لقد ساهم المهاجرون التونسيون في بناء البلدان الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية وليس من المعقول أن يقع التعامل معهم بالجحود غير هضم حقوقهم هذا ما أكّده الأخ حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل خلال الندوة الوطنية حول الهجرة التي نظّمتها وزارة الشؤون الاجتماعية يومي 26 و27 ديسمبر 2012 تحت عنوان: «السياسة الوطنية للهجرة: الرهانات والآفاق». وبيّن الأخ الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل أنّ الطلب على اليد العاملة ارتفع في أوروبا بعد الحرب فتمّ الإعتماد على اليد العاملة التونسية وبلدان المستعمرات عموما لإعادة بناء أوروبا. غير أنّ السياسات الأوروبية أخذت تتغيّر مع بداية الثمانينات واتّجهت نحو الحدّ من الهجرة وغلق الحدود بالحواجز الأمنية مقابل اعتماد الهجرة الانتقائية التي تستهدف الكفاءات والأدمغة التي أخذت تستنزف الرصيد البشري الكفء لبلداننا رغم أنّ هذه الأدمغة قد كلّفت تونس أموالا طائلة. واعتبر الأخ حسين العباسي أنّ هذه السياسات تعتبر نكرانًا لمجهود مئات الآلاف من العمّال. ووضّح الأخ الأمين العام أنّ بلدان أوروبا تتحمّل جزء من المسؤولية عن تفاقم البطالة والفقر وتراجع اقتصادنا لأنّها كانت تدعم أنظمة دكتاتورية تؤمن لها مصالحها الاقتصادية على حساب خيراتنا. ودعا الأخ الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل إلى ضرورة مراجعة مفهوم الشراكة مع أوروبا بما يرعى مصالح الطرفين ويحفظ حقوق المهاجرين. كما دعا إلى التّعجيل بإرساء سياسة تنموية عادلة والتبنّي الواضح والصريح لإتفاقيّة الأممالمتحدة لحماية حقوق المهاجرين لسنة 1990 واتفاقيات منظمة العمل الدولية 97 و43 وهو ما يسيقوى جابنا في الدفاع عن جاليتنا. وذكر الأخ الأمين العام حسين العباسي بدور الاتحاد في دعم مطالب المهاجرين بالتعاون مع جمعياتهم وهو ما حقّق خطوات مهمّة لبعث الشبكة الأورومتوسطية للهجرة. ورجاء الأخ العباسي أن تكون الندوة بادرة لحوار وطني حول الهجرة. كما طالب بإلغاء الأمر 2948/2010 الذي يسمح للشركات الخاصة بالبحث عن فرص العمل بالخارج وطالب بأن تكون هذه المهمّة مقتصرة على وكالة التعاون الفني. ولاحظ الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل غياب المهاجرين والجمعيات التي تمثّلهم وهو ما يعتبر نقيصة للندوة. وفي افتتاحه للندوة ذكر السيد حمّادي الجبالي رئيس الحكومة المؤقتة أن الحوكمة الرشيدة للهجرة تكون عبر تشريك كافة المكونات الفاعلة فيها معتبرًا أنّها قناعة راسخة لدى الحكومة المؤقتة تطمح إلى إرساء سياسة وطنية جديدة للهجرة تطرح رؤية شموليّة كما تسعى إلى تأسيس شراكة مع الخبراء وممثلي المجتمع المدني لضمان نجاعة هذه السياسة. وأقرّ الجبالي أنّ مجهودات الدولة تبقى في حاجة إلى مجهود قوي من جمعيات التونسيين بالخارج المجتمع المدني ودعا إلى ضرورة تشبيك الجمعيات لمزيد تفعيل تدخلاتها. وكان كاتب الدولة لشؤون الهجرة قد ذكر في كلمته المضطربة والتي ملأتها أخطاء أصلحها أمام الجميع أثناء قراءتها انّ الأصل هو حرية التنقل وأنّ الهجرة نتيجة لعوامل ذات أبعاد متعدّدة ليستنتج بعد ذلك ضرورة الحدّ من الهجرة غير الشرعية لأنّها ضارة. وأشاد كاتب الدولة بدور المهاجرين الذين تحمّلوا مسؤوليتهم كاملة في الدفاع عن مصالحهم عبر خلق الجمعيات والمدارس. وتحدّث كاتب الدولة بصفته «تكنوكراطيا» عن دور المهاجرين في وضع استراتيجيا للهجرة. وعن ضرورة تحليل الظاهرة من أجل الحلول.