أكد الأخ حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل أن الدستور التونسي لما بعد الثورة يجب أن يتوجه نحو دولة مدنية ديمقراطية اجتماعية وأن يدافع عن قضاء عادل ومستقل واعلام حر. واعتبر الأمين العام أن مسودة الدستور التي حضرها المجلس الوطني التأسيسي تحتاج الى اعادة صياغة وهي لا ترتقي الى مستوى آمال وتطلعات الشعب التونسي. كان ذلك في الندوة الوطنية التي نظمها قسم التشريع والنزاعات باشراف الاخ مولدي الجندوبي الامين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل يوم الأربعاء 23 جانفي تحت عنوان «أي دستور نريد» وحضرها عدد من أعضاء المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد ورؤساء الأحزاب والمنظمات الوطنية ورئيس المجلس الوطني التأسيسي وعدد من أعضاء المجلس اضافة الى حقوقيين ونقابيين وجامعيين وممثلي مختلف وسائل الاعلام. وذكر الأمين العام في كلمته التي ألقاها بأن اطارات الاتحاد العام التونسي للشغل قاموا بصياغة مشروع دستور وعرض على مؤتمر طبرقة وتم تبنيه، ومن ثمة تم تقديمه إلى المجلس الوطني التأسيسي وكان هناك تفاعل مع هذا المقترح. وأضاف الأخ العباسي «كنا ننتظر أن نجد أثرا لمشروعنا الجاد الذي ثمنه أهل الاختصاص ومختلف مكونات المشهد، في مسودة الدستور الا أننا وجدنا فيها نقائص كبيرة في المجالين الاجتماعي والاقتصادي وغابت عنها عديد الحقوق ولقد وجدنا ثغرات كبيرة في حق الاضراب، وقال «نريد مأسسة الحوار الاجتماعي وضمان الحق النقابي والحق في الضمان الاجتماعي». الوفاق والمواعيد السياسية من جانب آخر دعا الأمين العام الى ضرورة الاسراع في تحديد المواعيد السياسية القادمة و ايقاف العنف المتواصل ضد المنظمات والأحزاب والاسراع في حل هيئات حماية الثورة، معتبرا تواصل العنف معرقلا للتوصل الى وفاق في هذه المرحلة. وأكد أن الاتحاد سيقوم بتفعيل مبادرته وسيتم الاتصال مجددا بالأحزاب والمنظمات والشخصيات الوطنية من أجل خلق وفاق وطني يخرج البلاد من وضعها الراهن وقال «الاتحاد قوة خير وقوة اقتراح من اجل الوصول للتوافق». وفي مداخلته، أكد مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي على أن من ينكر الدور التاريخي للاتحاد العام التونسي للشغل في بناء الدولة الوطنية أو في مرحلة اشتعال الثورة ومن ثمة خلق وفاق سياسي بالبلاد هو جاحد، مؤكدا أنه تم الأخذ بمشروع الدستور الذي حظره الاتحاد العام التونسي للشغل. وأوضح بن جعفر بأن البلاد تحتاج الى خاطرة طريق سياسية واضحة وأوسع مجال للتوافق مؤكدا على دور الاتحاد في الوصول الى الوفاق داعيا المنظمة الشغيلة للم شمل الأحزاب من أجل التوصل للاتفاق المنشود، مذكرا بمشاركة حزب التكتل في مؤتمر الحوار الوطني الذي نظمه الاتحاد. دفاع عن المسودة أما في ما يخص مسودة الدستور التي صاغها المجلس الوطني التأسيسي، أكد بن جعفر أنها تمثل مشروع «دستور ديمقراطي ويسعى الى تحقيق الأهداف الثورة». ولكن بن جعفر نبه أيضا قائلا « لا يجب التغافل عن انتقاد المسودة، ولا يجب أن ننسى أنه لأول مرة في تاريخ تونس يشارك الجميع في صياغة هذا الدستور، بالمقترحات بالكلمة وبالتظاهر» وأضاف أن هذه المسودة «تتوافق مع مقترحات الاتحاد العام التونسي للشغل وأهدافه». وأشار بن جعفر الى أن المسودة الثانية تعتبر أكثر نضجا من المسودة الأولى، ولكنها تحتاج الى مراجعة جدية في عدة نقاط كالتبويب وتجنب التناقضات والتكرار بين باب واخر، وهي مهمة المرحلة الأخيرة وقال «حان الوقت لتدخل الأساتذة في القانون الدستوري». مداخلات قيمة وتدخل في الندوة عدد من المختصين في القانون الدستوري، فحاضر الأستاذ شفيق صرصار حول مبادئ الدولة في مشروع مسودة الدستور محذرا من الغموض في المبادئ التي تؤجج الخوف من عودة التأويل الاستبدادي للدستور، كما تدخل الأستاذ محمد القاسمي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والأستاذة اقبال بن موسى حول السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما ، كما ألقى الأستاذ مصطفى بن لطيف مداخلة تمحورت حول «قرائة في باب السلطة المحلية». وحذر المتدخلون من النقائص الكبيرة التي تشوب مسودة الدستور التي تمت صياغتها بالمجلس الوطني التأسيسي ونبه المشاركون في الندوة الى ضرورة اعادة قراءة هذه المسودة وتعديلها وتلافي عدة نقائص بها.