية مثلما يقدمها منتجوها، تتنزل في إطار السياق العام الذي نعيشها اليوم، ومسرحية «ناس» تتناول محور التهميش بوصفه ممارسةً حياتيةً تنتهجها عدّة مؤسسات داخل المجتمع بداية من مؤسسة العائلة وصولا إلى السلطة، والمسرحية لا تقدم المهمّش فقط باعتباره ضحيّةً فعل بل يلعب هو دورا مهمّا في بعض الأحيان في تهميش نفسه عن غير وعي انخراطا منه في نظام مهيكل يضع حدود صلاحياته ونواميس حياته من خلال تداخل الحق والواجب كثنائية تنظم حياة الأفراد. وفي ناس يترك المهمّش الهامش ويتحوّل إلى مركز للفعل ومولّد له ليقدّم مشاريعه وطموحاته وتطرح المسرحية الصراعات التي تتولّد من صراع بين الأجيال/ الجنس/الحلول وتتجلى الفردانية حلّا لجميع الشخصيات وهو ما يؤزّم الوضع. أما من الناحية الجمالية فتقدّم مسرحيّة «ناس» طرحا جماليا ينبني على استثمار قدرات الممثّل الجسدية والفكرية وما يضيفه إلى النصّ الدرامي انطلاقا من معيشه اليومي ورؤيته الواعية لإشكالية العمل، ويساهم الممثّل في المسرحة في بناء خطاب جمالي لفرجة حيّة تجعل من الحدث يُعاش وكأنه للمرّة الأولى بحثا عن صدق يجمع بين المتفرّج والمادّة المقدّمة دون إهمال بقيّة عناصر العرض الأخرى خاصّة السينوغرافيا كمشهدية للعرض تغطّي الصورة الخارجية للعرض والتي حاول فريق المسرحية تصميم إضاءة خاصة ترتبط بالحدث الدرامي وتؤطّر زمانه ومكانه كذلك الملابس تم توظيفها بشكل يجعل منها مكملا للشخصية في جانبها الخارجي وكذلك كان الفضاء رماديا وخاليا تماما كواقع الشخصيات الذين يتحركون بين جنباته... مسرحية «ناس» تقترب من الوجع اليومي للمهمشين دون أن تسقط في الشعبوية والمباشراتية المقيتة التي تفقد العمل المسرحي حراكه الإبداعي وعمقه الجمالي، وهي مسرحية جديرة بالمشاهدة أكثر من مرة.